استطاع الشاب "سماح أبو راس" أن يحجز لنفسه مكانة متميزة في طريق العلم بانتمائه خلال سنواته الدراسية إلى "الفريق الوطني للأولمبياد العلمي السوري للرياضيات"، وفي طريق الفن عبر إبداعه على آلة الكمان استحقّ التكريم من قبل وزارة الثقافة والمجتمع الأهلي بتسليمه آلة كمان عمرها 270 عاماً وليكمل مسيرته في طريق الفن.

"مدونة الموسيقا" التقت العازف الشاب "سماح أو راس" أثناء تدربه في دار الأوبرا وجاء حوارنا معه بقوله: «بدأت العزف على آلة الكمان عندما كنت في السابعة من العمر واخترت الكمان عند انتسابي لمعهد صلحي الوادي بإشراف أساتذتي الذين وجدوا أن أذني الموسيقية تتناسب بشكل مطلق مع هذه الآلة رغم أنني بدأت العزف على آلة البيانو عندما كنت في السادسة من العمر، وبالتدرب على العزف في المعهد تطورت موهبتي الموسيقية».

رِحلَتُهُ مَع الأولمبياد العِلميّ السّوريّ

كان "سماح" أحد طلاب الأولمبياد العلمي السوري وحول تجربته يقول: «عشقت مادة الرياضيات ولطالما كنت مولعاً في حل المسائل لذلك خضت منافسات الأولمبياد العلمي السوري في مادة الرياضيات واجتزت مراحل المدارس والمناطق والمحافظات ووصلت إلى المنافسات النهائية على مستوى القطر واجتزتها لأنضم إلى عائلة الأولمبياد العلمي السوري في شهر "كانون الثاني" عام ألفين وتسعة عشر وشاركت في معسكرات وملتقيات الأولمبياد العلمي السوري وتعلمت فيها المزيد من الرياضيات، وانتهت مسيرتي معهم في نهاية عام ألفين وعشرين للتفرغ للشهادة الثانوية العامة الفرع العلمي حيث اجتزتها وأدرس حالياً في السنة التحضيرية للكليات الطبية».

1- سماح أبو راس أثناء التدريب في المعهد العالي للموسيقا

عِلمٌ وفَنٌّ

2- سماح أبو راس أثناء استلامه آلة الكمان الهدية من وزارة الثقافة

وحول الموازنة بين التعلم والعزف وارتباطهما معاً يكمل "سماح" بقوله: «لا يمكن ان أعتبر العزف عائقاً أمام التعلم بل على العكس الموسيقا تمدُّني بالطاقة الإيجابية والروح العالية لأشحذ هممي وأخوض السبيلين معاً، العزف على آلة الكمان أمر في غاية الروعة مهما كان المكان الذي أعزف فيه ولكن بلا شك كانت مشاركاتي في العزف ضمن فعاليات هيئة التميز والإبداع أمراً مميزاً ورائعاً لأنه يحمل رسالة مغزاها أن العلم والفن ليسا متناقضان بل كل منهما يكمل الآخر فكان شعوري لا يوصف».

مُشَاركَاتٌ متميّزة

بالإضافة إلى مشاركته في فعاليات هيئة "التميز والإبداع" كانت لسماح المولود في "جرمانا" عام 2003 مشاركات موسيقية أخرى متميزة يحدثنا عنها بقوله: «كنت عضواً في أوركسترا معهد صلحي الوادي بقيادة المايسترو "أندريه معلولي" منذ عام ٢٠١٧ وحتى عام ٢٠١٩ وشاركت معه في معظم الحفلات أهمها في دار الأوبرا على مسرح الدراما عام ألفين وسبعة عشر، وشاركت مع أوركسترا الموسيقى العربية بقيادة المايسترو "عدنان فتح الله" عام ألفين وخمسة عشر، وكانت لي مشاركة في حفل بدار الأوبرا بإشراف الموسيقي "يفغيني لوغيوف" عام ٢٠١٢، وشاركت في حفل تكريم المتفوقين الأول على مستوى "سورية" الذي أقيم بدار الأوبرا في شهر آب عام ٢٠١٦، وكانت لي مشاركة أخرى في المركز "الوطني لتطوير المناهج" في شهر شباط عام ٢٠١٧، وفي مخيم شتوي للأطفال الموهوبين الذي أقيم في "بيلاروسيا" خلال شهر كانون الثاني من عام ٢٠١٨، وكذلك كنت أحد المشاركين في مشروع "يافعين مبدعين" الذي أقيم في المركز "الوطني للفنون البصرية" عام ٢٠١٩».

3- على إحدى المسارح العالمية

"كمنجة ألمانيّة" تكريماً له

تم تكريم "سماح أبو راس" في شهر أيلول من عام ٢٠٢٠من قبل وزارة الثقافة برعاية بنك "الشرق" وجمعية "صدى" ودار الأوبرا والقطاع الأهلي حيث تم إهدائه آلة كمان يعود تاريخ صناعتها إلى ٢٧٠ عاماً وحول ذلك يقول: «هذه الآلة النفسية ليست بقيمتها المادية وإنما بقيمتها المعنوية وهي أمانة بين يدي وسأحافظ عليها لأنها ملازمة لروحي فبدونها أصبح بلا روح، هذا التكريم ظاهره مادي وباطنه معنوي لأنه دفعني إلى مواصلة الدرب». حيث تمثل التكريم بشراء كمان صنع عام 1750 في ألمانيا بهدف تشجيعه وصقل موهبته ليغدو مستقبلاً من أهم عازفي الكمان في "سورية".

رأيٌّ موسيقيُّ

المايسترو "أندريه معلولي" المدير العام لدار "الأسد" للثقافة والفنون يقول: «عازف الكمان "سماح أبو راس" لديه قدرات كبيرة جداً عرفته منذ الصغر عندما كان يعزف ضمن معهد فني في "جرمانا"، ووجدت أنه سيصبح عازفاً كبيراً، هناك شيئان يميزانه: الموهبة والإصرار على الوصول من خلال التمرين، فالموهبة لوحدها لا تكفي رغم أنها شرط لابد منه ولكنها ليست شرطاً وحيداً، الموهبة دون عمل لا تثمر، وبالعمل وحدة دون الموهبة لن يصل العازف للقمة، "سماح" يجمع بين الموهبة والعمل الدؤوب لساعات طويلة لديه إمكانية كبيرة في موضوع الحفظ، يحفظ القطعة الموسيقية بشكل سريع مهما كان طولها، الموهبة تتفاوت بين شخص وآخر وسماح لديه أذن مطلقة أي أنه قادر على تحديد الأرقام من خلال النغمة المخصصة لكل حرف أو رقم وهذه مقدرة ملكة من الله تعالى وعمل "سماح" على تقويتها، وإذا أردنا أن ننصفه يجب أن نذكر أهله، فهو ينتمي لعائلة وبيئة تقدر الفن وتحترمه، لاقى رعاية كبيرة من أهله للوصول إلى الهدف الذي يصبو إليه فضلاً عن أنه متفوق دراسياً فمعرفتي به طويلة وأتابع تفاصيله بدقة».

مُستَقبلٌ واعدٌ

يكمل المايسترو "معلولي" عن "سماح" قائلاً: «هناك ثلاثة عوامل ساعدت في تميزه هي (الأهل، العمل، الموهبة) وهذه العناصر مجتمعة خلقت الجو المناسب لظهور موهبة نتمنى أن تكون كبيرة في المستقبل على مستوى العالم حيث تم تكريمه من قبل وزارة الثقافة، وكان اقتراحاً قدم إلى جمعية "صدى" التي تعنى بالموسيقيين السوريين وبالحركة الموسيقية وهي صديقة الموسيقا والموسيقيين وبالتالي كان اقتراح اقتناء آلة موسيقية للشاب الموهوب "سماح" تم تقديم الفكرة وعند اقتناء الآلة جاء التكريم ممزوجاً من قبل الوزارة والجمعية ضمن المجتمع الأهلي لتقديم آلة كمان صناعة يدوية له حتى يتمكن من إكمال مسيرته».