تعلّق بحبّ كرة القدم كثيراً وكان لاعباً ماهراً وهدّافاً، مثّل منتخب مدرسته وأكمل هوايته الكروية بتشكيله مع زملاءه في الحي فريقاً شعبياً نافسوا به فرقَ الأحياء الأخرى، وتابع مشوار الكرة بالانتساب لنادي الاتحاد لفرق الصغار... كل ذلك وسط استهجان والدته التي نصحته بالتوقف والبحث عن هواية أخرى أكثر راحة لها، هي التي أرهقتها كثرة الغسيل وترتيب ونظافة ثياب ابنها الذي أتعبته الأصابات أيضاً لكنه بقي مواظباً على حب لعب الكرة بشغف.

التحوّلُ المفاجئ !

يقول "محمد شريفة" لـ"مدونة الموسيقا": في عام ١٩٧٦ وبعد عودتي من لعب مباراة كرة قدم بالنادي تعرضت لأصابة في ركبتي أوجعتني. لكن وأنا في الطريق شاهدت أحد زملاء الحي (فيض الله بزارة) بهندام نظيف ومكوي وحذاء ملمع، عكس هندامي تماماً، وكان بيده آلة موسيقية. سألته عنها، فقال لي: هذا آلة عود، وهنا كانت نقطة التحول بداخلي وعقلي وقلت له: كيف لي أن أتعلم العزف على آلة العود؟ قال: وهل لديك عود؟ أجبته: سوف أتدبر الأمر، وعندما طرحت الفكرة على أمي رقصت من الفرحة وشجعتني، ثم عُدتُ وتواصلتُ مع زميلي الذي دلني على مدرس آلة العود "كمال أبو الفضل" لكن بقيت مشكلة شراء العود عقبة أمامي فوالدي موظف وبدخل متواضع. لكن نجحت المحاولة بعد أن استقرضتُ ثمنه من أحدى أخوتي بقيمة ١٥٠ ليرة يومها. وذهبت به إلى المدرس "أبو الفضل" فوعدني في حال واظبت على الدروس وتتطورت سيعطيني بعض الدروس المجانية، وبالفعل كانت عندي رغبة عارمة بالتحول نحو الموسيقا لدرجة أني نسيت لعب الكرة.

حبٌّ وسهرٌ واندفاع

ويتابع "شريفة" حكايته لـ"مدونة الموسيقا": تعلقت كثيراً بعزف التمارين والأغنيات الخفيفة والثقيلة على آلة العود وسهرت الليالي، وبعد أربعة أشهر من التمارين والدروس عزفت أغنيت "دارت الأيام" لأم كلثوم وبعض أغاني "فريد الأطرش" و"ليلى مراد" و"وردة" و"نجاة" وشاركت وأنا طالب بالثانوية في كافة حفلات المدرسة والمناسبات الشعبية والرسمية في الأفراح والزواج والنجاح.

1- عازف الكمان محمد شريفة
2- محمد شريفة يقود فرقة تراث حلب

الانتقالُ إلى آلة الكمان

3- المطرب عادل جسري

وبسبب كثرة العازفين على آلة العود بمدينة "حلب" -يقول "شريفة"- خفَّ الطلبُ على شغلي وضاق بي الحال وتراجعت أموري المادية كثيراً، بالمقابل لاحظت كثرة الطلب على عازفي الكمنجة...لذلك قمت ببيع العود وشراء آلة كمنجة وتدربت على يد شيخ العازفين الراحل "جان بتراكي" الذي شاهد اندفاعي السريع ورغبتي بالتعلم وساعدني وطورني كثيراً وأعطاني الكثير من دورس الكمان بدون مقابل ولا أنسى فضله علي طوال حياتي، ومعه قطعت خطوات سريعة وتمكنت بالعزف على الآلة بالنغمتين الشرقية والغربية معاً، وذاع صيتي بالمدينة كعازع ماهر على آلة الكمان وشاركت المطربين "ماجد عقاد"، "مصطفى ماهر"، "فؤاد خانطوماني"، "رضوان سرميني" وغيرهم كثر.

تشكيلُ أوّل فرقةٍ موسيقيّة

وفي أثناء أداء خدمة العلم، وخلال ثلاثة سنوات، قمت بتشكيل فرقة موسيقية وقدمنا مقطوعات وطنية وطربية وتراثية في المناسبات الوطنية أمتعت الجميع مما زاد في خبرتي ومعرفتي الفنية كثيراً، وبقيت حتى فترة تسريحي. لتتاح لي بعدها الفرصة بالعمل مع المطرب "شادي جميل" والسفر معه إلى عدة دول عربية وكذلك مع المطرب "مصطفى هلال و"صفوان العابد" و"سمير جركس" ومن هنا بدأ اسمي يلمع بين عازفي الكمان في مدينة حلب.

4- المايسترو عبد الرحمن خوجة

"ضربة معلم" مع "شيخ الكار"!

5- المهندس إبراهيم سكر

وفي عام ١٩٨٠ اتصل بي زميلي العازف "عامر عموري" وطلب حضوري لأمر ضروري وعندما سألته ماذا يريد مني؟ قال: هي فرصتك التي لا تعوَّض وعليك استثمارها، فالفنان الكبير "صباح فخري" يبحث عن عازف كمنجاتي ورشحتُكَ له، وعندما حضرت لعند الراحل "صباح فخري" طلبَ مني عدة تقاسيم من علامات موسيقية ومقامات مختلفة ووفقت بالعزف على كل ما طلب وهنأني وطلب مني تجهيز أموري للمشاركة معه بحفلة ستقام بمعرض "دمشق" الدولي ومن ثم السفر معه نحو "المغرب" والمشاركة أيضاً بحفلة أخرى في "لبنان" واستمررتُ معه بعدة حفلات متقطعة حسب طلبه هو.

متابعة المشوار

يقول العازف "شريفة" -بعد مشوار عمره المستمر منذ أكثر من أربعين عاماً في عالم الموسيقا والعزف على آلة الكمان- زرتُ أغلب البلدان العربية والأجنبية، وشاركت العزف مع أغلب مطربي حلب، وعزفت في حفلات أغلب المطربين المحليين وفي رصيدي أكثر من مئتي حفلة وتعرفت على كافة زملائي العازفين وتشاركنا في العمل سوية.

أهل الخبرة قالوا عن "محمد شريفة"

أجمَعَ الباحثون الثلاثة: الموسيقي عبد الرحمن خوحة"، والمطرب "عادل جسري"، والمهندس المهتم بالشأن الموسيقي "إبراهيم سكر"، على براعة ومهارة وخبرة زميلهم العازف على آلة القانون "محمد شريفة" وبحسن قيادته الناجحة لكافة الحفلات التي يحييها، إضافة لتمكنه من عزف كافة المقامات والأوزان ببراعة ومهارة مما يضفي على الأغنية جمالاً واقبالاً لدى المتابعين والجمهور.

فرقة تراث "حلب"

يقود حالياً عازف الكمان "محمد شريفة" الفرقة المشكلة حديثاً بمدينة "حلب" والتي تهتم بإعادة غناء التراث الحلبي والسوري والمصري بقالبه الأصلي وبأسلوب جميل ورشيق وممتع، حيث يحرص أعضاء الفرقة بقيادة المايسترو "عبد الرحمن خوجة" على تقديم ثلاث أمسيات كل أسبوع، وتتألف الفرقة: المطربين "عادل جسري" و"عامر خيري" و"رامز سلطان"، وعازف العود "صفوان قرنفل" ، عازف القانون" هيثم حكواتي" ، عازف الرق" أسامة ميرعي"، عازف الناي "بكري أبو دان"، الاشراف العام "عبد الرحمن خوجة" ، كورال"رامي محمود مرة" ، خبرة موسيقية "محمد نديم ناطور" و"إبراهيم سكر".

بقي أن نذكر أن العازف "محمد شريفة" هو من مواليد مدينة "حلب" لعام ١٩٦٠ وحائز على شهادة المعهد الصناعي.