شرح لمعنى كلمة "العتابا" والفرق بينها وبين الموال
تُعدُّ "العتابا" -التي جادت بها المخيلات والأفكار وأبدعتها ألحان تتراقص معها الأفئدة- بمعناها اللغوي: "المعاتبة الإيجابية" التي تنتهي بمصالحة ومحبة في النهاية، وهذا ما جعلها لغة الناس في كل مكان من الريف الساحلي وخاصة في ريف محافظة طرطوس.
ويروى في الطقوس الشعبية التي تناقلتها الأجيال بالتواتر دون حفظ لنسخ مكتوبة، أنه كان من أهم طقوس العتاب بين المتخاصمين وضْعُ الشخصين المختلفين المتخاصمين أمام بعضهما البعض لـ"يتعاتبا فيما بينهما غناءً"، حيث كان وما يزال الغناء حالة موحِّدة بين الجميع، وفق ما أكده الباحث التراثي "حسن إسماعيل" لـ"مدونة موسيقا".
ورغم هذا فقد اختلط التعريف والمعنى والقصد على الكثيرين وخاصة منهم المغنيين بين "بيت العتابا" و"الموال" الذي كان مغنيه يرافق قوافل التنقل والسفر والتجارة عبر الصحراء، وبقدر ما يكون موّاله طويلاً يؤنس المسافرين يموَّلُ هذا المُغنّي ويُعطى المال!
ويطلق على أغاني الموال "أغاني الحداء" ومنها وفقَ ما أكده الباحث "إسماعيل" حيث قال: «بيت العتابا ركيزته أربعة أركان أو مقاطع كما المنزل المدعّم، لذلك سمي بـ"البيت"، أما كلمة العتابا فجاءت من العتاب والمعاتبة المؤسسة على محبة وودّ وليس ضغينة وحقد، ثلاثة من هذه المقاطع تنتهي بنفس اللفظة المختلفة المعنى فيما بينها، وبينما الأخير ينتهي بحرف الباء الساكنة».
ويطلق على بيت العتابا بالعموم شعبياً في عرف المغنيين اسم "المسن"، يوضّح "إسماعيل": «أي على المغني قبل أن ينطلقَ بالغناء أن يسنَّ ويشحذَ صوته وحنجرته ببيت عتابا يشد المستمع له ولوقْع كلماته، وعلى الغالب كانت تلك الكلمات باللهجة المحكية المرنة المتوافقة مع المناسبة المقدمة فيها، علماً أن مقام كل بيت عتابا يختلف باختلاف تلك المناسبة، فمثلاً بيت العتابا على مقام الصبا يقدم في المناسبات الحزينة، وبيت العتابا على مقام البيات يقدم للمناسبات السعيدة».
المعمِّرة "ناديا العقيبي" التي عُرفت في ريف مدينة "بانياس" بتقديمها الدائم للعتابا بسبب صوتها الشجي، نراها تقدم أبيات العتابا خلال الجنازات الحزينة، وكذلك أبيات العتابا في المناسبات السعيدة في قريتها الصغيرة. عاصرها الكثيرون وطربوا لصوتها، علماً أنها لا تقدم الكثير من الأغاني حتى التراثية منها، وكأنها اختصت لنفسها العتابا فقط!.