تتنوع الألحان الموسيقية كتنوع مقاماتها، وتبدع الفرق الموسيقا كلما كانت اختصاصية وتبحر في آفاق نوع محدد من الموسيقا، كما فعلت "أوركسترا الموسيقا الشرقية" التي اتّبعت خط إعادة إحياء الموسيقا القديمة وبعض الحديث منها للحفاظ على استمراريتها
تأسست فرقة "أوركسترا الموسيقا الشرقية" التابعة لمديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة عام 2013 ، ضمت في صفوفها مجموعة من طلبة وخريجي المعهد العالي للموسيقا وكلية الموسيقا ومعاهد الموسيقا، وعمل المايسترو "نزيه أسعد" على قيادة الفرقة واتخاذ الموسيقا الشرقية طابعاً لها يميزها عن غيرها من الفرق، وكان اختيار الموسيقا الشرقية كونها الموسيقا العامة التي تضم تحت مظلتها الموسيقا الشعبية والصوفية والتصويرية والتعبيرية والفلكلورية، ومنها تؤخذ قوانين الموسيقا والنواظم التي تضبط الأنواع الأخرى من الموسيقا.
وعن اعتماد صبغة الموسيقا الشرقية بشكل خاص، والسورية بشكل عام، يقول المايسترو "نزيه أسعد": "أحب الآلة الشرقية وخاصة العود، الذي كان سبباً في حبي للموسيقا الشرقية، الأمر الذي جعل الفرقة هاجسي في الفترة الحالية لأنها تُعنى بالموسيقا الشرقية بالعموم والموسيقا العربية والسورية بشكل خاص، ولأن ميولي شرقية أصيلة وأحب المقامات العربية المتنوعة، وكوني أدرس مادة النظريات الموسيقا العربية في المعهد العالي للموسيقا لذلك أعشق الحالة النظرية للموسيقا في التدريس، مع الحالة العملية من خلال قيادة الأوركسترا".
شاركت الفرقة في العديد من الاحتفاليات المهمة، وقدّمت الموسيقا الشرقية بأبهى حلّة لها سواء من ناحية العزف والغناء وانتقاء المقطوعات والأغاني التي تليق بالمناسبة التي تعزف من اجلها، والمكان الذي يقام فيه الاحتفال، وكانت احتفالية "تحيا الموسيقا" التي كانت بمناسبة اليوم العالمي للموسيقا وفي أحضان قصر العظم في الشام القديمة. يقول المايسترو "نزيه": "كانت مشاركة أوركسترا الموسيقا الشرقية مع كورال سورية بمناسبة اليوم العالمي للموسيقا، وتنوعت الفقرات الفنية الغنائية من عدة أماكن لبنان، سورية، ومصر، وحاولتُ أن يكون هناك تنوع في النمط الغنائي لأن الأمسية في مكان مكشوف كقصر العظم، فالمكان يعبر عن نفسه كديكور وإضاءة، كما يعطي نوعاً من الحميمية لما له من عراقة وأصالة، فالمكان يفرض نوعاً من الأغنيات والموشحات الثقيلة بالمقامات الموسيقية، والأغاني الخفيفة من تراثنا البديع والظريف، إضافة إلى قصيدتين، كما قدمنا غناء جماعياً وعزفاً جماعياً، وكان للحفل متعة خاصة كونه في قصر العظم وتنوعت الموسيقا المقدمة فيه، وظهر تفاعل واضح بين المغنيين والعازفين والجمهور، ويعتبر الأداء الجماعي مهم في عالم الموسيقا لأن الغناء الجماعي يضبط الحالة الفنية الموسيقية على المسرح ويجعل الجميع يعمل كشخص واحد، ويربط كل شخص بالآخر ويعطي العلاقة الحسية المتبادلة ما بين عناصر الغناء وعناصر الموسيقا".
ويتابع المايسترو "نزيه" الحديث عن مشاركات الفرقة: "كان حفل انطلاقة الأوركسترا على مسرح مجمع دمر الثقافي عام 2013، لتشارك الفرقة بعده في إحياء العديد من المناسبات مثل حفل "بانوراما سورية"، وحفل افتتاح أيام الثقافة السورية، وحفل لأعمال الملحن "حسين نازك"، وحفل تكريم الفنان "وديع الصافي" بعد وفاته، وحفل ذكرى استشهاد "القائد قاسم سليماني"، وجميعها كانت في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، إضافة إلى حفل أقامته مؤسسة "سوريون" في دار الأوبرا أيضاً، ، وحفل لأعمال "أبي خليل القباني" على مسرح الحمراء، وحفلان لأعمال "محمد محسن" على مسرح الحمراء بدمشق، ومسرح دار الثقافة في حمص".
أما عن أهم المغنين السوريين والعرب الذين غنوا مع الأوركسترا يقول المايسترو "نزيه": "غنّى العديد من الفنانين السوريين والعرب مع الفرقة منهم "مروان محفوظ، دلال الشمالي، أنطوان الصافي، حسام تحسين بك، ليندا بيطار، شام الكردي، نانسي زعبلاوي، دريد عواضة، عصمت رشيد، عدنان عمر، وصفوان العابد".
يُذكر أن "أوركسترا الموسيقا الشرقية" تقدم في حفلاتها العديد من الحالات الغنائية الفلكلورية والطربية المتنوعة إلى جانب مقطوعات من الموسيقا الشرقية الأصيلة بهدف إحياء الجمال في موسيقانا السورية والعربية، وبتقديم هذه الأغاني والألحان تسلط الضوء على أعلامٍ موسيقيين سوريين يعدّون مدارس لتعليم أصول التلحين والتعامل مع الموسيقا الشرقية.