أثبت القامة الفنية وابن مدينة الرقة الفنان "ملك اليتيّم" بأنه أحد أبرز الأسماء الفنية، فالرحلة الفنية التي سطرها خلال السنوات الطويلة في اللحن والغناء جديرة بالتوثيق والتدوين، رحلة فنيّة تخطت وتجاوزت الحدود، وحنجرة ذهبية (كما يصفها أهل الفن) لأنها تغني بمختلف اللغات، بدأ اللون الفراتي متنقلاً إلى القدود الحلبية، واصلاً مشواره الفني بالعراقي والخليجي وأكثر من ذلك، فقد أبدع في الغناء باللغة الهندية.

الفنان "ملك اليتيّم" وقف على خشبة المسرح في سن مبكرة من عمره، انطلق بجرأة وشجاعة، لم يرهبه كبرياء المسرح وعمره لا يتجاوز ثماني سنوات يغني بطلاقة وإبداع، متسلحاً بالدعم المعنوي الكبير الذي كسبه من والده الفنان، لتكون البداية مع الفن، استمرت حتّى تاريخه، مسطراً تاريخاً طيباً في عالم الفن، وتفوّق على نسفه وعلى نخبة كبيرة من الفنانين عندما أجاد إلى جانب الغناء بتأليفه كلماتها وتلحينها.

فناننا "اليتيّم" ابن مدينة الرقة، اختار التعليم الفني على رحلة التعليم في المدارس، ويقول إنه تفوّق فيها، نال عبرها درجة الامتياز بشهادة روّاد الفن على مستوى الوطن العربي حسب كلامه، وأضاف خلال حديثه مع مدوّنة موسيقا: "أنهيت دراستي بتجاوز مرحلتيها الابتدائية والإعدادية، ثم تخصصت في مجال موهبتي الفنيّة، طبعاً كنت تلميذاً في الصف الثاني الابتدائي، عندما وقفتُ على خشبة المسرح مغنياً، كثير من الحضور، أشار بأن الصوت والأداء يكاد يكون لعمر بـ35 سنة، تلك البداية الناجحة، ومسيرة الوالد الفنية في العزف على الربابة والغناء، كانتا رصيدي القوي وحافزي في الانطلاقة القويّة، تابعتُ على ذلك النهج بالغناء ومرافقة والدي، وسماع أصوات غنائية كبيرة على مستوى الوطني العربي، مع مرور الزمن بدأ اهتمامي بتعلم الفن الموسيقي بكل تفاصيله".

2- صورة من أرشيف الفنان

تعلّم الصولفيج الغنائي والمقامات الموسيقيّة باجتهاد ذاتي، طوّر نفسه وتخصص بمزايا فنيّة، تفرد بمزايا موسيقيّة وفنيّة غنية، قال عنها: "تعلمت كل ما يتعلق بالغناء، بعد عدة سنوات من مشواري الفني، ووصولي لمراحل متقدمة، بدأت بالغناء، وقدّم لي عديد الشعراء من الرقة كلمات أغاني كثيرة منهم (الشعراء محمود الذخيرة، موسى الحمد، شلاش الحسن) طبعاً كانوا من رتبة النخبة المتميزة، غنيتُ أكثر من 30 أغنية خلال فترة وجيزة، تناقلها الناس وجمهور الفن واللون الفراتي بالترحيب والإعجاب، ثم كانت مرحلة الغناء والتلحين أيضاً، ومن تلك الأغاني التي يتداولها الناس حتّى تاريخه، وعمر تلك الأغاني عشرات السنين، من الأغاني التي لحنتها وغنيتها: (زعلان مني زعلان، اشتاق أمر بدربكم، جاني الخبر مخطوبة، حبك قدر مكتوب، لا تكولي أنا ما أهواك).

أخذ جرعة كبيرة من الثقة والحماس لإضافة لون جديد في حياته الفنيّة، اختار مدينة "حلب" الشهيرة والمشهورة بالفن والغناء، تعد رائدة في عالم القدود، فالقدود الحلبية بحد ذاته تاريخ فنّي، وقد نال الفنان "ملك اليتيّم" رتبة متقدمة في غنائها، أشاد به رواد القدود، يفصّل عن مشواره الفني في الشهباء: "24 سنة فترة بقائي في مدينة حلب، كلها في غناء القدود والمقامات الحلبيّة، كانت تجربة أكثر من رائعة، كانت فيها وقفة لتلحين وغناء أغاني من كلمات بعض شعراء حلب العريقة فنياً أمثال (أمين شيخو)، لحنت وغنيتُ كثيراً في حلب ولأهل حلب، مع تلحين أربع أغان للموسيقي الكبير الراحل (جمال شحام)".

3- الفنان ملك اليتيّم مع الفنان العراقي حميد منصور (على يسار الصورة)

شارك في عديد المهرجانات الفنيّة والغنائية في مختلف المناطق والمحافظات السوريّة، له الكثير من الحفلات الفنيّة لخاصة والأعراس، تنقل بين العاصمة دمشق مروراً ببصرى ومن ثم الحسكة والرقة ودير الزور، وغيرها الكثير والكثير، لتصل الشهرة إلى خارج الحدود، فوصل إلى تركيا والأردن والعراق والسعودية ودول أخرى مغنياً فيها، وأنجز فيها حفلات كانت ذات قيمة فنية كبيرة، وراسخة في أذهان من عاشها وسمعها.

لديه القدرة الفنان "ملك اليتيّم" أن يغني ويلحن بعديد اللغات، ويمكن أن يعطي كلمات أغنية لأي لحن يسمعه هذا ما أضافه في حديثه: "غنيتُ العراقي والخليجي والهندي بنجاح كبير، حتّى أن بعض الموسيقيين العراقيين عرضوا عليّ البقاء فيها، بهدف التعاون والتنسيق الغنائي، شاركتُ بحفلات فنية مشتركة مع فنانين عراقيين أمثال: (رعد الناصري ويونس العبودي وهدى البصري، وهوازن وغيرهم، شاركتُ غيرهم بحوارات فنية وهي أسماء كبيرة في الساحة الفنية والعراقية والعربية عامة أمثال: (فؤاد سالم، حميد منصور، ياس خضر، محمود أنور)، وتبقى شهادة الموسيقي العراقي حسن الشكرجي بوصفي أحد أهم الأصوات موضع فخر بالنسبة لي، أمّا الكاتب العراقي كاظم السعدي عندما أهداني أغنية وقمت بتلحينها وغنائها، عبّر عن تقديره وإعجابه الكبير، وهي شهادات من أسماء لامعة، عوضتني عن التقصير والاهتمام الإعلامي في منطقتي بشكل خاص ولسنوات كثيرة".

الفنان الرقّاوي ملك 1- اليتيّم

الفنان المتألق "ملك اليتيّم" ابن مدينة الرقة المولود فيها عام 1958 له مساحة واسعة في القطر بالمتابعة والإعجاب، الكثير منهم أهل التخصص الفني، تصدى أحدهم وهو الفنان محمود العبد ليعبر بكلماته التالية عن وصف "اليتيّم" فقال: سمعتُ وعشتُ لحظات جميلة من حفلاته في مدينة القامشلي وريفها، يملك مزايا كثيرة، أهمها وأبرزها الحنجرة الذهبية، التي تقدم بأكثر من لون وشكل غنائي، يملك القدرة على تقديم اللون الغنائي الذي يرغبه الجمهور، صاحب رحلة فنية مشرفة، متمكن أكثر من بعض الفنانين العراقيين بالصوت والأداء، أما اللون الفراتي والجزراوي فهم بالمراتب الأولى".