بتحد وعزيمة وإصرار أثمرت جهود منتدى الجمعية السورية للمكفوفين بمدنية "حلب" عن ولادة وتشكيل فرقة باسم "المعري" الموسيقية، ونجحت في إثبات ذاتها في الوسط الفني من خلال مواظبتها على الدروس والتمارين المستمرة والاستعانة بالخبرات الفنية لتقوية ذاتها وكيانها، ولتنجح وبشهادة الجميع من تقديم عدة حفلات ناجحة على المسارح المحلية، حيث لاقت الإقبال والثناء والتصفيق من المحبين المتابعين.
موقع "مدونة الموسيقا" زار مقر منتدى الجمعية السورية للمكفوفين في حيّ "الجميلية" بمدينة "حلب" وحضر جانباً من بروفات الفرقة إضافة لتقديمها وصلات قدود حلبية وأنغام تراثية أخرى ومعزوفات منفردة لبعض أعضاء الفرقة.
تعريف بالفرقة الموسيقية
في البداية قام الكفيف "نور دبوس" مدير منتدى الجمعية السورية للمكفوفين بتعريفنا بأفراد الفرقة وتاريخ وسبب إنشاء هذه الفرقة قائلاً:
"المنتدى يحرص على تنمية وتأهيل وتدريب وتقوية مهارات كفاءات جميع المكفوفين على الأجهزة الكترونية والعلمية والحاسوب والموبيل والقراءة والحساب والخط والرسم والرياضة والموسيقا، ومن هنا جاءت فكرة تأسيس فرقة فنية في بداية عام ٢٠١٧ عندما وجدنا أن لدى بعضنا مهارات في العزف على الآلات والغناء إيضاً، وتشاورنا واتفقنا على إطلاق وتشكيل فرقة موسيقية خاصة بالمكفوفين هدفها تقديم الحفلات والمشاركة بالحياة الفنية بالمدنية مع الحفاظ على خصوصيتها، لذلك جاءت الولادة سهلة وباندفاع وحماسة ممن يرغبون ويمتلكون الموهبة الفنية من عناصر المنتدى، وتألفت الفرقة من قائدها عازف الأروغ "محمد درمش" وعازف الكمان "إيهاب حبو" وعازف العود" أحمد خراط" وعازف الإيقاع "محمد التنجي" وعازف الناي "نور دبوس" والمطرب " هاني حبو" ، ومشكورة قامت جمعية المنتدى وبمساعدة بعض الداعمين وأهل الخير بتأمين شراء الآلات الموسيقية لأعضاء الفرقة لأجل التمرين اليومي وتقديم الحفلات، وتمكنا من تخريج ٣١ عازف مكفوف على مختلف الالات الموسيقية وبمساعدة بعض الاستاذة الذين يدرسون بالمنتدى، وحاليا لدينا ١٩ عنصر كفيف تحت التدريب".
ويتابع دبوس قوله: "قدمنا كثيراً من الحفلات والمساهمات الفنية والغنائية على مسارح المدينة وكان أفضلها على مسرح نقابة الفنانين بمدينة "حلب" في عام ٢٠١٨ بمناسبة يوم عيد الكفيف العالمي حيث حظي عملنا بحضور جماهيري كثيف لم تشهد صالة النقابة مثيلاً له من قبل، وترافق ذلك مع تقديمنا لعرض عمل مسرحي من قبل مكفوفين المنتدى أيضاً، وختم "دبوس"حديثه لـ"مدونة الموسيقا" بالقول: إن المكفوفين شباب موهبين وأذكياء جداً يحبون ويساعدون بعضهم البعض راغبون بتعلم فن العزف والغناء والمسرح وباقي المهارات المتنوعة الأخرى رغم ظروفهم الصعبة، ويستحقون من المجتمع واصحاب الشأن والقرار كل الاهتمام والدعم الغائب عنهم وبالكاد يصلهم وبالقطارة".
قائد الفرقة عازف الأروغ "محمد درمش" مواليد ١٩٨٧ قال: "تعلقت بحب الموسيقا منذ الصغر وكنت أركز على سماع المعزوفات كثيراً وفي سبيل اختبار ذاتي طلبت من والدي شراء أورغ، وتفاجأ من ذلك وقام بتلبية طلبي، وبدأت بالتعرف على العلامات الموسيقية وسماع نغماتها، والعزف كيفما شاء إلى حين خروج النغمة التي أبحث عنها ومع كثرة المحاولات بدأت تتطور مهارات أصابعي بعزف أفضل لمقطوعات موسيقية، وأولى تجاربي التي أخرجتني للعلن كنت بتقديم معزوفة بالمدرسة، وزدات خبرتي بحضوري للجمعية وقمنا بتشكيل فرقة "المعرّي" ولم يمحنا المركز الثقافي والمسرح القومي الأذن والترخيص للعمل إلا بعد اختبارنا من قبل لجنة مشكلة منهم، لكنهم عند سماعهم معزوفاتنا أبدوا إعجابهم بما قدمنا وشكرونا على جهودنا وقدموا لنا يد العون.
وتابع "درمش": "تعليمنا يعتمد على طريقة السماع الحفظي مع التمرين المتواصل حصراً، وبالنسبة لي حفظت كافة النغمات والمقامات والقدود والموشحات ولدي مشاركات فنية عديدة داخل الجمعية وخارجها واقوم حالياً بإعطاء دروس موسيقية المكفوفين الراغبين بتعلم العزف على آلة الأورغ".
عازف الكمنجة "إيهاب حبو" من مواليد ١٩٨٥ قال: "أجيد العزف على آلتين معاً: العود والكمان. عشقت وأحببتُ تعلم العزف منذ الصغر، وساعدتني الجمعية بتنمية موهبتي فيما بعد، وسررت بتشكيل فرقتنا، تفرغت بعدها للعزف على آلة الكمان، وأكملت هوايتي عند مدرس خاص كان يحضر إلى منزلي لمساعدتي، وقدمت عدة مقطوعات موسيقية في المدرسة وشاركت زملائي في تقديم حفلات الجمعية المتنوعة ".
"أحمد خراط" مواليد ١٩٩٠ عازف عود قال: "أحببت نغمة العود كثيراً كونها آلة شرقية بحتة حيث لها وقعها الخاص في أذني ولذلك فضلت التعلم والعزف عليها وطريقة تعلمي كانت تعتمد على السمع وتلمس موقع أوتار العود العلامات الموسيقية على الآلة وبكثرة التمرين والمحاولات لابد أن تنجح التجربة وتتطور الجهود وعزفت أغلب الموشحات والقدود الحلبية وأغاني السيدة فيروز".
المطرب "هاني حبو" مواليد ١٩٩٢ قال: "رغم أنني أعزف على آلة الأروغ لكنني فضلت اتّباعَ طريق تعلم الغناء مع الموسيقا، تتلمذت على يد المطرب الكبير "حمام خيري" الذي علمني النغمات والمقامات والقدود والموشحات وطورني كثيراً، شاركت وسافرت مع زملائي في كافة فعاليات الجمعية وقدمت وصلات طربية، أحب الطرب الحلبي كثيراً والفنان "صباح فخري" والأغاني القديمة وأقلد الفنان العملاق "سيد مكاوي" وأغني للمطربة الكبيرة "أم كلثوم".