رحل وترك خلفه أرثاً عظيماً وبصمة فنية مميزة بما قدمه خلال مسيرته الفنية الطويلة التي شملت الغناء والعزف وتقديم الألحان الجميلة، غنى فأطرب الجميع، لحن فأجاد وأمتع، عزف على آلة العود فصفق له الجمهور، تعاون مع جميع زملائه الفنانين بروح المحبة والوفاء قدم لهم الألحان الشرقية المميزة.

مَوهِبَةٌ فَنِّيَّةٌ مُمَيَّزَةٌ

أنه الفنان المميز والشامل صاحب اللحن الحزين "سمير حلمي" الذي تعلم وتخرج من مدينة الفن الأصيل "حلب".

ولد الفنان الراحل "سمير حلمي" في مدينة "حلب" عام ١٩٣٩ باسمه الحقيقي "إدمون حداد" لتظهر موهبته الفنية مبكراً من خلال تقليده كبار الفنانين أمثال "محمد عبد الوهاب" و"عبد الحليم حافظ" و"فريد الأطرش" و"كارم محمود" وغنائه في الحفلات المدرسية ومسارح مدينة "حلب" ليطور بعدها موهبته الفنية بتعلم العزف على آلة العود ببراعة وشطارة على يد "ميشيل قوام" من ثم قام بدراسة غناء القدود والموشحات على يد "عزيز غنام" وعندما سمعه الملحن "شاكر بريخان" في عام ١٩٥٦ أعجب بموهبته ومباشرة طلب منه الحضور لمقر إذاعة "حلب" للمشاركة ببرنامج سهرة مكريفون ولسماع وتقييم أدائه أمام لجنة البرنامج المؤلفة من عمالقة الفن والسميعة وهم "نديم الدرويش" و"عزيز غنام" و"أنطوان زابيطا" التي أثنت على ما قدمه ليتم اعتماده مباشرة في فرقة كورس لصالح الإذاعة وقام بعدها الملحن "بريخان" بتغيير اسمه إلى "سمير حلمي".

1- الموسيقي الراحل سمير حلمي

رِحلَةُ الأَضوَاءِ نَحوَ العَاصِمَةِ

2- طابع بريدي في ذكرى الراحل سمير حلمي

تابع المطرب "سمير حلمي" مشوار الفني متجهاً نحو مدينة "دمشق" ودخل مقر الإذاعة والتلفزيون في بداية تأسيس التلفزيون في عام ١٩٦١ تعاون مع الملحن "سليم ثروة" الذي قدم له عشر أغانٍ من بينها محاورة مع المطربة الراحلة "مها الجابري" وأعطاه الموسيقار "سهيل عرفة" لحن أغنية "حاولت أنسى" واسكتيش "موسم الزهر" وغنى للفنان المصري "محمد الموجي" قصيدة "مر هذا اليوم"، كما غنى من ألحان "بكري الكردي" و"خضر جنيد" و"عبد الحليم بقدونس" و"عدنان أبو الشامات" و"شاكر بريخان".

وتابع مشواره الفني فوق مسارح "دمشق" وشارك بكافة الحفلات والمهرجانات الوطنية بتقديم بعض الأغاني التراثية والعاطفية والوطنية مع قيامه بالتلحين لمجموعة مطربين ومطربات منهم "مها الجابري" و"كروان" أغنية "أحقاً أنت من كتب الرسالة" وبدأت تظهر وتلمع نجوميته الفنية بين زملائه خلال حقبة الستينيات إلى جانب عمالقة الطرب السوري أمثال "نجيب السراج" و"رفيق شكري" وموفق بهجت" و"فهد بلان" وغيرهم.

ذهب في عام ١٩٧١ إلى القاهرة وشارك في حفلة أضواء المدينة وقدم بعض أغانيه، فأطرب الحاضرين بما قدمه، وبعد عودته من القاهرة في فترة السبعينيات انتقل واهتم بالتلحين وأبرز من لحن لهم "مصطفى نصري" و"دريد عواضة" و"نهاد عرنوق" أغنية "تفتحي أزهارنا" و"لسمير سمرة" "ماعتب عليك" إضافة إلى تلحينه لوحات موسيقية راقصة لفرقة "زنوبيا" كما قدم عشرات الأغاني الوطنية غناء وتلحيناً.

تَقدِيمُ الأَلحَانِ وَالغِنَاءِ لِلمَسرَحِ وَالأَطفَالِ

شارك الراحل "سمير حلمي" في تقديم الكثير من أغاني الأطفال في المسلسل الخليجي الشهير "افتح ياسمسم" مثل (غنو معي- أنشوطة الجبل- يحيى العمل) وشارك مع الفنان "دريد لحام" في ثلاث مسرحيات شهيرة هي "غربة"، و"كاسك ياوطن"، و"ضيعة تشرين" كممثل وملحن، وكذلك له باع وفضل في اكتشاف الكثير من المواهب الفنية الشابة من خلال تدريبهم وتقديم الألحان لهم، كما شارك في برنامج طريق النجوم في التلفزيون السوري لاكتشاف الأصوات الغنائية الجميلة الذي أثمر عن ظهور مواهب غنائية أصبح لها شأن على الساحة المحلية والعربية، ومشاركة بشكل فعال ونشط في مهرجان الأغنية السورية الأول والثاني.

كان للراحل الأثر الأكبر في التجارب الموسيقية بتطوير بعض أغاني التراث السوري وإعادة توزيعها أو حتى تلحينها بصور جديدة مختلفة مع المحافظة على طابعها الشرقي.

وقام بتطوير أغاني الفنان العراقي "ناظم الغزالي" وتحويلها بشكل أقرب للغناء السوري ومنها أغنية "قلي ياحلو منين الله جابك" وربيتك صغيرون، ولحن للفنان "دريد عواضة" أغنية "أحبك وأحب كل مين يحبك".

ولحن وغنى لنفسه بشكل بديع "مسافرين" مستعيراً فيها إيقاعات خليجية، وزيادة في ثقافته الموسيقية تعلم العزف على التشيلو والآلات الغربية وطوعها لصالح الموسيقا الشرقية.

أَغَانٍ خَالِدَةٌ

قدم "سمير حلمي" للوسط الفني عدة أغاني شهيرة أهمها "ومنين الله جابك ياحبيب لحبابك" و"هي هي ياشام هي هي يا أم الضفاير" والأخيرة أصبحت عنواناً دائماً للمناسبات الوطنية يتم بثها حتى الآن باستمرار وهي من كلمات الراحل "عيسى أيوب".

نِهَايَةُ المِشوَارِ

يقال إن الراحل بدأ يمتعض في نهاية رحلته الفنية من انتشار بعض الألحان والأغاني الرديئة التي تقلل من قيمة الفن الشرقي الأصيل، ولتكون آخر مشاركاته الفنية في مهرجان الأغنية السورية بتقديم أغنية "سلبتني" حتى داهمه المرض مبتعداً عن الوسط الفني لتكون نهاية المطاف عند وفاته في عام ١٩٩٥ عن عمر ٥٦ سنة.