هو شخصية فنية وأدبية من الطراز النادر، له الفضل في اكتشاف أغلب نجوم الغناء المحلي وساعدهم بوضع خطواتهم الأولى بثقة ونجاح، برع في كتابة الأشعار الغنائية وتلحينها، إضافة لكتابة الاسكتشات المسرحية مع رفيقي دربه "دريد لحام" و"نهاد قلعي"، وخاض غمار التمثيل لفترات متقطعة.
بِدَايَاتٌ وَاعِدَة
ولد الفنان "شاكر بريخان" في عام ١٩٢٦ في حي "الجلوم الكبرى"، بدأت هوايته بالمدرسة من خلال الغناء والموسيقا والتمثيل وكتابة الزجل، بدأ عمله في مجال الفن هاوياً شاملاً ومتنوعاً، دخل إذاعة حلب بتشجيع من مديرها "عادل خياط" ومن ثم "توفيق حسن"، طلب منه "عزيز غنام" تعلم وحفظ الموشحات والقدود والأوزان الموسيقية، وبسبب حبه واندفاعه تلقف العلوم الموسيقية بسرعة وأتقنها ليتم اعتماده ضمن دائرة الموسيقا.
وباكورة عمله بالإذاعة إخراجه للإذاعة مسرحية "نهاية سكير"، ثم تعرّف داخل الإذاعة على "عزيز غنام" و"ممدوح الجابري" و"نديم الدرويش" و"يحيى المنجد" وعملوا على تقديم برنامج "سهرة مكريفون"، وهو برنامج يهتم باكتشاف المواهب، ومنهم كان "سمير حلمي" ومها الجابري" و"سحر" وغيرهم.
فَهد بلان في "حَلَب"
يروي ابنه "أدهم شاكر بريخان" لـ"مدونة الموسيقا" حديثاً من الذكريات سمعه من والده الراحل: أن مدير إذاعة "حلب" "توفيق حسن" في الستينيات قام بدعوة الفنان "فهد بلان" برفقة العازف "أمين الخياط" إلى إذاعة حلب لتسجيل أغنية له، فغنّى "البلان بطريقة تقليد غناء الفنان فريد الأطرش، ولم يوفق بذلك ولم تعجب أحداً من اللجنة المشكلة وقتها لفحص الأصوات، وأصيب الجميع بالحيرة والدهشة من المآزق الذي وقعوا فيه.
وهنا لاحظ "بريخان" اللهجة البدوية التي يتكلم بها "فهد بلان" إضافة لبنية جسده الضخمة فطلب منه المكوث بمدينة "حلب" ليومين إضافيين، ريثما يبحث له عن مخرج وحل للورطة التي وقعوا فيها.
ولم ينم "شاكر بريخان" ليلتها حتى كتب ولحن له أغنية جديدة بعنوان "آه يا قليبي آه يا قليبي..شبو قليبك شبو قليبك قول يا قليبي"، واتصل بالمطربة "سحر" وطلب منهما حفظ كلمات ولحن وطريقة تأدية الأغنية بقالب حواريّ بين البلان وبينها، وتم تسجيلها للإذاعة في اليوم اللاحق.
وعندما غُنيت الأغنية وسُجلت لاقت نجاحاً منقطع النظير لتكون هذه الأغنية بوابة العبور والنجاح للفنان "فهد بلان" في اكتساب شهرته التي انتشرت في العالم العربي.
ويتابع ابنه "أدهم" حديثه لـ"مدونة موسيقا": كما لحّن الأغنية الشهيرة "عطشان يا صبايا" للراحل "مصطفى نصري"، من كلمات "أنطوان مبيض"، ولحّن وكتب لرفيق السبيعي "يا ولد لفلك شال" و"شروال وميني جوب" وأغنية "بترول العرب للعرب" وقدم للفنان "لدريد لحام" الأغنيتين الشهيرتين "يامو يا ستّ الحبايب يامو" و"فطوم فطوم فطومة" والأخيرة هي من التراث الأرمني، وقدم لـ"فاتن حناوي" أغنية "أحبها" وللمجموعة أغنية "نحن نسور نسور العرب" وقدم للفنانة أصالة نصري أغنية "سيد الأحبة يا وطني" ولـ"موفق بهجت" أغنية "زادك الله"، وكذلك قدم أكثر من لحن للمطرب الكبير "صباح فخري"، وقدم للفنان اللبناني "وليد توفيق" لحن "بعدو الحليوه فاكر ولا ناسينا".
ويضف ابنه: إن والده كان لا يجيد العزف على أي آلة موسيقية، لكن بمجرد ورود خواطر اللحن برأسه كان يتصل بالراحلين "سمير حلمي" و"عبد الفتاح سكر" و"عدنان أبو الشامات" ويسمعهم اللحن وهم يقومون بكتابته وفق النوتة الموسيقية".
كما مثّلَ في مسرحية "كاسك يا وطن" وفيلم "الحدود" و"التقرير" والفيلم المصري "دمي دموعي ابتسامتي" و"مذكرات حرامي"، ومن أشهر رفاق دربه كان الراحل "عمر حجو".
مِشوَارُهُ في ِالتِّلفِزيُونِ السُّورِيِّ
تابع "شاكر بريخان" مسيرته الفنية نحو العاصمة، ودخل الإذاعة والتلفزيون السوري في حقبة الستينيات وعمل في مجال التلحين والإخراج وكتابة الشعر الغنائي، وعين نائباً لرئيس دائرة الموسيقا، وقدم مباشرة لحن اسكتش "عقد اللولو" مع "دريد" و"نهاد" وتعاون مع الكاتب "محمد الماغوط" في تلحين مسرحياته، وكذلك مع الملحن عدنان أبو الشامات" والمخرج "خلدون المالح" في تمثيلية "ملح وسكر" و"وين الغلط" وكتب مسرحية "خدم سنة ٢٠٠٠" ليتوج محطة عطائه الفني بدخوله عضوية فرقة "تشرين" على مسارح "دمشق" مع الفنانين "دريد" و"نهاد" وبغناء وألحان أربع مسرحيات هي"غربة" و"كاسك يا وطن" و"ضيعة تشرين" و"شقائق النعمان".
الفنان "بسام حسن" قال: يؤسفني أنه لم تتح لي الفرصة لأخذ ألحان من الراحل "شاكر بريخان" فهو فنان شامل ممثل وكاتب وملحن كانت له بصمة فنيه مؤثره في الأغاني الوطنية خاصة، وهو ملحن بالموهبة والفطرة ولا يعزف على آلة موسيقية، ومثل في العديد من الأعمال السينمائية والمسرحية مع دريد ونهاد، لحن للراحله فاتن حناوي والراحل مصطفى نصري إضافة للعديد من الاسكتشات وكان فناناً راقياً مثقفاً له حضوره المميز لروحه السلام.
توفي الراحل "شاكر بريخان" بعد تعرضه لوعكة صحية أدت لوفاته في مدينة "دمشق" عام ٢٠٠٧ عن عمر ناهز الـ٨١ عاماً ودفن في "حلب".