استطاع الموسيقي والعازف "كنان ادناوي" أن يأخذنا إلى عوالم جديدة مبتعداً بعزفه على آلة العود عن النمط الكلاسيكي من خلال تعامله مع تقنيات جديدة وتقديمه الموسيقا التراثية بطريقة معاصرة.

وحول انتمائه لعائلة موسيقية فنية يقول لـ"مدونة الموسيقا": «ولدت في قرية "الجوزية" بمدينة "اللاذقية" عام 1984، نحن أربعة إخوة موسيقيين محترفين: "غطفان" عازف الكمان في الأوركسترا السيمفونية الوطنية وشريكي في عدة حفلات، و"ممدوح" مدرس آلة الكمان، و"معمر" الأخ الأكبر الذي أسس التجربة الموسيقية وكانت له اليد الكبرى في العائلة وهو مدرس لآلتي العود والبزق. رحّب الأهل بالفكرة، ثم تطورت الموهبة ووجدنا أن ما نقدمه يحاكي ما يتم عزفه وعرضه على وسائل الإعلام، وكان هذا هو المفتاح لنكمل طريقنا في هذا المجال».

ولادة جديدة مع العود

وفيما يتعلق بدراسته الأكاديمية يكمل بقوله: «بعد حصولي على الشهادة الثانوية في عام 2002 تقدمت إلى المعهد العالي للموسيقا اختصاص عود وبدأت الدراسة النظرية والعملية والعمل ضمن مجموعات العزف الشرقي والغربي وموسيقا الحجرة، وبدأ التفاعل مع التجارب العالمية التي كان يستضيفها المعهد كل ذلك خلق لدي صلة مستمرة مع الموسيقا لمدة أربعة وعشرين ساعة وكوّنَ الحالة الاحترافية، حيث كان العود خياري الذي أحبه، وكانت ولادتي الموسيقا معه، ولم أغير هذه الآلة بل استمررتُ معها، وقد شجعني جو العائلة لأن أكمل بالعزف على هذه الآلة لأن إخوتي يعزفون على الكمان والبزق فشكلنا فرقة موسيقية متكاملة إلى حد ما».

1- عازف العود كنان ادناوي

قدرة الموسيقيّ هي الأساس

2- من الشمال الى اليمين مع حفظ الألقاب شربل روحانا كنان إدناوي مارسيل خليفة طارق الجندي إيلي خوري

حول ميزات العود والتقنيات المختلفة يقول: «العود هو آلة موسيقية وبغض النظر عن كونها شرقية تستطيع أن تعزف الألحان المتنوعة وذلك عندما يتمتع الموسيقي بمستوى معين فبإمكانه أن يؤدي كل الألحان ويوظفها في كل مكان، يمكن للعود أن يعزف الموسيقا الغربية رغم أن بعض المدارس الموسيقية لا توجد فيها هذه الآلة ورغم أن هناك أساليب موسيقية كالارتجال أو العزف الحر تختلف عن مفهومنا في العزف الشرقي ما يتطلب جهداً أكبر من الموسيقي».

الجرأة في الكتابة للآلة

ويتابع: «قدرة الموسيقي هي التي تجعله يعزف على العود ما يشاء من ألحان سواء شرقية أو غربية، فهناك موسيقيون يستطيعون توظيف هذه الآلات بمنحى مختلف ويستطيعون توظيف أي آلة لخدمة ما يريدون تقديمه، من خلال تجربتي المتواضعة وتجربة من سبقني استطعت الدخول بجرأة لكثير من التفاصيل تتعلق بآلية الكتابة لهذه الآلة وكان لدي تعاطٍ مختلف كعازف للعود كيف أجعلها تنطق بمجالات فنية أخرى وهذا له علاقة بالتمرين والقدرة على العزف المشترك مع كثير من الفرق».

3- كنان ادناوي في إحدى البروفات

مشاركات محلية وعالمية

للفنان ادناوي مجموعة من المشاركات في مهرجانات دولية ومحلية في العديد من الدول الأوربية وأميركا والعالم العربي وحول ذلك يقول: «شاركت بمشروع موسيقا الجاز من خلال تسجيلات موسيقية عام 2014 حيث صدر ألبوم بعنوان "أورا" أو "هالة" تضمن عشرة قطع موسيقية من تأليفي كعازف منفرد وأخرى مع مجموعة موسيقية قمنا بعدة حفلات مشتركة، ولدي عدة مشاركات مع الفرقة السيمفونية الوطنية وشاركت في أعمال كتبها آخرون منهم "زيد جبري" وكنت أول من قدم للمرة الأولى عام 2016 عمل كونشرتو العود للفنان "مارسيل خليفة" وهذه التجربة أضافت لي من ناحية الاحترافية، ما يهمنا كموسيقيين أن نقدم أنفسنا بشكل متميز ونقدم المادة الموسيقية على مستوى عال من الاحترافية فكما نسمعها ونستمتع بها يستمع إليها المستمع الغربي ويستمتع بها وهذا النوع من الموسيقا يقدم على كل مسارح العالم لأنها مكتوبة بطريقة يفهمها الجميع».

الابتعاد عن النمطية

يبين الموسيقي "ادناوي" أهمية الانفتاح على الثقافات الأخرى المختلفة فنياًن وحول ذلك يقول: «أعطاني ذلك نوعاً من الانتشار كعازف عود غير نمطي أو كلاسيكي لاسيما أن مستوى الموسيقيين في العالم تطور بشكل كبير بحكم وجود مراكز أكاديمية في "سورية" والعالم هذا النهج الأكاديمي والتواصل مع أساتذة الموسيقا والمدارس الموسيقية المتنوعة كل ذلك خلق موسيقيين خارج النمطية».

ويعتقد أن الموسيقي يستطيع أن يطور نفسه بمجهود شخصي فيقول: «أحاول أن أطور أدواتي الموسيقية من خلال التمرين المستمر، والتواصل مع الآلة الذي يحفز الفكر، والقراءة للمشهد الواقعي الذي أعيشه، والأفق الذي أمنحه لفكري الإبداعي، لدي ألبومات تسمع في عدة مناطق من العالم وتواجدت في عدة مهرجانات عالمية كعازف عود سوري، ويسعدني الإيمان بقدرتي على تقديم شيء مميز على العود، وأشعر بالسعادة لتمثيل بلدي في عدة مهرجانات ومسابقات عالمية حيث حصلت على الجائزة الأولى في مسابقة العود الدولية ببيروت 2009 وجائزة المركز الثاني في "أيام قرطاج" في "تونس" عام 2010».

التأليف الموسيقي

الموسيقا هي أسلوب حياة بالنسبة له وبالإضافة إلى التقنيات الجديدة يقدم "ادناوي" الموسيقا التراثية بشكل معاصر فيقول: «بحكم تجاربي مع فرقتي ومع موسيقيين غربيين وفرق عالمية كل ذلك حقق لي الانتشار وعلمني الموسيقا بشكل أكبر، فتعرفت على تقنيات جديدة لا نعرفها لاسيما أن تاريخنا في التأليف الموسيقي الآلي بسيط مثلاً "رياض السنباطي" كتب قطعة أو قطعتين موسيقيتين فقط، و"محمد عبد الوهاب" ألف تقريباً عشر قطع موسيقية وبالتالي تجاربنا في الكتابة للآلات جديدة ولا تقارن بالتجارب الأخرى لكن هناك جيل جديد يحاول كتابة قطع موسيقية للآلة وإضافة إلى المؤلفات الموسيقية كتبت أغاني منذ فترة منها أغنيتين لكورال "غاردينيا" وغيرها».

صدى المشروع

حول تفاعل الجمهور مع مؤلفاته الموسيقية يقول: «أحب أن أسمع رأي الجمهور بمشروعي الموسيقي الذي يصفه البعض بالحداثة في العزف على العود، وأجد أن المستمعين يفضلون رؤية العود بمنحى جديد وهذا يتعلق بالتطور الحضاري الذي لا يقف عند مرحلة واحدة، أعتبر التأليف الموسيقي ملكة تطورت من خلال الدراسة حيث ألفت أكثر من خمسة وعشرين قطعة موسيقية وأحرص دوماً في الحفلات على تقديم قطع جديدة لألمس رد فعل الجمهور بشكل مباشر وقمت مؤخراً بجولة موسيقية في عدة محافظات "حمص"، "حماة"، "حلب" وكان لها أثر كبير ليستمع الجمهور للمشروع».

مفهومه للعالمية

يقول الموسيقي "ادناوي" الذي تسمع مؤلفاته في عدة مناطق من العالم: «كل شخص يفهم العالمية بطريقة مختلفة ولكن حضور الموسيقيين السوريين حضور جيد ويرتبط بنوع الموسيقا التي يشاركون بها، ونحن دوماً بحاجة قطاع إنتاجي لتمويل مشروعاتنا الموسيقية وهذه الصعوبات عالمية وليست خاصة ببلدنا فقط، ولابد من وجود منتجين يؤمنون بالموسيقيين وهناك تجارب موسيقية سورية اتجهت لهذا الطريق ودعمت مشاريعها بحكم الدراما أو غير ذلك، بالعموم من الجيد أن يكون لدينا إنتاج في بلدنا أفضل من التوجه لدول أخرى للحصول على التمويل».

التوزيع الموسيقي

ويعتقد "ادناوي" بأنه وفقاً لأدوات الموسيقيين السوريين المتواضعة استطاعوا أن يصلوا بما يقدموه إلى أماكن جيدة كمستوى فني وحول التوزيع الموسيقي يقول: «هو يحتاج لتقنيات مختلفة فالكتابة للأوركسترا تحتاج لمراعاة طبيعة الآلات الموجود ككتابة وصوت وتؤثر على تقبل المستمع لها هو مادة لونية أو نكهة ذوقية للقطع الموسيقية وهو إظهار اللحن بشكل مختلف وبألوان صوتية مختلفة، ومؤخراً وزعت "لونغا فرح" لرياض السنباطي وقدمتها في حفل الأخير في دار الأوبرا وقدمت مع الفرقة السيمفونية الوطنية ثلاثة أعمال، ومشاركة في احتفالية يوم الثقافة مع المايسترو "ميساك باغبوديان" من تأليفي وتوزيعي بعنوان "رقصة عشق"».

نشير إلى أن الموسيقي "ادناوي" حاصل على الماجستير في الموسيقا من جامعة "نيو انغلاند كونسرفاتوري" في "بوسطن" بالولايات المتحدة الأميركية لديه تجارب مع موسيقيين من البرازيل وأميركا ومشاركة مع "براين آدامز"، وتعاون مع موسيقيين من الهند في ألبوم بعنوان "من دلهي إلى دمشق" يحتوي على قطعتين موسيقيتين من تأليفه، وأطلق ألبومه الأول بعنوان "جو" عام 2014 ويتضمن عشرة أعمال أحدها يسمى "جو".