حضوره المحبب وأسلوبه المميز في تدريس مادة الصولفيج والموسيقا للصغار والكبار جعلاه يترك بصمته الخاصة في هذا المجال، حاملاً رسالةً تربويةً وإنسانيةً، ومحققاً توازناً لافتاً في حياته العملية بدراسة الطب والإعلام إلى جانب دراسته للموسيقا وتدريسها.

بِدايَةُ الرّحلة

"مدونة الموسيقا" تواصلت مع الموسيقي وعازف القانون "محمد أديب قضماني" الذي يحدثنا عن شغفه الموسيقي بقوله: «بدأت موهبتي الموسيقية في السابعة من العمر، لفتتني أصوات الأوركسترا والمعزوفات وساهمت العائلة في تنمية موهبتي وتطوير شخصيتي الموسيقية، كنا نستمع معاً لكلاسيكيات الموسيقا العالمية، العربية والطربية مما عزز ميلي للموسيقا فبدأت بدراستها من خلال دروس خاصة مع الاهتمام بحصة الموسيقا في المدرسة وفي سن العاشرة انتسبت لمعهد صلحي الوادي للموسيقا للدراسة بشكل أكاديمي».

خطواتٌ مدروسَةٌ

درس "قضماني" الموسيقا في معهد "صلحي الوادي" وتخرج منه، وحول ذلك يقول: «بدأت رحلتي الموسيقية مع العزف في أمسيات معهد "صلحي الوادي" السنوية، كنت أشارك بأمسيات صف القانون المميزة في جوّها الذي تسوده الألفة والدعم، واعتبرها أول خطواتي الفنية، وخضت أول تجربة كورالية مع كورال المعهد عام 2016 بقيادة المايسترو "إياد حنا" وقدمنا حفلتين على مسرح "الحمرا"، وكانت آخر مشاركاتي مع كورال "تناغم سورية" بإشراف الفنانة "غادة حرب" بدعم من مكتب الأمم المتحدة الإنمائي، وهي تجربة هامة على الصعيد الفني وتطوير الذات كمبادرة تدعو للسلام والتماسك المجتمعي باستخدام الفن والموسيقا».

1- عازف القانون محمد أديب قضماني

سرُّ التوَازن

2- محمد أديب قضماني عازف قانون وطبيب وطالب إعلام

التنسيق والتوازن بين الدراسة والموهبة منذ الصغر هو سرّ الموسيقي "قضماني" وحول أهمية تنظيم الوقت يقول: «عوّدتني عائلتي على مبدأ تنظيم الوقت وأن تقسيم النشاطات اليومية بالشكل الصحيح يساعد على تحقيق الإنجاز دراسياً من جهة ومن ناحية تنمية الموهبة وممارسة الأنشطة الرياضية والاجتماعية مع الأسرة والأصدقاء من جهة أخرى، التوازن هو أساس كل شيء في هذه الحياة، لكن دون وجود رغبة صادقة بالإنجاز والإرادة والدعم من المحيط لا يستطيع المرء تحقيقه».

الموسيقيُّ الطبيبُ والإعلاميّ

يجمع "قضماني" بين دراسة الطب والإعلام إلى جانب عمله بالموسيقا وتدريسها، ويحدث "مدونة الموسيقا" عن الرابط المشترك بين هذه المجالات بقوله: «اخترت دراسة الطب لأنه حلمي الشخصي أردت منذ الصغر أن أصبح طبيباً وأعتقد أن دراسة الطب لا تتنافى مع استمرارية تنمية الموهبة بشكل متوازي لأن مهنة الطب من أسمى المهن فهي تتعامل مع الإنسان وإيجاد وسائل لجعله مرتاحاً في حياته وليكون الطبيب الوسيلة لشفائه، فالطب هو هدفي منذ الصغر والموسيقا هي الملجأ لتفريغ الطاقة السلبية وشحن طاقتي بشكل إيجابي وتطوير الحس الفني والجمالي لدي، واخترت دراسة الإعلام بالإضافة للموسيقا والطب لرغبتي بتطوير نفسي في هذا المجال وأعتقد أن هذه المجالات الثلاثة تحتاج لفن وحس إبداعي وأرجو أن يكون لدي شيء من الإبداع في حياتي والخروج عن المألوف».

اختيارُ آلةِ القانون

حول دوافعه للعزف على آلة القانون يقول: «لفتني منذ الصغر صوت الآلة الساحر في الموسيقا الطربية والذي يظهر عن باقي آلات الموسيقا العربية بصوته الرنان المميز فاختياره نابع من الفضول لمعرفة هذه الآلة والرغبة بدراستها بشكل أكاديمي، وكان اختياراً رائعاً لأنها أضافت جداً لشخصيتي كونها آلة تحتاج إلى جهد وصبر على التمرين وحب للموسيقا وتحتاج إلى اهتمام وممارسة دائمة للوصول إلى نتائج».

مشاركاتٌ متنوّعة

وحول مشاركاته يقول: «بدأت مع الحفلات المدرسية التي كنت أشارك فيها كعازف منفرد ومشاركاتي في أمسيات صف القانون في المعهد كعازف وأخرى كمغني كورال في المعهد ولدي مشاركات في فقرات عزف منفرد في المراكز الثقافية كالمركز الثقافي في "كفرسوسة" ومسرح "مدينة الشباب" وأشرفت على الفقرات الموسيقية في حفلات للمدارس التي عملت مدرساً للموسيقا فيها وشاركت في حفل بالمركز الثقافي في "الميدان" وحفل كورال "تناغم سورية" في دار الأوبرا».

تجربةُ التّدريس

يعمل "قضماني" مدرساً للموسيقا منذ تخرجه من معهد صلحي الوادي عام 2016 ومن ثم حصوله على الشهادة الثانوية وحتى اليوم، ويحدثنا عن هذه التجربة بقوله: «تمت دعوتي للعمل كمدرس مساعد لرئيس القسم في ذلك الوقت مع "رندة فاخوري" في معهد "صلحي الوادي" لأنني كنت من الأوائل على قسمي أثناء الدراسة وعملت مدرساً مساعداً لمدة عام تعلمت فيه تقنيات التدريس وطرق التدريس الصحيحة بشكل أكاديمي للتواصل مع الطلاب، ثم تابعت كمدرس مكلف حتى اليوم في المعهد، وأجد أن تدريس الأطفال تجربة رائعة وممتعة أضافت لشخصيتي، يجب أن يكون لدى المدرس رسالة تربوية إلى جانب المنهاج، وأسعى لأن أنمي الجانب الجمالي في حياتهم وتنمية الإحساس الموسيقي لديهم لكسر جمود مادة الصولفيج بشكل عام».

يُدّرس "قضماني" الموسيقا في العديد من المعاهد والمدراس الخاصة في "دمشق" لجميع الفئات العمرية من سن الثالثة حتى الأربعين عاماً، ويتعامل مع مختلف الأعمار من الطفولة المبكرة، الطفولة، المراهقة، الكبار من موظفين وطلاب الجامعيين ويحاول إيصال المعلومة لكل فئة عمرية بسلاسة عالية وبراحة ومتعة خلال الدرس.

ويتابع واصفاً تجربته: «دخولي لمجال التدريس كان فرصة رائعة، أغرمت بهذا المجال وليس هناك أجمل من أن يوصل الموسيقي رسالة من الحب والسلام ولا أسعى في عملي لإيصال المعلومة فقط بل أريد أن يشعر الأطفال بالموسيقا ويتفاعلون معها بأحاسيسهم وحواسهم لا أقدم الصولفيج كمادة مجردة بل أحب أن يدركون أن الموسيقا ناجمة عن مشاعر وأحاسيس الفنان ويتلقاها المستمع بحواسه فهي مادة حسية بحتة تنم عن الأحاسيس وتولدها، وأشعر بالمتعة في العمل كمدرس للموسيقا وحالياً أعمل للسنة السادسة على التوالي في التدريس وأرغب بمتابعته بعد تخرجي من كلية الطب لأتابع رسالتي الموسيقية ولشغفي الكبير بمادة الصولفيج».

الصولفيج أولاً

ويوضح "قضماني" أن الصولفيج هو علم قراءة النوطة الموسيقية هو أساس لكل فنان وموسيقي عليه التمكن من مبادئه قبل أن يكون عازفاً أو مغنياً أو مؤدياً موسيقياً، وهو مادة أساسية ترافق الطلاب في معهد "صلحي الوادي" منذ انتسابهم له وحتى تخرجهم منه، إلى جانب الآلة الموسيقية التي يختارونها، ويبيّن أن كل المعاهد تتوجه لأهمية الصولفيج وقراءة الجملة الموسيقية بشكل صحيح ومتكامل وفق قواعد واسعة وأنه يشعر بالمتعة في تدريسه للتعامل مع الصف بشكل كامل وتأدية اللحن بصوت واحد، وأن ذلك يشكل نوعاً من التحدي ولاسيما عند تحقيق النتائج في نهاية العام.

رعاية مواهب الأطفال

تنمية موهبة الطفل شيء أساسي حول ذلك يقول: «أشجع تنمية المواهب لدى الأطفال ويجب أن ينتبه الأهل لميول الطفل الموسيقية والفنية وأن يقدموا لها الدعم له أكانت ميول للفن، الموسيقا، التمثيل، المسرح، الرسم، كل ذلك يصقل شخصية الطفل ويزيد الإدراك لديه ويطور قدراته ويساعد في تنمية الحس الجمالي الهام في الحياة لكل إنسان وبدونه تصبح حياتنا خالية من الألوان وفاقدة للروح».

يتابع بقوله: «أعزف على آلة البيانو لأن مادة الصولفيج تتطلب من المدرس أن يعزف على البيانو خاصةً الصولفيج الغنائي الذي يترافق فيه التمرين مع اللحن فأحتاج لضبط اللحن باستخدام البيانو لكن يبقى القانون هو عشقي الأول والأخير».

نشير إلى أن "محمد أديب قضماني" من مواليد دمشق عام 1998 طالب سنة سادسة طب بشري جامعة "دمشق"، وطالب سنة ثالثة إعلام تعليم مفتوح جامعة "دمشق"، يعمل مدرس صولفيج منذ عام 2016 حتى اليوم وهو خريج معهد صلحي الوادي على آلة القانون وعازف على آلة القانون ومغني كورال.