ولد المطرب الشاب "عابد حيلاني" في حي "أقيول" الشعبي والمعروف عن هذا الحي شهرته بكونه المنبع الأساسي لكبار منشدي المدينة وتحديداً في جامع "أسامة بن زيد". وزاد في نجاح مسيرة "عابد" أنه تتلمذ على يد والده المطرب والموسيقي القديم المعروف "نذير حيلاني" من خلال مرافقته بالحفلات والأذكار والموالد والمناسبات الدينية في شهر رمضان والأعياد وليلة النصف من شعبان وليلة القدر. كل ذلك أوجد المخزون الفني لديه لتوجيه بوصلته ومواهبه للسير في طريق الغناء. ورغم أن الخيار لذلك لم يكن بالأمر السهل، خاصة أن أي زلة فنية وموسيقية سوف تحسب عليه بشكل مضاعف لكونه ابن فنان حلبي كبير.

دُرُوسٌ فَنِّيَّةٌ مُكَثَّفَةٌ

وكما يقول المطرب "عابد" لـ"مدونة الموسيقا": «عندما لاحظ والدي موهبتي وحبي وتعلقي بفن الغناء والأناشيد والمدائح النبوية والتواشيح والقصائد، بدأ بإعطائي الدروس الموسيقية وتعليمي العزف على آلة العود لاكتساب المعرفة والنغمات والقدود والمقامات، كل ذلك ولم يكن يتجاوز عمري الخمسة عشر عاماً، ومما سهل الأمور على والدي هو حبي وإندفاعي ورغبتي للسير على خطاه، وطلبه مني المداومة على حضور حفلات كبار المنشدين في المدينة مثل "أحمد مهندس" و"محمود فارس" حيث انضممت لفرق الكورال مع هؤلاء المطربين والمنشدين وكنت في غاية السعادة، ومما أذكره إنشاد "صلو عليه شفيع الأمة" و"يا مادح خير الأنام" و"صل يا نبي" و"على طيبة يالله نروح" وبعد انتهاء تلك الحفلات كنت أجلس لساعات طويلة لإعادة مشاهدتها وهي مسجلة كي أستفيد من أخطائي للمستقبل».

دُرُوسٌ خَاصَّةٌ عَلَى العُودِ

ومع تقدم سنوات عمره تابع "عابد" كما روى للمدونة زيادة ثقافته الفنية والموسيقية من خلال الالتحاق بدروس خاصة للعزف على آلة العود على يد المدرس العازف "محمد قصاص" لمدة عام، وهنا قوي ساعد "عابد" وبدأ بعدها وبمهارة وشطارة يحسن عزف الكثير من المقاطع والأغاني مع النغمات والقدود والموشحات ولكن بشعور ذاتي ومن دون إرادة منه كانت يستهويه عزف الأغاني القديمة للسيدة "أم كلثوم" و"عبد الوهاب" كل تلك الخطوات كانت تحت أعين ونصائح والده الذي طلب منه اختيار لون غنائي آخر محدد يناسب إمكانياته وصوته. وحال "عابد" حال كل المطربين الحلبيين لابد من أن تكون الخطوات الأولى له مرتبطة وموثقة بغناء القدود والموشحات والمواويل، وأضاف لها الابن ميله الواضح لغناء الكثير من التراث العربي القديم.

1- المطرب عابد حيلاني
2- عازف وصانع الأعواد المهندس إبراهيم سكر

السَّفَرُ نَحوُ "إِسبَانِيا" وَ"الإِمَارَاتِ" وَ"لُبنَان"

3- المطرب حيلاني مع عازف الكمان محمد نديم ناطور

وجاءت الفرصة المناسبة للمطرب الشاب لأحياء حفلة عام ٢٠٠٨ في مدينة "إشبيليا" الإسبانية حيث غنى فيها ولمدة خمس ساعات متواصلة القدود والموشحات وختمها بأغنية "عودت عيني على رؤياك" و"رباعيات الخيام" لينال بعدها الثناء والتصفيق من الجاليات العربية الحاضرة. ولم تكد قدماه تحط أرض الوطن حتى تلقى دعوة جديدة للغناء في "الإمارات" ولمدة ثلاثة أشهر ومن ثم في "لبنان" وختم الموسم بدعوة لإحياء حفلة في مدينة "إسكندرون" التركية.

حَفلَاتٌ حَلَبِيَّةٌ وَشَامِيَّةٌ

يعتز -كما ذكر لنا- المطرب "عابد" بالحفلة الفنية التي أقامها في عام ٢٠١٥ في حمام "الميدان" الدمشقي ومشاركاته بكافة المهرجانات والمناسبات الاجتماعية والوطنية في مدينة "حلب" وباقي المحافظات الأخرى التي غنى فيها إحساسه الفني الخاص وبأسلوب مختلف يجسد شخصيته وذاته.

شَهَادَةٌ مِن شَيخِ الكَارِ

ويضيف "عابد" كم كان شعوره بالغبطة والسعادة والسرور عندما كان برفقة والده وكان حاضراً لتلك السهرة الفنان الكبير الراحل "صباح فخري" حيث استمع لمقطع قصير بصوت "عابد" وقال بعدها لوالدي «ابنك لديه مستقبل واعد ومبشر إن أكمل دارسته وتعليمه». وكنت عند حسن الظن بي من خلال مواظبتي على الدروس والتعلم الموسيقي من دون انقطاع.

مِن مَدرَسَةِ العِملَاقِ "عَبدِ الوَهَّابِ"

يمتلك "عابد" صوتاً جهورياً صافياً ونقياً يمكنه من غناء أصعب النغمات المرتفعة في الجواب والقرار. إضافة لحبه وتمرنه الدائم على غناء التراث العربي القديم والجميل من مقطوعات الكبار"عبد الحليم" و"عبد الوهاب" و"أم كلثوم" و"كارم محمود" و"هدى سلطان" وغالباً ما يختم حفلاته بغناء مقتطفات لهولاء الكبار كما وصفهم.

الدكتور الباحث "أيمن سيد وهبة" وصف "عابد" بالمطرب الشاب المقتدر الواثق من نفسه والمتمكن من فنه ومعرقته بأصول الغناء المتنوع ما بين القدود والموشحات والتراث العربي القديم بحذر وفطنة. وفعل حسناً عندما زود وثقف نفسه بالدراسة والعلوم الموسيقية لكي يتفادى المطبات والهفوات. ومع ذلك هو دائم البحث والمواظبة عن العلوم الموسيقية. "عابد" مطرب وعازف عود له مستقبل مشرق.

الموسيقي المهندس "إبراهيم سكر" قال: «رافقت المطرب والعازف "عابد" بعدة حفلات طربية وللإنصاف والحقيقة كان مميزاً بحضوره وصوته وغنائه حيث يلقى إعجاب وثناء الحاضرين، متعاون ومنسجم مع الفرقة الموسيقية المرافقة له ولديه المعرفة والتوقيت السليم بالدخول والتوقف والاستمرار في المقاطع الموسيقية، صوته قوي ونقي، مميز بالموال والقدود والموشحات وأضاف لهما غناء مقاطع السيدة "أم كلثوم" و"عبد الوهاب"».

المطرب "عابد حيلاني" من مواليد مدينة "حلب" لعام ١٩٨٣.