ما إن تسمع باسم "البيت العربي" حتى تتبادر لذهنك "أوركسترا البيت العربي" التي أحدثت ضجة كبيرة في مدينة "اللاذقية"، يوم أعلنت عن حفل إشهارها، فقد كانت الأوركسترا الأولى في المدينة في تلك الفترة من الزمن، فأصبحت حدثاً جديداً وغريباً على المدينة التي اعتادت استقبال الأوركسترات من المحافظات الأخرى. لمع نجم "الأوركسترا" في السنوات الأولى من انطلاقتها، لكن الحرب أرخت بظلالها على البلاد التي تأثرت بها مناحي الحياة كافة؛ وخاصة الجانب الموسيقي.
وعن ولادة فكرة "الأوركسترا" وتنفيذها حدثنا "مروان دريباتي" (من مؤسسي البيت العربي) ليقول: تعتبر أوركسترا "البيت العربي" مشروعاً منبثقاً عن البيت العربي للموسيقا الذي أراد بلورة أعمال وطاقات المتدربين والمدربين والمشرفين لديهم وتتويج مجهودهم وإظهارها عملياً، فكانت فكرة الأوركسترا التي كانت وعاء احتوى كل هذه الإبداعات، وأظهرت مهارات المشاركين من خبراء ومشرفين ومدربين ومتدربين، وفي نهاية 2008 وبالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية في "دمشق"، بدأ العمل على المشروع الذي ساهمت الأمانة بمساعدتنا في وضع الخطوط العريضة في دراسة الأوركسترا كمشروع مستقر لكونه مؤسسة كاملة تتضمن إداريين ومشرفين ومدربين وتحتاج إلى آلات وغيرها من الاحتياجات.
مَسيِرَةُ الأُوركِسترَا
يتابع "دريباتي": بعد وضع الخطوط العريضة للأوركسترا، تم الإعلان عن أول حفل لها، وكان له صدى لدى الناس، فقد كانت الأوركسترا.. استمرت الأوركسترا تقدم عروضها التي كان يصل الحضور فيها إلى 1500 شخص لعدّة سنوات، حتى بدأت الحرب على البلاد التي أثرت بشكل عام على كافة المجالات والأنشطة الثقافية والفنية وعلى الموسيقا بشكل خاص؛ ولكن الأوركسترا حاولت جاهدة الحفاظ على مكانتها واستمرت بتقديم العروض ولفترات متباعدة ومازالت تحافظ على نواتها الأساسية لعلّ التألق يعود إليها.
وعن أفراد الأوركسترا يقول الفنان "دريباتي": كان لدينا في تلك الفترة طاقة بشرية موسيقية وفنية كبيرة، فقد عملنا منذ تأسيس البيت عام 2000 على الأفراد ممن كانوا ضمن الأوركسترا، إضافة إلى أفراد كانوا تدربوا سابقاً، فقد صعد حوالي 45-50 عازفاً على مسرح دار "الأسد للثقافة في اللاذقية" تراوحت أعمارهم الموسيقية بين ثلاث سنوات وحتى ثماني سنوات، من دون الحديث عن خبرات المشرفين والمدربين، لم تكن ظاهرة الأوركسترا جديدة على المدينة، فقد شهدت المدينة توافد أوركسترات من محافظات أخرى كدمشق وحلب؛ ولكن الجديد أنها أوركسترا خاصة بمدينتهم ومن أبنائهم.
عَن الخَطِّ المُوسِيقِيِّ للأُوركِسترَا
رفعت الأوركسترا شعارها الموسيقي باتجاه الموسيقا الكلاسيكية العالمية، يعني الموسيقا الصرفة عالمياً، وكان من ضمن برامجها التي قدمتها مقطوعات عربية متنوعة إضافة للمحليات الفلكلورية، حيث عملنا – يضيف دريباتي- على الموسيقا الفلكلورية برؤية جديدة تتناسب مع الفترة التي قدمنا فيها، إضافة لتقديم مقطوعات لموسيقيين عالمين كموزارت ورحمانينوف، وموسيقا عالمية من سوناتا وكونشيرتو، أما عربياً قدمنا مقطوعات تحمل الروح الشرقية الحقيقية من لونغات وسماعيات، إضافة إلى فلكلوريات محلية، فكان البرنامج متنوعاً، وقد عملنا على تقديم برنامج تضمن فلكوريات من جميع المحافظات، وعملاً خاصاً بمدينة "اللاذقية" من الفلكلور وحتى الحداثة، تضمن ظواهر غنائية غير متبلورة ولم تشتهر إعلامياً في تلك الأيام إضافة إلى مؤلفات جديدة وحديثة.
وتابع: ضمت الأوركسترا طاقات موسيقية قوية ومبدعة؛ ولكن الأوضاع الحالية التي دفعت العديد من الخبراء إلى السفر خارج البلاد، وازدادت هموم الناس وتغيرت أولوياتهم، إضافة إلى أن مشروع كالأوركسترا يحتاج إلى إمكانيات اقتصادية ومالية كبيرة ما أدى إلى وصول الأوركسترا إلى حال من الاحتضار، فهي ما زالت تقاوم للحفاظ على نواتها وتقدم الحفلات، ولكن ليس بنفس القوة التي كانت عليها في بداياتها وتنتظر علّها تجد من يعطيها الجرعة التي تنقذها من الموت.