شكلت فرقة الحجرة النابعة من إبداعات مدرسي معهد فريد الأطرش بالسويداء، نشاطاً متنوعأ في تقديم التنوع الموسيقي داخل المحافظة وخارجها واستطاعت بناء جسور علاقة من خلال موسيقيين يحملون رؤية ثقافية في العزف والاستقطاب الفيزيائي للمتلقي بمهارة وتقانة بشكل علمي.
تأسيس فرقة الحجرة
ولدت هذه الفرقة من رحم الأعمال والأنشطة التي يقوم بها معهد فريد الأطرش وحملت معها انسجاماً هارمونياً في التعبير والسلوك والهدف المشترك وكان لعناصرها الدور الكبير في تطويرها وتنمية قدراتها لتصبح من الفرق التي لها صبغة وميزة خاصة بها تقدم العروض على المسارح وفق برنامج يتم الاتفاق عليه، الحديث كان للموسيقي "سمير نور الدين" أستاذ في معهد فريد الأطرش للموسيقا ومؤسس لفرقة الحجرة... وتابع بالقول لـ"مدونة الموسيقا": «من خلال تدريسي لآلة الكمان في المعهد ومن خلال متابعتي لامتحانات الآلات الوترية "كمان، فيولا، تشيلو"، لاحظت المستوى المتقدم للطلاب وكانت الفكرة الأولى بتشكيل رباعي وتري واعتماد مقطوعات كلاسيكية .وبعد البروفة الأولى ولدى ملاحظتي حماس الطلاب للعزف الجماعي، قررت زيادة عديد الفرقة وتشكيل فرقة موسيقى حجرة من 22 عازف آلة وترية وعازفي آلة فلوت، واستضافة عازفين من آلات أخرى حسب الحاجة، وبدأت باختيار مقطوعات عالمية أو مقطوعات شرقية بعد توزيعها هارمونيا لتتناسب مع الفرقة، وكان حفلنا الأول عام 2014. المستوى المميز للفرقة، والعمل المتقن بشكل عام شجع المدرسين للاشتراك معنا في حفلاتنا التي استمرت حتى عام 2016.
يتابع نور الدين: ولعدة أسباب ولظروف مختلفة انقطعنا عن الحفلات مع رغبة دائمة لإعادة أحياء الفرقة مع جيل جديد من طلاب المعهد، الشيء الذي تحقق من ثلاثة أشهر حيث أعدت تشكيل الفرقة من 28 عازفاً من الطلاب وقمت بتجهيز برنامج منوع وبعد جهد كبير تكلل بإقامة حفلنا الأخير في قصر الثقافة، والذي حقق استحساناً كبيراً عند الحضور، ومن بين الأعمال التي قدمناها:
آين كلاين: موزارت.
ويدينغ مارش: مندلسون.
بالاديو: كارل جنغنز.
رقصة نابوليتانية: تشايكوفسكي، فلوت بمصاحبة الفرقة.
بخشاكورد :عادل كراي مؤلف اذربيجاني، للبزق بمصاحبة الفرقة.
راديتزكي مارش: شتراوس.
موسيقى "ليلة القبض على فاطمة": عمر خيرت بمشاركة آلتي عود وبيانو.
وبدوري لا بد الذكر بمساهمة الأستاذ "معين نفاع" مدير المعهد ومشاركته وكانت مبادرته تلك بالمشاركة معنا عازفاً بالبروفات الأولى تشجيعاً للطلاب وتحفيزهم، إضافة للزملاء والأساتذة "راغد نفاع" و"لؤي عماد" اللذين كان لمشاركتهما بالعزف معنا أيضاً الأثر الكبير على الطلاب وعلي أنا شخصياً.
النمط الموسيقي
ويشير المايسترو "نور الدين" إلى أن الفرقة أقامت مؤخراً حفلاً في قصر الثقافة بالسويداء بحضور فعاليات فنية واجتماعية وعلمية وثقافية وأهالي الطلاب وقدمت الفرقة أعمالاً موسيقية بأنماط مختلفة منها كلاسيكية غربية وشرقية، وكان لقيمة العزف ومهارته الدور في تكوين التصور الاجتماعي عند الحضور أن طلاب المعهد يعملون باحتراف ومهنية عالية.
وتجدر الإشارة إلى أن المنهج العلمي المتبع في التدريس يعتمد على البناء والتنمية والتفوق، بحيث الطالب يستطيع الدخول للمعهد العالي للموسيقا حين يبرز وثيقة تخرجه من معهد فريد الأطرش بعد إجراء الاختبار اللازم له، وبالتالي التعاون الوثيق بين الطلاب والأساتذة يجعل فرقة الحجرة تتقدم وتتفوق في أعمالها وإصرارها على التميز.
المتابعة والتنسيق
لعل الإدارة الناجحة والإحساس بالمسؤولية التربوية والعلمية والفنية الإبداعية، يجعلنا نعمل من دون التفكير بالمردود المادي بقدر تفكيرنا بالمردود الإبداعي -يتابع نور الدين- إذ نتطلع وفق خطة ممنهجة بعد الانقطاع وهناك برامج جديدة تم وضعها بالتعاون مع إدارة المعهد الموسيقي الأستاذ "معين نفاع" على اعتماد رؤية مستقبلية لإقامة -كحد أدنى سنوياً- ثلاث أو أربع حفلات، وهناك تشجيع واضح من الإدارة، ولابد من الإشارة أن مدير المعهد "معين نفاع" ونتيجة حرصه مع الزملاء الأساتذة قاموا بالعزف إلى جانب الطلاب في الحفل، ولعمري كان ذلك تشجيعاً وحافزاً كبيراً للطلاب ولقائد الفرقة معاً، وهي مبادرة لم تسبق ولم تلحق، وهو عمل مهني أخلاقي إبداعي بجدارة، يحمل بين منمنماته علاقة تفاعلية وحس مسؤولية في تشكيل الروح الجماعية الواحدة الهادفة إلى النجاح والاستمرار وهذا ما وضع له الخطة المناسبة.
الطموح والمعاناة
أوضح الموسيقي الأستاذ "معين نفاع" مدير معهد فريد الأطرش للموسيقا أن ولادة فرقة الحجرة تاريخياً ليست جديدة على الفرق الموسيقية فهي وجدت في حجرة صغيرة ضمن قصور الملوك والأمراء وكانت مؤلفة من أربعة عازفين على الآلات الوترية في بلاط الملوك، إذ لم تكن تتسع الحجرة لأكثر من ذلك ولهذا سميت فرقة الحجرة، ومع الزمن تطورت إلى ثمانية عازفين إضافة إلى الوتريات دخل إليها آلات النفخ، ولعلنا بصحبة زميلي الأستاذ "سمير نور الدين" وأثناء دراستنا في المعهد العالي للموسيقا كنا أحد أعضاء فرقة الحجرة في المعهد.
أما الطموح لدينا طموح كبير في تطوير العمل والاستمرارية عد تأهيل الطلاب بالشكل الأفضل ولكننا نصطدم بالواقع إذ ما أن يصبح الطالب في مرحلة متفوقة وقادر الاعتماد عليه فنياً وعلى أبواب التخرج من المعهد حتى ينتقل لدراسته العلمية الجامعية أو لدراسة المعهد العالي للموسيقا، ولهذا نعاني حقيقة من الالتزام لطلابنا المؤهلين، وأيضاً نعاني من معوقات الوضع الاقتصادي في النقل والانتقال، ورغم كل تلك فإننا نؤمن بالعمل والمثابرة ولدينا الإيمان المطلق في إيصال رسالتنا التربوية والموسيقية الفنية من خلال الإخلاص بالعمل من الزملاء الأكفاء علمياً وأخلاقياً.