يرى "أدهم عزقول" مدير معهد "فهد بلان" للموسيقا العربية أن تخليد أعمال الخالدين يحتاج إلى عمل مجتمعي وحكومي واسع الطيف، وهذا كان أحد دوافعه لتسمية معهده باسم الفنان المرحوم "فهد بلان" ابن "السويداء".

يقول "عزقول" لـ "مدونة الموسيقا": من رغبةٍ بتخليد ذكرى الفنان الراحل فهد بلان طلبت من عائلته الموافقة على تسمية معهد "الأنغام العربية" (الذي خرّج مجموعة كبيرة من العازفين والمواهب) بـ "معهد فهد بلان" إعلاناً لمشروع موسيقي توثيقي لأعماله الفنية التي لم يظهر منها إلا جزء يسير من إبداعه ونجومية لم تأفل بغيابه قبل 25 عاماً، الفنان الذي ترك بصمات فنية اجتماعية إنسانية جعلت منه شخصية محبوبة في الوسط الاجتماعية تكاملت مع تاريخ غني وزاخر حفظت في سِير من عاشره، وأسطوانات فنية وحفلات عبرت بصدق عن فنان كبير.

ترجم "أدهم عزقول" تأثره به من خلال اقتناء منحوتة للفنان نفذها النحات "فؤاد نعيم" وكانت بداية لإطلاق المعهد بحلة جديدة وبرصيد غني من العازفين والمغنيين وفرقة للكورال.

1- أدهم عزقول مدير معهد فهد بلان للموسيقا في السويداء

يكمل عزقول: بعد اقتناء المنحوتة التي تأثرت بها حاورت أسرة الفنان الراحل لأتمكن من تسمية المعهد باسم هذه القامة الفنية التي أعتز بها شخصياً وبتاريخ ومسيرة كانت أشبه بنحت الصخر والعراك مع الظروف للوصول إلى الشهرة، وليست أي شهرة بل تلك الشهرة الوازنة بالغناء وانتقاء الكلمة والتعبير عن مشاعر جيل كامل تمايل مع أغاني مثل "واشرحلها"، و"من قليبي للحلو لبعث خبر"، و"غالي علينا يا جبل"، و"على البال بعدك يا سهل حوران".

المعهد الذي سمي عند التأسيس عام 2011 باسم معهد الأنغام العربية درّس كل الآلات وقدم خبرات عازفيه وطلابه ليكون لهم دور في تخليد وإعادة إحياء هذا التراث الغني، ثم تيمناً به أقيمت عدة حفلات وأنشطة منها منتدى الراحل "فهد بلان" لثلاث سنوات متتالية وحفلات سنوية أعادت من أغانيه ما أطرب الجمهور وكان على عاتق إدارته البحث في تراث العظيم الراحل لتقديم مقطوعات وأغان لم تأخذ نصيبها من الشهرة ولا تقل عن روعة ما قدم واشتهر به الفنان.

2- الاستاذ يحيى رجب خلال مشاركته في لجنة تحكيم مسابقة سمّعنا صوتك

من أهم الأنشطة وفق "عزقول": مسابقة أفضل عازف للعود تحت 18 حيث أقيمت ثلاث مرات، ومسابقة "سمعنا صوتك" التي انطلقت عام 2019 لكل الفئات ولدعم المواهب واكتشاف مواهب تستحق الرعاية، وفعاليات سنوية انطلقت بذكرى وفاته.

ويضيف: قبل تسمية المعهد الجديدة أقمنا مسابقة باسمه منذ عام 2009 وبذكرى وفاته وكانت عبارة عن دعوة لكل من غنى أغاني الراحل وكانت الحصيلة أصوات رائعة قدمت بسخاء من أغانيه وتميزت إلى جانب ملتقى "فهد بلان" الأول والثاني والثالث، وهذا العام نعد للملتقى الرابع، وعادةً ترافق الأنشطة الفنية ندوات ناقشت الميراث الفني وأين أجاد بلان وجدد.

3- ليث باسل حاطوم احد طلاب معهد فهد بلان

تنتمي للمعهد عدة أقسام تبدأ بقسم الإيقاع والعود والغناء إلى البيانو والكورال ويعتز المعهد بمن خرجهم من طلاب انتسبوا للمعهد العالي للموسيقى ومسيرة فنية حصدت إعجاب المتابعين ومن وجهة "عزقول" أن ما تم إنجازه عبارة عن بناء قواعد تؤهل لعمل أكبر يتبناه المجتمع لتوثيق أعمال الكبار من هذه المحافظة، واكتساب القيم الفنية الكبيرة لجيل قدم بسخاء.

هذه الفعاليات قربت شرائح مختلفة من المعهد لينتسب له عدد من الكبار وليس فقط من فئة الأطفال واليافعين والشباب، ويصبح من طلابه نسبة عشرة بالمئة من هذه الشريحة التي انتسبت للموسيقا والغناء بمراحل عمرية متقدمة.

علاقة متميزة مع أهالي الطلاب

ويضيف عزقول: يزورني الآباء والامهات لتسجيل أولادهم والحديث عن مستقبلهم في الموسيقا. اكتشفنا مواهب رائعة في العزف والغناء والكورال وهذا ما أعتبره حلقة وصل بين المعهد والمجتمع، ونسبة من هؤلاء مشاركين دائمين بحفلاتنا السنوية.

ويقول: خطتنا الحالية تتجه لتوثيق أعمال الراحل فهد بلان والتي لم تنتشر بما يوازي أعماله الفنية التي انتشرت، ففي الأرشيف مقطوعات وأغان من أجمل ما قدم، لا تقل ابداعاً وجمالاً عن أشهر الأغاني، وهذه الأغاني ميراث لابد من تسجيله ونشره وأضعف الإيمان المحافظة عليه، مع العلم أن العائلة حفظت النسبة الأكبر لكن هذا الميراث يجب أن يخلد بمتحف تخصصي، وهنا لابد من التذكير أنه وبمرحلة سابقة حصلت السويداء على موافقة لإقامة متحف في بيت الراحلة "أسمهان" للكبار الثلاثة "أسمهان" و"فريد الأطرش" و"فهد بلان" وهذا حلم كبير يحتاج لجهد مشترك حكومي وشعبي.

شهادات وآراء

درّس أستاذ الموسيقا "يحيى رجب" في المعهد لمرحلة زمنية وهو متابع دائم لعمله في مجال تدريب الأطفال والشباب واليافعين، وكان عضوا في لجان التحكيم في مسابقة "أحلى صوت" و"سمّعنا صوتك" مبيناً أهمية هذه المسابقات وأثرها في إظهار المواهب ودعمها والمستوى المتميز لهذه المسابقات وأثرها على الساحة الموسيقية وكم خرجت من مواهب ولاقت صدى كبير وأصداء محلية وعربية.

وقال لـ "مدونة الموسيقا": المسابقات عكست مستوى العازفين والنجاح الواضح في تدريبهم وتطوير مواهبهم، وحققت هذه المسابقات حضور كبير على ساحة المجتمع والمهتمين، وكان أن تلقينا اتصالات من عدة دول عربية للتعرف على المسابقات والتأكيد على تميز الخامات المشاركة، وهذا بحد ذاته إنجاز يحسب للمعهد والقائمين عليه.

كما يجد المحامي "باسل حاطوم" بالمعهد المكانَ المناسب لتطوير موهبة ابنه "ليث" في العزف، حيث حظي باهتمام أستاذه "سالم عماشة" موضحاً تميز المعهد بما يقدمه من حفلات خلقت مساحة جماهيرية كبيرة وصلة مع أهالي المتدربين الذين يشاركون المعهد في حفلات وأنشطته أظهرت مستوى متقدم في تخريج عازفين مهرة.

ومبيناً أن التعامل مع المتدربين سلس ومدروس، وهناك تنوع وغنى بطرائق التدريب وهذا ما لمسه من خلال متابعة ابنه والتقدم الكبير في عزفه، موجهاً الشكر لإدارة المعهد وكوادره لما يبذلون من جهود تركت بصمات مميزة على الواقع الموسيقي بالمحافظة ونشر الثقافة الموسيقية.

عتبٌ كبير

أخيراً يفصح عزقول عن عتب كبير على نقابة الفنانيين وما تضعه من عراقيل من وجهة نظره في انتساب عدد كبير من المواهب التي خرجها المعهد ولها حضور فني يؤكد أحقيتها بالانتساب للنقابة، وتكرر هذا الأمر عدة مرات، متمنيّاً إعادة النظر بروائز القبول ودراسات اللجان، لأن حصول الفنان الحقيقي على عضوية النقابة عامل قوة ودعم للمواهب وللنقابة في ذات الوقت ليكون الانتساب بحسب النوع وليس الكمّ.