حقق الفنان الراحل حسام الدين بريمو، رغم كل الصعوبات التي واجهته، مشروعه الإنساني والحضاري الموسيقي من خلال تأسيس أكثر من خمس جوقات للغناء الجماعي والعديد من الفرق الموسيقية، بهدف تنمية هذا الفن النبيل وتقديم أسمى القيم الفنية والتربوية، تاركاً إرثاً موسيقياً ثميناً لا يتكرر.
...الصديق الموسيقي "حسام بريمو" شهادتي فيه مجروحة، فقد ترك فراغاً كبيراً بغيابه من الناحية الإنسانية والموسيقية" -هذا ما قاله المايسترو "كمال سكيكر" رئيس قسم الموسيقا العربية في معهد صلحي الوادي، ورئيس دائرة المسرح المدرسي لـ"مدونة الموسيقا" التي التقته للحديث عن الراحل- وأضاف: كان الفنان "بريمو" المربي والأستاذ الفاضل الذي عزز عند الأطفال الصغار حب الموسيقا والتفاعل معها والفن الراقي، ويكاد يكون ذلك من دون أي مقابل، فمحبته للموسيقا وللإنسان ولبلده جعلته يقضي أوقاته كلها بالعمل الموسيقي الجاد، أما على الصعيد الموسيقي فقد خسرت موسيقانا أستاذاً ساعد بنشر الغناء السوري ابتداءً من فترة الغناء باللغة الآرامية حتى الآن، "حسام بريمو" كان مثالاً يحتذى لحب العمل المتواصل، فما أنشأه من جوقات غنائية شملت كل الأعمار من الصعب أن نجد من يفعلها، في النهاية لقد خسرنا واحداً من أهم الأسماء على الساحة الموسيقية السورية والعربية.
فيما يقول الموسيقيّ "إيهاب القطيش": خسرنا قامة فنية مبدعة على جميع الأصعدة، ويضيف: تمكن الفنان "حسام بريمو" من تأسيس منارة الغناء الجماعي في سورية، وكانت فرقة "لونا" للغناء الجماعي تضم جميع الفئات العمرية، واستطاع نشر الفرح في قلوبنا من خلال موسيقاه التي كان يقدمها للأطفال والكبار والعازفين بكل مكان، وفي الحقيقة أغلب الموسيقيين اليوم كانوا من طلابه سواء من هذا الجيل أو الجيل السابق، أما حالياً فقد ترك برحيله أثراً عميقاً جداً لن يمحى من خلال الجوقات الموسيقية التي أسسها واجتهد عليها، لأنه كان صاحب مشروع وطني مهم يجمع كل الأطفال الشغوفين للموسيقا والغناء.
..كان من أول المحفزين والمشجعين لدخولي إلى المعهد العالي للموسيقى" -تقول الموسيقية "سعده الحكيم" لـ"مدونة الموسيقا"- وتتابع: الراحل حسام بريمو إنسان بكل معنى الكلمة، كان يعاملنا كأننا أبناؤه، ويدربنا على الموسيقا بكل جهد وتفانٍ، كان شخصاً محبوباً جداً ولطيفاً وصارماً بذات الوقت، زرع فينا الصبر وعلمنا أن الموسيقا تحتاج جهداً عظيماً حتى نستطيع الحصول على الأنغام الجميلة، وبالتالي هي أهم شي في الحياة، ومنذ بداياتي في المعهد العالي للموسيقا ساعدني في الخروج من ذاتي إلى عالم آخر أجمل، فتمكنت عن طريق الموسيقا من أن أصنع نجاحي بالجد والاجتهاد، ونتيجة لذلك عندي محبة كبيرة جداً لتعليم الأطفال الفن والفرح، وأصبحت عندي لهفة لمساعدة أي إنسان محتاج، وكل ذلك تعلمته منه.. عزائي لأهله ولمحبيه، هو فعلاً خسارة لنا كموسيقيين وللمعهد العالي للموسيقا ولدار الأسد للثقافة والفنون ولسورية قاطبةً، فالأشخاص الطيبون هم دائماً في القلب والذاكرة.
كما حدثنا الموسيقي من معهد البيكار "إياد حنا" قائلاً: هو من أعمدة الموسيقا والفن في سورية وشخص بناء اجتماعياً وثقافياً وفكرياً، وقد نجح المايسترو "حسام بريمو" في تقديم الموسيقا إلى عشرات من الأسر في سورية من خلال طلابه، فهو من الأشخاص الموسيقيين الاجتماعيين العظماء، والأثر الذي تركه باقٍ ومستمر وغير قابل للزوال مادام طلابه موجودين اليوم، وبالتالي سوف ينشرون العلم والثقافة وحب الآخر وكل ما تعلموه من قيم ومعارف من الفنان الراحل "حسام بريمو".
يُذكر أن الفنان "حسام بريمو" من مواليد دمشق 1962 رحل عن عالمنا بتاريخ 24 آب2022 إثر مرضٍ أصابه في آخره سنوات عمره؛ أشرف على عدة جوقات للغناء الجماعي بأعمار مختلفة، على رأسها جوقة "لونا" التي تضم خمسة كورالات، إضافة إلى جوقات أخرى كـ "قوس قزح" و"ألوان" و"ورد".
وعمل "بريمو" لسنوات ممثلاً مسرحياً في العديد من الفرق المسرحية ومنها فرقة المسرح الجامعي بجامعة دمشق، ثم درس الموسيقا في المعهد العالي للموسيقا، وتعلم وأتقن الغناء الكلاسيكي، تاريخه الغنائي غني بـ300 حفل موسيقي، وشغل عدة مناصب، منها وكيل المعهد العالي للموسيقا ومدرس فيه، ومن ثم مدرس في كلية التربية بدمشق، ومن ثم معاون مدير دار الأسد للثقافة والفنون، ويذكر أن آخر حفل أحياه الراحل كان بمناسبة عيد الميلاد 2021، بأمسية "دفى الميلاد" الموسيقية.