برزت موهبة "كنان العظمة" الفريدة وحضوره العالمي كعازف ومؤلف موسيقي من خلال مشاركاته مع العديد من الفرق والأوركسترات العالمية، مكوناً مساحته الفنية بفرقته الخاصة التي تتيح له تقديم قطع موسيقية مميزة وجديدة.

جَوٌ أُسَرِيٌّ مُشَجّعٌ

"مدونة الموسيقا" تواصلت مع عازف الكلارينت والموسيقي السوري "كنان العظمة" المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، والذي يحدثنا عن موهبته واختياره للكلارينت بقوله: "لاحظ الأهل اهتمامي بالموسيقا منذ عمر مبكر حيث كنا نستمع إلى الموسيقا في المنزل بشكل متكرر، والدتي تحب الموسيقا العربية، ووالدي يحب الموسيقا الكلاسيكية، كما يعزفان على الآلات الموسيقية والدتي تعزف على الغيتار ووالدي يعزف على الكمان، وأختي "ريما" تعزف الغيتار والفلوت، وفي سن السادسة درست في المعهد العربي للموسيقا "صلحي الوادي" حالياً، وبدأت العزف على الكمان لفترة قصيرة، ولم أشعر بالراحة لأنني استخدم يدي اليسرى، فاقترح عليّ الانتقال إلى آلة تتطلب استخدام كلتا اليدين بنفس المهارة فانتقلت إلى الكلارينت في سن السابعة".

خَوَاصُ الآلَةِ

ويتابع حول خصوصية آلة الكلارينت: "عام بعد آخر أصبحت الموسيقا تعني لي الكثير، وشعرت أنني أتطور، ولمس أساتذتي ذلك التحسن، ولاشك أن التمرين المتواصل والدؤوب ودعم الأهل ساعدا على تنمية الموهبة التي تحتاج دوماً هذا المزيج، وإن لم يحاول الإنسان تنميتها تختفي مع الوقت، وما يميز آلة الكلارينت خاصيتان الأولى هي المدى الصوتي للآلة من حيث انخفاضه وعلوه من ناحية طبقات الصوت فيشبه الصوت البشري، وكذلك يشبهه بحدة الصوت ممكن أن يكون عالياً جداً، وممكن أن يكون خافتاً، الثانية أن الكلارينت آلة مرنة يستطيع الإنسان توظيفها بعدة أنماط موسيقية الجاز، الكلاسيك، موسيقا دول البلقان، وهي موجودة بكثرة في الموسيقا بتركيا- أذربيجان- اليونان- وأحب مرونتها هذه".

1- عازف الكلارينيت السوري العالمي كنان العظمة

مُشَارَكَاتٌ عَدِيدَةٌ

2- من إحدى حفلاته العالمية

لدى "العظمة" مشاركات واسعة محلية وعربية وعالمية وحولها يقول: "شاركت مع فرق كثيرة عندما كنت في "سورية" منها الفرقة السيمفونية الوطنية بأكثر من مناسبة، وكنت عضواً فيها مع الأستاذ المايسترو "صلحي الوادي" رحمه الله، وفي عام 2000 انتقلت إلى "الولايات المتحدة الأميركية" عندما كنت في الرابعة والعشرين من العمر، وخلال وجودي هناك تعاونت مع فرق كبيرة وعديدة منها "نيويورك فيلهارمونِك"، فرقة "سياتل سيمفوني أوركسترا"، ومع أروكسترات متنوعة في "أوروبا" وأسست فرقاً خاصة بي منها فرقة "حوار" التي أسستها مع "ديمة أورشو" و"عصام رافع"، وفرقة "كنان عظمة سيتي باند" فرقتي بمدينة "نيويورك" التي تجمع بين الجاز وبين الموسيقا العربية، وبعض تأثيرات الموسيقا الكلاسيكية التي تحتوي كلارينت، درمز، غيتار، الكتريك بيس".

ويتابع: "التجربة مع فرقة "كلنا سوا" كانت تجربة لطيفة لأنهم أصدقاء مقربون منذ زمن طويل وكنت أشعر بالسعادة لأنني أعزف معهم كلارينت وساكسفون، وكنت أجرب أنماطاً موسيقية جديدة مع الفرقة، وهي من أوائل الفرق المستقلة التي انتشرت بشكل سريع وحقيقي بأوساط الشباب في "سورية"، وكل فرد منها أصبح في بلاد معين ولكننا لا زلنا على تواصل ولا زلنا أصدقاء".

أَدَاةُ تَوَاصُلٍ

الموسيقا هي أداتي الأساسية للتواصل مع العالم المحيط بي، هكذا تعني الموسيقا بالنسبة لعظمة الذي يقول: "هي أداة تواصل أساسية للتعبير عن نفسي، أشعر أنني محظوظ لأنني أعبر من خلال الكلارينت بطريقة أكثر اختصاراً وعمقاً من التي يتيحها لي الكلام، الموسيقا هي من أهم الأشياء في حياتي، واعتبر أن الموسيقا فن متكامل من الضروري أن يؤدي العازف أعمال للموسيقيين الكبار، وأن يكون على تواصل مع المؤلفين الآخرين الذين يكتبون موسيقا اليوم، ومن المهم أن يكتب العازف الموسيقا الخاصة به إذا كان لديه ما يقوله".

التَّألِيفُ المُوسِيقِيُّ

حول الكتابة الموسيقية يقول "العظمة": "بدأت بتأليف أول قطعة موسيقية في سن صغير بعمر 8 سنوات كتبت لحناً بسيطاً، ولكن الكتابة بدأت بشكل حقيقي مع فرقة "حوار" عام 2003 كتبت عدة قطع موسيقية لها، ثم كتبت لفرقتي الجاز بنيويورك، وأكتب لأعمال أوركسترالية، ومؤخراً انتهيت من كتابة أوبرا بعنوان "أغان لأيام قادمة" وتقدمت بألمانيا منذ شهرين فالكتابة الموسيقية تعني لي الكثير لأن الموسيقي يستطيع أن يقدم من خلال الكتابة ما لا يستطيع تقديمه بالعزف، وأكتب موسيقا لفرق أخرى وموسيقيين آخرين كما أكتب لنفسي، التلحين الموسيقي له متعة خاصة تختلف عن الأداء الذي يتم تأديته على المسرح أمام جمهور، الكتابة الموسيقية هي عمل يتطلب الوحدة أن يكتب الموسيقي على مكتبه، وتقدم له رضا موسيقياً مختلفاً".

الصِّدقُ أَوَّلَاً

فيما يتعلق بمكونات العمل الموسيقي الناجح يقول: "أن يكون صادقاً ومن الضروري للفنان أن يكون حقيقياً وأن تكون لديه ثلاث مقومات أولها الفكرة التي يريد أن يعبر عنها، الأداة للتعبير عنها وهي في حالتي الكلارينت أو الكتابة الموسيقية، وثالثاً المهارة لاستخدام الأدوات للتعبير عن الفكرة، إذاً فالفكرة ضرورية جداً (ماذا تحاول أن تقول للجمهور؟) مع كل هذه المعطيات على الموسيقي أن يكون صادقاً مع نفسه وصادقاً مع جمهوره، من أكثر القطع التي أعزفها متتالية بعنوان "متتالية لعازف مرتجل مع الأوركسترا" فيها ثلاث حركات الحركة الأولى شارع 139 الثانية بعنوان 22 تشرين الثاني، والثالثة بعنوان عرس قدمت هذه القطع مع فرقة "حوار" مع فرقة الجاز الخاصة بي مع أوركسترات كبيرة بأوروبا وأميركا والعالم العربي".

مُوسِيقَاهُ المُفَضَّلَةُ

يفضل "العظمة" سماع وعزف الموسيقا الصادقة والموسيقا التي تجعله يفكر ويشعر بأحاسيس غير متاحة له بالحياة العادية ويرى أن كلاً من الجمهور والموسيقيين يتوجه للفنون لأنها تقدم عواطف أعمق عن تلك التي نختبرها بالحياة وأكثر تركيباً ويقول: "عزفت مع عدة أوركسترات عالمية وعزفت منفرداً وكل من الحالتين له ميزاته ومتعته الخاصة، ففي العزف المنفرد تظهر العلاقة مع الآلة والعقل والقلب وكيف يستطيع العازف تقديم شيء مميز على المسرح، أما العزف مع الفرق أو الأوركسترات الكبيرة فيه أخذ ورد مع الموسيقيين الآخرين، وما أفضله هو عندما أكون عازفاً منفرداً مع الأوركسترا فعندها أقوم بالاثنتين معاً وأركز على ما يقدم وبنفس الوقت أستمع لما يقدمه زملائي وأعرف أنهم يستمعون وينصتون لي أيضاً".

الحَظُّ حَلِيفُهُ

لا توجد معوقات حقيقية تعرض لها العظمة بشكل خاص، بل هي على حد قوله تواجه السوريين بشكل عام فيقول: "درست في المعهد العربي للموسيقا ثم في المعهد العالي للموسيقا وكنت محظوظاً بأساتذتي، وعندما سافرت لأميركا درست بأحد أشهر مدارس الموسيقا فيها ولم أشعر بالصعوبة، لكن بالعكس كنت أشعر أنه تم تحضيري بشكل أكثر من جيد".

ويتابع: "حصلت على عدة جوائز منها بعمر 21 عاماً اسمها جائزة "روبنشتاين" للعازفين الشباب في "موسكو" عام 1997، ومع فريق طريق الحرير جائزة "غرامي" عام 2017 وفي 2019 حصلت على جائزة "أوبس كلاسيك" الألمانية عن الألبوم الجديد بعنوان "سماء وعرة".

نشير إلى أن العازف والمؤلف الموسيقي "كنان عظمة" من مواليد "دمشق" عام 1976 خريج المعهد العربي ثم المعهد العالي للموسيقا، حاصل على إجازة من كلية الهندسة الكهربائية فرع الالكترون بجامعة دمشق، وحاصل على الماجستير بجامعة "جوليارد" للموسيقا بنيويورك، وحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة "نيويورك" ويقيم فيها حالياً.