منذ الولادة وبعد انقضاء العام الأول لـ"مدونة الموسيقا" وفي الاجتماع الأول للتأسيس الذي حضرناه بمكتبة "الأسد" مع رئاسة وهيئة التحرير للمدونة تم وضع جميع الزملاء المراسلين بالمحافظات في صورة الغاية الأسمى والهدف الذي من أجله تم إحداث وإطلاق مشروع مدونة الموسيقا. الرسالة التي وصلتنا كانت مهمة وغنية بمحتواها وواضحة بنهجها لضرورة الإسراع والعمل الجاد وفي جميع المحافظات وفي أي مكان من أجل لملمة وتوثيق وأرشفة الأعمال الموسيقية والغنائية السورية، القديم منها قبل الحديث، قبل ضياعه واندثاره في أوقات يصعب التعويض فيها.
ومن هذه النقطة انطلقنا جميعاً مراسلون ومحررون وفي توزع جغرافي نحو المدن والأرياف بعنوان محدد ورحلة عمل مضنية نبحث ونستقصي ونجمع ونسجل كل من نلتقيه من الكبار الذين مازالوا على قيد الحياة ونسترجع معهم ذكرياتهم وأهازيجهم وأغانيهم وحفلات أعراسهم ومناسباتهم الاجتماعية والدينية كيف كانت تقام، وكم يوم تستمر، وأين سجلت وحفظت، ومن غناها وعزفها ورقص فيها.
كذلك بحثنا عن أشهر المقطوعات الغنائية والموسيقية من محتوى تراثنا السوري. ومن الكبار أخذنا ودوّنا شهادات مهمة عن الراحلين وحياتهم وأغانيهم وموشحاتهم وقدودهم.
وبعد الكبار رصدنا نشاط الأحياء من مطربين ونساء وشباب وأطفال وموسيقيين ووثقنا عملنا وعملهم بالصوت والصورة وحضرنا وتفاعلنا معهم وكنا شهوداً على حفلاتهم ومعزوفاتهم ورقصاتهم وألعابهم.
المُدَوَّنَةُ لِلجَمِيعِ
فتحت "مدونة الموسيقا" منذ اليوم الأول صدر صفحاتها وموقعها أمام جميع الخبرات والمواهب الطربية والموسيقية بلا أي تحفظ على اسم.
في البدء تردد البعض في التعاون معنا كون المدونة حديثة العهد وغير معروفة ومشهورة، ومع رحلة الانطلاقة ونشر موادها ولقاء الفنانين على صفحات الشبكة العنكبوتية بدأ الإقبال والتفاعل والاستحسان والتجاوب والمتابعة يزداد وينمو يوماً بعد يوم مع تقديم الشكر والثناء على عملنا وجهدنا الذي نقوم به من كبار الخبرات والباحثين، مع مد يد العون لنا، ولم يبخل أي باحث تواصلنا معه بتقديم المعلومة أو تزويدنا بتسجيل نادر لم يسمع من قبل أو حتى صورة لم تنشر من قبل.
المُهِمَّةُ لَم تَنتَهِ
من الخطأ القول إننا وصلنا للنهاية ووثقنا الكثير، لا بل العكس تماماً ما قمنا به هو جزء يسير وخطوة أولى من ألف ميل نحو توثيق تراث فني كبير وعميق وشامل.
أمامنا رحلة عمل طويلة جداً وهناك كم كبير من المعلومات لم نوفق بالوصول اليها، وحتماً هي هدفنا في المرحلة اللاحقة من خلال أظهار القديم الجديد من تراثنا الموسيقي المتنوع بجميع جوانبه، مع لقاء الأصوات الشابة والموهوبة التي تغني الأصالة على أصولها بعيداً عن الغناء الهابط، وكانت الشخصيات الطربية والموسيقية الأولى في مقدمة ضيوف المدونة.
لا نقول إننا بلا أخطاء، وإن حدثت فهي بلا قصد ونتيجة نقص في المعلومات، ونحن في المدونة جاهزون لسماع الرأي الآخر وتقبل النقد لتصحيح أي معلومة ذكرناها وحدث عليها جدال ونقاش مع شكر واحترام كل من يزودنا بالجديد.
آَرَاءٌ فَنِّيَّةٌ ذَاتُ قِيمَةٍ
الباحث والناقد الموسيقي الدكتور "أيمن سيد وهبة" قال: "أنا متابع لمدونتكم منذ اليوم الأول لها، تستحقون الاحترام على جهدكم وعملكم الذي تقومون به في "مدونة الموسيقا" بحفظ وتوثيق التراث الفني الطربي والموسيقي بالصوت والصورة.. ويسرني التعاون معكم لأجل حفظ تراثنا الفني بجديد لم يعرف وينشر من قبل وكانت مدونتكم سباقة بهذا العمل المميز.
من جديد مبارك لكم نجاحكم بمرور العام الأول لقد كنتم بصمة حقيقية في الأرشفة وتسليط الضوء على الكثير من ماضينا وحاضرنا الفني".
الباحث الموسيقي الدكتور "محمد البابا" قال: "في البداية أبارك لكم عيدكم الأول، وأضيف بحق ومن دون أي مجاملة عملتم نقلة وإضافة واضحة يشار لها بالبنان في حفظ وتوثيق الطرب الحلبي والسوري بجميع مكوناته، وكان لي الشرف باستضافتي أكثر من مرة على صدر صفحات المدونة، عملكم مميز وعلينا جميعاً مد يد العون لكم لإنجاز مهمة لها أبعاد وطنية ترتبط بتاريخنا الفني العظيم من قدود وموشحات وإنشاد ومواويل، نعتز ونفخر بكم ".
عازف الكمان "محمد شريفة" قال: "كان لي الشرف باستضافتي بمادة كاملة بالمدونة عن سيرة حياتي، كم شعرت بالفرحة والإنصاف عن نشر اللقاء وكان ذلك بمثابة التكريم لي على ما قدمته في مسيرتي الفنية خلال ثلاثين عاماً وأكثر وأنا عازف موسيقي محترف.. وأعلم تماماً أن المدونة تواصلت مع أغلب مطربي وعازفي "حلب" وحضرت والتقت الكثير من أصحاب الأصوات الجميلة لأجل توثيق أعمالهم، ألف مبارك عيدكم الأول وإلى مزيد من النجاحات والتألق".
الباحث الموسيقي "ماهر موقع" مدير نادي "شباب العروبة" قال: "أظن أن توثيق التراث والحفاظ عليه من المهام الجليلة التي يتصدى لها المؤمنون بقيمة الوطن وأهمية موروثاته الثقافية والتاريخية عمل لا يقدر بثمن، لأن في ذلك فهم لأهمية هذا التاريخ ودوره في التعبير عن المشاركة بالحضارة الإنسانية جمعاء وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التراث اللامادي والذي هو عرضة للاندثار والنسيان إذا لم يتم توثيقه وصونه والحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة، وهنا لابد من الإشارة للجهود القيمة التي تقوم بها مدونة الموسيقا ومراسلها بمدينة "حلب" الزميل "زهير النعمة" في هذا الاتجاه خلال العام الأول من تقديم مساهمة فاعلة في طريق توثيق هذا النوع من التراث اللامادي بجوانبه الفنية والموسيقية ولاسيما تراث "حلب" بقدودها وموشحاتها ومواويلها وأشعارها والبحث والتنقيب عن هذا التراث ولاسيما منه غير المتداول أو المجهول وعن أهم الأسماء الفنية التي ساهمت ببنائه والحفاظ عليه".
وأضاف: "لقد كان العام الأول لمدونة الموسيقا ثرياً وغنياً بالعطاء والبحث والاستقصاء عن هذا التراث اللامادي وخطوة مهمة بهذا الاتجاه ألا وهي الحفاظ عليه وصونه من الاندثار والنسيان خاصة بعد أن تم تسجيل القدود الحلبية على لائحة التراث الإنساني باليونيسكو، وبالتالي تعتبر جهود المدونة خطوة مهمة ومباركة في طريق تعزيز هذا الاتجاه العالمي للاهتمام بالتراث اللامادي في سورية".