للإنشاد تاريخ حافل في حمص عبر منشدين سطّروا حضوراً جعل منشدي المحافظات الأخرى يعترفون لمنشدي حمص بـ"المعلّمية" في التنقل بين نغمة وأخرى بانسيابية واضحة مع قرار وجواب صوتي يتحكم به المنشد حسب الحالة الوجدانية إن كان في حفلات الموالد أو حلقات الذكر، فلكل إنشاد أسلوبه الخاص.

الزَّاوَيا والتّكَايا

تواجد المنشدين كان يتم في الزوايا والتكايايا والأذكار والموالد حيث يجتمع عشاق الإنشاد في استعراض كل منشد لمقدرته الصوتية وصنعته في التنقل من مقام لمقام مثل: "سقا زمان البان" إذ يكون محفوظاً للجميع يتم فيه تفريدات للمنشدين كل حسب إمكانيته، ومن أهم أماكن الانشاد والموالد: دار حج حافظ الطنانة، وزاويا دار الفقرا، والشيخ محمود الشاهرلي، والكيلانية والشاذلية والرفاعية والنقشبندية... حيث يجتمع كبار المنشدين ويتفننون في منافسة بعضهم في الإنشاد.

يبدأ المولد كالعاده بما يسمي "التعطيرة" التي تقول: "عطر اللهم روضه الشريف بعرف ذكي من صلاة وتسليم"... وتتالى الصفات الطيبه والعطِرة برسول الله محمد صل الله عليه وسلم، وبعدها يبدأ قائد الفرقه باختيار إنشاد من النغمة التي انتهت إليها التعطيرة، وبحلقات الذكر والنوبة كان المنشدون يتمايلون طرباً يقودهم عالم خبير ويوجههم بنغمات: الله الله الله، ثم لا إله إلا هو، ثم تبدأ الهمهمة، ويعطي الإذن لمنشدٍ فيصدح صوته بقصيدة ومعه يتحول اللعب بالمقامات من راست لبيات لحجاز لصبا... والذاكرون يرتفع بهم الحال .

1- منشدو حمص أيام زمان

المنشِدُون الأوَائِل

2- المنشد ماهر بحري

تميزت حمص بكوكبة من المنشدين الذين أسسوا للإنشاد أمثال: الحجاج أمين السلقيني وخالد ماضي وخالد شلار (الخلداوي) وعلي ختم، وعبد الهادي الكيلاني، محمد مزيد، وياسر المظلوم، وأبو راتب ريشه، وعبد الرحيم البني، وأبو بدوي الحموي، وآل الدبدوب ضاربي النوبة عالمزاهر، ثم لحق بهم كوكبة من المنشدين منهم: ياسر السيد، وأبوحسن الكردي، وسمير جنيد، ومهذب الشيخ عثمان، ومروان سكاف، وعبد الرزاق دالاتي ومحمد صنوفي.

الفِرَقُ الحَديثَة

تشكلت، بعد هؤلاء المنشدين الأوائل، فرقٌ للإنشاد بقيادة هيثم الطش وحسام الرجب وسليمان قسوات وحسن الزور وبلال خانكان وتامر كولكو وسرمد شلار وحسان المرعي، وبعد سفر هؤلاء ومنهم أيضا رضوان عودة "فرقة الخيرات"، وماهر البحري أحفاد خالد بن الوليد، وسالم شما المحبين، وأيمن مفتاح "فرقة الاشراق" وعبد العزيز العوير، تشكلت فرق حديثة امتلكت ساحة الإنشاد منها فرقة غزوان فشول، وفرقة "بسملة" لجمال النعسان، وروح الشام لعبد الكريم شاميه، والأنوار لنور البيريني، وحمص لرامز الصفدي، وفرقة الإيمان أيمن الحلبي، والغفران لوليد منصور .

3- المنشد الشاب غزوان فشول

يقول المنشد "ماهر بحري" -الذي استمر بالانشاد في الأردن مع فرقته "أحفاد خالد بن الوليد"- في لقاء مع "مدونة الموسيقا": "خلال ٤٠ سنة من مسيرتي في الإنشاد، هناك رجال كالجبال ومنشدون صادقون وعمالقة في إنشادهم، أوصلوا لنا الإنشاد الحقيقي والهادف فنهلنا منهم الأسس القيّمة والطريق الصحيح في الإنشاد، ولهم الفضل بعد الله، فمهما سمونا فهو من معينهم فيجب علينا أن لا ننسى فضلهم لأنهم بذلوا أعمارهم وأصواتهم في مدح الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم رحمهم الله والشيخ والشاعر نادر عروق الحسواني حفظه الله وهو له فضل علي وكان عمري ٧ سنوات".

فيما يحدثنا المنشد غزوان فشول عن مشواره الإنشادي: "نشأ عندي حبُّ الإنشاد من تواجدي في المسجد عندما كان والدي يأخذني لأداء الأذان ببعض مساجد حمص وأنا في عمر 12 سنه، ثم تعلمت في "معهد الأسد لتحفيظ القرآن" في مسجد القاسمي بإدارة الشيخ فهد الكيلاني وكان الأستاذ عبد الرحيم قمحيه يطلبني لتسميع ما حفظته، وكنت أذهب لعند الشيخ فهد عبد اللطيف وهو أحد حفظة القرآن، وتعلمت منه أحكام التجويد وتعلمت منه التنقل بين المقامات والتزمتُ معه حوالي العامين".

ويضيف فشول لـ"مدونة الموسيقا": "ثم تحولت للإنشاد بانضمامي لفرقة المنشد عبد الرزاق دالاتي وهو أحد منشدي حمص المبدعين ومعه في الفرقة المنشد قارئ القرآن عصام كبريت والمنشدين أحمد الجمل وسرمد شلار وعماد التدمري وشاركت مع المنشدين ومحمد صنوفي ومحمد الزعبي، وتعلمت من المنشد عبد الله الحموي (أبو بدوي) الأدوار والموشحات ولازمتُ المنشد أبو حسن الكردي صاحب الصوت القوي برفقة المنشدين سليمان قسوات وسمير جنيد، وحضرت معه مجالس الصلاة على النبي في مسجد الأمين وبمسجد خالد بن الوليد عند الشيخ سعيد الكحيل بحضور كبار منشدي حمص ، وبعد عودتي من الخدمه الإلزامية شكلتُ فرقة خاصة بي مع منشدين أصحاب أصوات قوية، والحمد لله ما زالت الفرقة تحيي الأفراح داخل حمص وخارجها".

كما التقت "مدونة الموسيقا" المنشد "محمد نور بيريني" قائد فرقة "أنوار حمص" وحدثنا عن رحلته مع الإنشاد: "بدأتُ منذ الطفولة المبكرة حيث تربيت في كنف والدي رحمه الله الذي كان يعشق الذكر والنشيد فكنت أرافقه مع إخوتي إلى جلسات وسهرات إنشادية بسيطة مثل الموالد، ومنذ الصغر كنت مولعاً بالإنشاد والنغم وخاصة من فم شيخ المنشدين الحاج الراحل حسن حفار، وكنتأقبل بكل عشق على سماع وحفظ كل ما يقول من موشح وقصيدة وموال، وأكرر الأشرطة مرات ومرات حتى تأثرت به كثيراً وأعتبره حتى اليوم معلمي الأول وصاحب الفضل الكبير علي في مجال الإنشاد، ولو أني لم ألتقيه شخصياً سوى مرات معدودة في حفلات أقيمت في حمص ، ثم مع مرور الزمن تعلمت من الأناشيد والقدود من كتاب (رياض الدرر) لدى شيخنا الشيخ محمد وحيد بحلاق رحمه الله من خلال مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقام في منزل الشيخ في حمص ومن خلال جلسات خاصة مع الشيخ رحمه الله تلقيت دورات ودروساً بسيطة في الإنشاد والأداء في بعض معاهد حمص ، وعملت مع إخوتي في فرقة كانت تسمى (رياض الحبيب) حتى العام ٢٠١١، ثم في العام ٢٠١٩ شكلت مع مجموعة من الإخوة فرقة أنوار حمص التي أتشرف بالانتساب إليها حتى يومنا هذا".

ونذكرُ من المنشدين المميزين: الشيخ أسعد الكحيل و فواز حالو وزياد الآغا ومحمد ديب البيطار والمرحوم سليمان درويش ومحمد النجار أبو سعدو جمال درويش وسليمان أبو محمود الغنطاوي ومحمد صنوفي وناظم أبو طلال الفصيح وأبو عبد السلام شلار وعبد الخالق السيوفي وعماد التدمري وأيمن مفتاح ومحمد الأبرش وعلي محمود الحسواني ومحمد القاضي ولؤي مهرات ومحمود الخضاري وعصام كبريت وعدنان قيسون وجهاد غالي وعبد السلام شعبان وبلال الحموي وجابر الحسين وفراس الحوت وعماد مندو وفراس مندو محمد عبدالله فيزو وراكان جبر ومحمد علي الأبرش ورائد مشرف وعمر البحري وخالد الفلاح ونور الرجب وفواز حالو وحيد بحلاق وأحمد الخباز وفهد عبد اللطيف وعبد الرحمن مندو محمد الحسواني ومحمد الزعبي.