ولد الملحن "عمار حمدية" في عام ١٩٧٠ في "حي المشارقة" الشعبي، والذي يشتهر أهله بحبهم العميق للفن والغناء الحلبي وتقاليد رقصة السماح العربي على أصولها، حيث إن أغلب أعراس وحفلات هذا الحي كانت تعتبر إنموذجاً يحتذى به بين باقي الأحياء من خلال حضور كبارية وشيوخ الإنشاد والطرب، ما حفز الأجيال الناشئة على التعمق أكثر بالطرب والتراث الحلبي.

وعن ذلك يقول الملحن "عمار" لموقع "مدونة الموسيقا": «وسط هذه الأجواء الفنية التي عشتها في حيّنا كانت طفولتي، وبسماع صوت والدتي الجميل وهي تغني ضمن أجوائنا العائلية مع حضورها لحفلات الموالد والإنشاد والقصائد النبوية لنسوة الحي، وكيف لا يكون صوتها جميلاً وشقيقها هو ملك القدود والموشحات!».

عَلَى يَدِّ الشَّيخِ "صبري مدلل"

يقول "عمار": «ومع بدء طفولتي طلبت والدتي من شقيقها الشيخ "صبري المدلل" أن يدرسني ويعلمني أصول القدود والموشحات والموال والنغمات ويسمح لي بمرافقته في حفلاته، وكانت سعادتي لا توصف عندما وافق، لكنه وضع لي بعضاً من الشروط القاسية وأهمها في البداية مرافقته كمستمع فقط ولمدة عام، وأن أجلس في بين الحضور بعيداً عنه، وألّا يشعر أحد بالقرابة التي بيننا، وأن أحفظ كل ما أسمعه.. فوافقت، ثم قال لي: وكلما أتقنت الحفظ أعطيك بعده دروساً جديدة أكثر أهمية، وكان يطلب مني التواجد بعد أذان الظهر في "جامع العباراة" مكان عمله، ومن بعدها في "الجامع الكبير" ليعلمني كيفة أصول رفع الأذان بالمقام الذي نختاره، مع تعليمي الإيقاعات السماعية الثقيلة والنغمات والقدود والموشحات والطبقات، وبعدها طلب مني ضرورة التعلم والعزف على آلة العود، حتى يسمح لي باستمرار مرافقته».

1- الملحن عمار حمدية

دُرُوسٌ فَنِّيَّةٌ جَدِيدَةٌ

2- أحمد المهندس

«وفي عام ١٩٨٣ انتسبت لمعهد "حلب" للموسيقا للتعلم على آلة العود على يد العازف "نديم الدرويش" مع دراسة القدود والموشحات، وتابعت مشواري مع العود على يد العازف "محمد قدري دلال" الذي علمني أصول التلحين والغوص بالقوالب الغنائية الشرقية والمقامات، وبعدها قمت بالتدريس في معهد الراحل "صباح فخري" وزاولت الغناء كمحترف لمدة عشرين عاماً، وزرت مختلف البلدان العربية بموجب دعوات لحضور مهرجانات، واقتصرت مرافقتي للشيخ صبري مدلل خلال حياته داخل البلد فقط، وتابعت بعد وفاته في عام ٢٠٠٦ بحضور الزوايا والتكايا والإنشاد بمسجد "الصفا والمروة"».

عَالَمُ التَّلحِينِ

«في بداية عام ٢٠٠٥ أنهيت مشواري مع الغناء، واقتصر عملي الفني على التلحين حصراً، والبداية كانت تلحين أغنية "فستق حلب" للمطرب "أحمد بدور"، ولحناً دينياً للمطرب "عبود بشير" أسماء الله الحسنى، وتقديم لحن لموشح "كلما أبصرت حسناً" من مقام النوا أثر، وتلحين أغنية "غلطة" للمطربة "سهر أبو شروف"، وللمطرب الشاب "يمان قصار" و"طه محس" والأهم كان و"ملكتم فؤادي" من موشح أسقي العطاش، من مقام الحجاز وهو تأدية كورال "فرقة زرياب"».

3- فؤاد ماهر

فِرقَةٌ غِنَائِيَّةٌ لِلكُورَالِ

4- الملحن عمار حمدية مع بعض مغنّي كورال زرياب

يتابع الملحن "عمار": «تابعت هوايتي ومحبتي بالتلحين من خلال تشكيل فرقة فنية مؤلفة من ما يقارب ٢٠ عنصراً لتدريب المواهب الشابة سميتها فرقة "زرياب" لتعليم وتدريس أصول الغناء والمقامات والإيقاعات الشرقية للموشحات التراثية على شكل تأدية الغناء بطريقة الكورالات الجماعية.

(في الصورة المرفقة بعض من كورال فرقة زرياب وهم لانا بيطار ١٧ عاماً، رام الحاج علي ١١ عاماً، محمد العويني ١٤ عاماً، مصطفى الشامي ٣١ عاماً، شام الحاج علي ٦ أعوام).

المُوَشَّحَاتُ المُصَوَّرَةُ لِـ"المدونة"

موال: أعد نجوم السما سبعاً ورا سبعا وشارب زلال الماء من نهلك نبعاً.. كلمات وألحان وغناء الملحن عمار حمدية، من مقام العجم، ثم أغنية "فستق حلب" كلمات الشاعر "محمد حميدي" وألحان عمار حمدية، من مقام العجم.

وموشح "كلما أبصرت حسناً" سماعي ثقيل غناء كورال فرقة"زرياب" كلمات الشاعر الحموي الراحل الدكتور "وجيه البارودي".

مقام النوا أثر

ألحان عمار حمدية

حيث تم استخدام إيقاعين في هذا الموشح

إيقاع الخانة من مقام التانغو الغربي

رغم أنه موشح شرقي.

وكلمات الموشح تقول:

كلما أبصرت حسناً

قلت لا حسناً سواه

وثب القلب إليه واجتنى روض بهاه

وإذا عاتبت قلبي

عن حبيب قد سلاه

جاوز التدليه بالأمس

وغالى في هواه.

شَهَادَاتٌ فَنِّيَّةٌ عَن المُلَحِّنِ

المطرب "فؤاد ماهر" أثنى وأشاد بالقدرات الفنية التي يمتلكها الملحن "عمار حمدية" وأصفاً إياه بالمخلص والمحب لعمله من خلال جهوده المتواصلة على تلحين الموشحات والأغاني الشرقية بشكل جميل، وأضاف: «هناك مشروع عمل قادم بيننا لتلحين عدة أغان، وخطواته ناجحة وموفقة بتدريب وتدريس الأطفال على التراث الحلبي بأسلوب صحيح».

المطرب "أحمد المهندس" قال: «زميلي الفنان الملحن عمار مبدع في عمله وهو سليل التراث والعبق الفني على أصوله، ومن مدرسة خاله العملاق الكبير صبري المدلل، مخلص بعمله بعيداً عن الهواجس المادية، متعاون مع الجميع، لديه ملكة التلحين بشكل بارع، وبما يتناسب مع قدرات كل صوت، ويحسب له تشكيل فرقة كورال زرياب لتدريب المواهب الشابة».