مجموعة من الشبان والشابات من مختلف المحافظات السورية دفعهم حب الموسيقا إلى إعادة توزيع بعض الأغاني بقالب معاصر، كان آخرها أغنية "كانوا يا حبيبي" التي حققت تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي.
"مدونة الموسيقا" تواصلت مع "ديمتري قزما" أحد أفراد المجموعة الذي يحدثنا عن دوافعه لإعادة توزيع الأغاني الشهيرة بقوله: «دفعنا الفضول ومحبتنا للموسيقا ورغبتنا في الاستماع لبعض الأعمال بقالب مختلف وإضافة شيء من روحنا إليها، حيث اغتنت معرفتنا الموسيقية بعد التعمق في بعض القطع الموسيقية، وقبل أغنية "كانوا يا حبيبي" التي لا نملك حقوق نشرها، لكننا أعدنا توزيعها للنشر بين الأصدقاء، وقبلها مجموعة منها نشيد "يا فرحي المسيح قام" الذي حقق أكبر عدد من المتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي، "تيريريم- إنّا نحييكي"، "قصة عن الميلاد"، وجميع الأعمال موجودة على قناة الموسيقية "فرح موسان" على اليوتيوب، وعلى صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتألف المجموعة من عشرين شاباً وشابة من 6 محافظات سورية هي: اللاذقية، دمشق، طرطوس، حلب، السويداء، درعا، وجميع المشاركين في العمل موهوبون وهم من أفراد كورال "تناغم"، البعض يعزف على آلات موسيقية كالبيانو والغيتار والعود، وجميعهم أعضاء في كورالات وجوقات مستقلة».
رُؤيَةٌ تَتَجَاوَزُ الصُّعُوبَاتِ
ويتابع "قزما" الذي لم يدرس الموسيقا بشكل أكاديمي، لكنه تعلم عزف البيانو منذ سن السادسة بقوله: «تم إنجاز العمل بتمويل شخصي، بدافع محبتنا للموسيقا ولبعضنا البعض ورغبتنا بالقيام بعمل مشترك، واخترنا نمط "الأكابيلا" في إعادة توزيعنا لمعظم الأعمال، حيث نعتمد على تنوع الخامات واختلاف أصواتنا للاستعاضة عن الآلات الموسيقية، بالإضافة لصنع خط لحني وجمل لحنية خاصة بكل صوت».
وحول التفاعل مع أغنية "كانوا يا حبيبي" يقول: «قامت المايسترو "غادة حرب" مديرة مشروع "تناغم" سورية، وقائدة كورال "غاردينيا" بمشاركة أغنية "كانوا يا حبيبي" على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي ولها الحب والامتنان وتواصلت معنا وأبدت إعجابها وفرحها بنا كمشتركين من كورال "تناغم" حافظوا على رؤية المشروع ومصممين على العمل رغم التحديات والظروف، وسنتابع في هذا المجال فهو مصدر سعادة وترفيه بالنسبة لنا، واجهتنا العديد من الصعوبات، على سبيل المثال تم التسجيل بواسطة ميكرفون ومحمول من دون كرت صوت، في منزل الزميلة "فرح" وكانت الكهرباء عائقاً للتسجيل والمكساج والتصوير، فقد كنا محدودين بساعة أو نصف ساعة من الكهرباء بالإضافة إلى بعض الصعوبات التقنية في الفيديو، وصعوبة تنسيق الوقت مع المشاركين من ستة محافظات بين تسجيل وتصوير».
هارموني مُتَجَدِّدٌ
من جهتها "فرح موسان" شريكة "ديمتري قزما" في التوزيع الموسيقي تقول: «كنت المشرفة على تسجيل الأغنيات في منزلي الخاص، حيث تم التسجيل بميكروفون وحاسوب محمول من دون كرت صوت خارجي، وعملت على المكساج لكامل الأغنية مع "ديمتري قزما"، والذي يميز أغنية "كانوا يا حبيبي" التي استغرقت حوالي الأسبوعين في التوزيع هو لحن بوليشكا بولي الروسي الذي اقتبسه الرحابنة وأعطوه كلمات مناسبة وأعدت مع "ديمتري" توزيعها باستخدام نمط البوليفوني، وأرى أن أهمية إعادة توزيع العمل بأسلوب شبابي تكمن في التجديد وتعريف الناس بفن الهارموني من خلال أغانٍ مألوفة لديهم».
آَرَاءٌ نَقدِيَّةٌ
الموسيقي "الياس سمعان" المتابع لأعمالهم يقول: «نشرت المجموعة ثلاثة أعمال من قبل وأغنية "كانوا يا حبيبي" ليس التجربة الأولى لكن جميع التجارب متشابهة من حيث البنية الموسيقية التي تعتمد اللحن الأصلي والقيام بتوزيعه لعدة أصوات وفق الخامات البشرية المعتمدة عالمياً من حيث الغناء الكورالي، وأجد أنهم موفقين في ملاءمة الأصوات، لا يوجد فيها أي تنافر بل هناك تآلف وانسجام موسيقي جميل».
وعن رأيه في اختيار أغنية للرحابنة يقول الموسيقي "سمعان": «إعادة توزيع أغاني الرحابنة أو غيرها من الأغاني المحببة للمستمعين يعني إعادة تقديمها بوجهة نظر مختلفة واللحن الذي وضعه الرحابنة تم توزيعه وتقديمه من وجهة نظرهم، واليوم إذا عزلنا هذا اللحن عن وجهة نظرهم وأعدنا توزيعه نقدم بذلك اللحن نفسه من وجهة نظر أخرى والتي لا يشترط أن تنال رضا الجميع، لكنها من الناحية الموسيقية تعتبر صحيحة علمياً وملائمة كما تقدمها المجموعة، ويختلف مدى تقبلها لدى الجمهور المعتاد على نمطية معينة من شخص لآخر».
ويتابع الموسيقي "سمعان" بقوله: «أعرف "ديمتري" و"فرح" منذ مرحلة الدراسة الابتدائية حيث انضموا لكورال الراعي الصالح وعاصرت أصواتهم بمرحلة الطفولة والشباب والنضج، وكنت معهم أثناء التدريب في كورال "تناغم" في محافظة "اللاذقية" وتعرفت إلى باقي المجموعة من الشباب وأرى أنهم موهوبون، تجري الموسيقا بدمهم وأرواحهم، هم يضجون بالموسيقا ومن الجميل أنهم اغتنموا فرصة لقائهم مع بعضهم في كورال "تناغم" واستطاعوا أن يقدموا هذا المنتج الذي يستحقون أن ينالوا التقدير عنه».
مَسَاحَةٌ لِلإِبدَاعِ
بدورها المايسترو ومغنية الأوبرا "غادة حرب" مديرة مشروع "تناغم" سورية تقول: «التجربة مهمة جداً، وهي ليست الأولى للمجموعة، من الجيد أن يقوم شباب محبون للموسيقا وأعضاء بالكورالات بتجارب موسيقية يكتشفون ما يقدمونه من خلالها، بذلك تعطيهم الخبرة وتساعدهم على معرفة قدراتهم على تشكيل هارموني بين الأصوات، يميز أغنية "كانوا يا حبيبي" مشاركة شباب من كل المحافظات السورية تعرفوا إلى بعضهم من خلال كورال "تناغم" وسعيدة جداً أن مشروع "تناغم" حقق رسالته في التماسك المجتمعي، وكسر الصورة النمطية عن الانتماءات، كما أصبحت هناك علاقة ودّية بين المشتركين واستمروا بالتواصل واستطاعوا تقديم عمل فني مشترك، ونحن كفريق إداري في "تناغم" ندعم التجارب الموسيقية ومن ضمن مشروعنا تشجيع الشباب على الخلق والإبداع الموسيقي، ولا أرى مشكلة في إعادة توزيع أعمال الرحابنة أو غيرهم، فهو أمر متاح في الساحة الفنية، ولا توجد خطورة في تقديم الأغاني بطريقة جميلة وتوزيعها بطريقة جديدة، بل على العكس دائماً هناك مساحة للإبداع في الفن وتقديم الجديد».
نشير إلى أن "ديمتري قزما" لبناني الجنسية، ولد لأم سورية في محافظة "اللاذقية" عام 1995 وهو خريج كلية الطب البشري في جامعة تشرين، انتسب لكورال "الراعي الصالح" في عام ٢٠١٧ كمغني باس ومازال عضواً فيه ومدرباً لفئة الشباب بالمشاركة مع "فرح موسان".