تحافظ فرقة بارمايا للتراث السرياني على حضورها ووجودها الممتد لأكثر من عشر سنين، صمدت في وجه الحرب وما خلفته من تحديات وصعوبات، واستطاعت أن تتنقل من مسرح لآخر ومن محافظة لأخرى، تعزف تُغنّي وترقص الفن الجزراوي المنوّع، تقدم أجمل وأثمن الرسائل عبر منصة الفن.
الشابة "رمثا شمعون" تصدت لمهمّة الحفاظ على كيان ووجود فرقة "بارمايا"، فقد سببت الحرب هجرة كبيرة لكوادرها ومحبيها وداعميها، وكانت تلك الحرب سبباً لأن يفارقها مدربها الأساسي، فكانت "شمعون" وحتّى تاريخه خير خلف لخير سلف حسب وصف أهل الفرقة وأهل المدينة لها.
"رمثا" لها باع طويل في الفرقة، أعلنت الولاء والحب لها في وقت مبكر من عمرها، بذلت وتبذل جهوداً كبيرة واستثنائية لتبقى "بارمايا" حاضرة وتقدم نفسها على مختلف المسارح، تتحدث "رمثا شمعون" مدربة الفرقة عن الفرقة وتفاصيلها عبر "مدونة الموسيقا": «الفرقة تعنى وتقدم التراث الجزراوي المنوّع، ومختصة بشكل معمّق بالتراث السرياني، هذه رسالتها وسياستها منذ تأسيسها عام 2004 ومدربها ومؤسسها "جورج قرياقس"، لكن عندما حلّت الحرب علينا، وتحديداً عام 2013 لزم عليّ استلام الفرقة وتدريبها، بسبب هجرة مؤسسها ومدربها ونخبة من كوادرها».
طبعاً لم تتردد وتتوقف عن المشاركات المحلية نهائياً، وتجدر الإشارة إلى أن الفرقة شاركت في مناسبات فنية خارج البلد قبل الحرب، فاللون السرياني ومختلف ألوان الجزيرة السوريّة في فرقة "بارمايا" سبب من الأسباب التي جعلت من "رمثا شمعون" تتصدى للمهمة في الفرقة، تقول عن ذلك: «هدفي الحفاظ على اللون السرياني الفني وباقي ألوان الجزيرة في المحافل والمناسبات الفنية، لدينا مختلف الفئات العمرية في الفرقة، بما في ذلك فئة الأطفال، شاركنا بعشرات المهرجانات الفنية، حصدنا مع الفرقة عدة جوائز ومراكز أولى على مستوى القطر، ولا أرفض أي مشاركة أو دعوة، لأنني اعتبرها فرصة لتقديم التراث السرياني بشكل خاص، والتراث الجزراوي بشكل عام، الأهم أن رقصات كادر الفرقة تكون ممزوجة بالزيِّ الفلكلوري لمختلف ألوان وأطياف جزيرتنا».
نخبة من الشباب والأطفال واليافعين يستمرون مع الفرقة للحافظ على هويتها، ورسالتها، وقد دفعت الفرقة ضريبة الحرب، خلال حادثة وقعت معهم في العاصمة دمشق، تسرد "رمثا" عن ذلك: «إحدى أكبر التحديات استمرار هجرة الكوادر، ومع ذلك صامدون ومستمرون، ولم نستسلم حتّى عندما تعرضت حافلتنا لقذيفة طائشة في دمشق عام 2017 خلال مشاركتنا بمهرجان قوس قزح الفني، حصلت معنا بعض الإصابات الطفيفة، وإحداها كانت قاسية جداً لإحدى المتدربات، وجعها قائم حتى اللحظة، لم ولن نقف عن تقديم رسالتنا الفنية».
تبقى الفرقة ذات قيمة كبيرة، رسائلها عظيمة ومهمّة، حضورها غني على المسرح، لأن التنوع الجزراوي عنوانها الرئيسي.
تضيف مدربة الفرقة في حديثها: «جميع أنواع الرقصات والأغاني الفلكلورية الجزراوية تقدم مع فرقتنا، مع الزي الفلكلوري المنوع كما أسلفت، نقدم لوحات مسرحية غنائيّة، ودائماً ما تشهد عروضنا فقرات ولوحات وطنيّة، نزرع في نفوس الأطفال هذه القيم والخصال، وتبقى معهم ضمن الفرقة حتى يكبروا معها، حتّى أننا أسسنا نادياً صيفياً خاصاً بالفرقة للهدف ذاته».
فرقة "بارمايا" أحد العناوين الفنية الجميلة التي تزين مدينة القامشلي (مكانها)، ويصل عبقها لمختلف البقاع والمحافظات السوريّة، لم تهاجر المسارح، ولم تفارقها، فالهدف الأسمى أن تبقى رسالة "بارمايا" باقية ومتجددة.