بخطوة جديدة وغير مسبوقة أطلقت العازفة الموسيقية "منال الشمالي" تجربتها الأولى في تلحين القصائد الشعرية وذلك من خلال إحيائها أمسية خاصة مع فرقتها الموسيقية بمدينة صافيتا عنوانها "همسات صفطلية" فيها مستوى عالٍ من العزف والأداء الغنائي بمشاركة عازفين ومغنين محترفين.
أَوَّلُ تَجرُبَةٍ
أهم الأسباب التي مهدت لعودتها إلى عالم الألحان عبر تلحينها لقصيدتين شعريتين -تقول العازفة "منال الشمالي" في لقاء "مدونة الموسيقا"- وتتابع: «كانت البداية عبر تلحين قصيدة (ذوبيني يا شام) للشاعر إيلي خوري عام 2011 حيث كانت بمثابة هدية للمجتمع الصفتلي، وبعدها بعام أطلقت ألحان أغنية قريبة على النمط التراثي بعنوان "جينا لعندك ياجدي" ولأن مجتمع مدينة صافيتا متذوق للقصائد الشعرية ويستوعبها ويحبها ويدرك القيمة الفنية لألحان القصائد تابعتُ هذه التجربة بعد فترة انقطاع لسنوات بهدف تطوير مشروعي الفني، ولإحداث نقلة نوعية على الصعيد الموسيقي كإمرأة سورية تخوص غمار تلحين القصائد لعدد من الأساتذة والشعراء الكبار من صافيتا، ولم تكن مهمة سهلة وعلى جميع الأصعدة لأنها تحتاج لإبداع وجهد حقيقي يهدف لتأسيس تراث فني خاص بمدينتي الجميلة، وبذلك لأكون قادرة أنا وفرقتي الموسيقية لتمثيل هذا التراث سواء داخل المدينة أو خارجها».
هَمَسَاتٌ صَفتَلِيَّةٌ
اعتادت مدينة صافيتا أن تواكب نشاطات فرقة "فرح صافيتا" التي أسستُها منذ سنوات، وهي فرقة للأطفال.. تقول الموسيقية "منال الشمالي"، وتضيف: «إنما المفاجأة كانت عندما قدّمت أمسية "همسات صفتلية" أول مبادرة غنائية شبابية للفرقة نفسها من ألحاني وتوزيعي في موقع القصر الثقافي في صافيتا، وأقول بكل صراحة إن الجمهور تفاجأ في الدقائق الأولى للحظة إطلاق الأمسية، والناس كانت بحاجة ماسة لسماع كل ما يخص تراث المدينة، كما لمست حبهم بشكل عميق لهذا النوع من الفن العريق، ولولا ضعف الإمكانات ووجود بعض العوائق المادية لكان الحفل على نطاق أوسع. أثناء الإعداد للأمسية ركزت كل طاقتي وإمكاناتي ضمن الموسيقا بهدف أن تكون الأمسية صفطلية بحتة ممزوجة بالأعمال المقدمة التي تمثلت من خلال قصائد منها قصيدة "حروفي إليك" للمفكر السياسي "يزيد جرجوس" كما قدمنا قصيدة لعراب الياسمين الشاعر "بسام حواط" كاتب قصيدة (خدود الحلم) وقصيدة للدكتور"بشار محمد" كاتب قصيدة (رداً على نزار) بالإضافة لقصيدة للشاعرة "فهيمة يوسف" تتعزل فيها بمدينة بصافيتا، نسقت مع عازفين محترفين كبار وتدربنا جميعاً لتكون حفلة إبداعية، وبالفعل كما توقعت، كانت الأصداء أكثر من رائعة، كأني عدت بهم للزمن الجميل وهي عبارة عن أمسية صرخات للسماء وهمسات للقدر، وبرأيي هذه الانطباعات لدى الحاضرين والمتابعين تعكس الجهد المبذول على مستوى الفرقة ككل وكأنه عمل أوركسترا بكل معنى الكلمة، كانت الأصداء إيجابية لأن المجتمع الصافتلي بالأساس مثقف ومتعطش لحدث موسيقي تراثي جديد وحقيقة شعرت بالنجاح منذ اللحظة الأولى لأنني كنت أهتم بمسألة حبكة اللحن في تفاصيل كل قصيدة قدمتها عدا عن التصورات المسبقة لخطوات الحفل واختيار العازفين والموسيقيين، وكان الجميع متعاوناً بشكل جدي لأعطي المزيد وليكون القادم أفضل».
قِيمَةُ العَمَلِ الفَنِّيِّ
تتابع "منال الشمالي" حديثها عن تعاونها مع أشخاص خارج سورية لتجهيز وتلحين عدة قصائد على نطاق أوسع تنطلق من مدينة صافيتا: «ولأن الحفل أثر على أجواء المدينة عموماً أتطلع إلى تكرار تجربتنا "همسات صفتلية" في عدة محافظات سورية، وسوف أعمل على استضافة مجموعة شعراء لديهم إبداعات أدبية تفيد العمل الثقافي لنشر ثقافة مدينتي داخلها وخارجها، وبدأت عملياً على أن تكون الأعمال المقبلة في مناطق جديدة لننشر تراث صافيتا بكل مكان رغم أن للحركة الثقافية جانباً مهماً وروحياً في هذه الأيام، إلا أنني أود تزويدها بتقديم أمسيات خاصة من فرقة فرح صافيتا، وأتمنى تحفيز الجميع على إعطاء الأفضل لأنني أعرف قيمة العمل جيداً سواء أكان من خلال اختيار القصيدة وتأليف الألحان والمتابعة للفرقة وتوجيههم والتقديم المميز بالتقنيات المبتكرة لذلك سوف نكرر هذه التجربة لأن "صافيتا" يوجد فيها كل مقومات الإبداع، وأعمل بكل جهدي بكل محبة وإصرار لفتح آفاق موسيقية أمام الأشخاص الموهوبين لتنفيذ أعمالهم».
أَجَادَتِ التَّلحِينَ وَالتَّوزِيعَ
"تبدو السيدة منال، وبصورة مدهشة، وكأنها تتقدم لتحتل مكانة مرموقة على الساحة الموسيقية في سورية إذا أحسن الجمهور والإعلام تلقف هذا الإبداع.." يقول الكاتبُ السياسي "يزيد جرجوس" ويتابع قائلاً: «فما اخترناه من ألحانها، وهذا أهم ما في الموضوع، كان مستوى رفيعاً من الألحان بوزنها ورقي جملها اللذين يتخذان نمط الموسيقا العربية الكلاسيكية الوازنة، ليس هذا فحسب ولكنها أجادت التوزيع أيضاً، لم أكن أتوقع النتيجة المبهرة للألحان ومن بينهم قصيدة من تأليفي، وهذا ما شجعني أكثر لكي أعرب عن ثقتي بأي تجربة سوف تقوم بها منال الشمالي في المستقبل، وقد كتبت لها نصاً آخر هذه المرة من أجل أن تقوم بتلحينه في موضوع اختارته هي، وأترك حرية الإعلان عنه لها طبعاً، وبالتأكيد وجود موسيقيين محترفين بهذه الصورة مع جمهرة من طلابهم والواثقين بهم وبمشروعهم يدفع للتفاؤل أكثر من أي وقت مضى».