أخرجه والده من المدرسة في التاسعة من عمره ليتعلم مهنة الخياطة من عمّه، ولكنه تبع شغفه بالموسيقا فتعلم العزف على آلة العود على يد معلمه الكفيف "عبد الستار سلامة"، ثم العازف "عمر النقشبندي"، وبعد إقامته في دمشق تتلمذ على يد عازف الكلارينت "سركيس طمبورجي"، عشق أغاني التراث وغناها في إذاعة دمشق 1943، ولحن الأغاني والقصائد لمطربين عرب، وترك إرثاً فنياً فخراً لكل السوريين.

نَشأَتُهُ

التقت "مدونة الموسيقا" هيثم العلواني 1953 ابن أخت الراحل ليحدثنا عن طفولة الفنان الراحل "نجيب السراج" قائلاً: "نجيب السراج من مواليد عام 1923 والده الحاج "أحمد السراج" ووالدته أرمنية "زاهيك أفرابيان"، تعلم العزف على يد معلم كفيف "عبد الستار سلامة"، وفي 11 شباط عام 1942 انتقل "السراج" إلى دمشق بعد افتتاح إذاعة دمشق الفرنسية ليبدأ مشواره الفني، ولكي يزيد من خبراته تتلمذ على يد عازف الكلارينيت الشهير "طارق مدحة"، والذي أخذ عنه أصول التدوين الموسيقي الذي أجاده واستعمله في تدوين أعماله الموسيقية والغنائية، ودخل الراحل الفنان "نجيب السراج" معترك الحياة الفنية بخطوات واثقة، فعالج مختلف أنواع الغناء آخذاً بأسباب التقدم الذي أحرزته الأغنية العربية على أيدي أساتذة التلحين في مصر".

أَعمَالُهُ

عشق أغاني التراث فقدم عدداً من أغنياته الشعبية في إذاعة دمشق عام 1943، وأضفى ثوباً جديداً على الموشحات مثل موشحه (خبريها والنأي القريب) وعالج الموليا كتراث شعبي، واهتم بالمونولوغ، والقصيدة فغناها بتوزيع موسيقي جديد، فاعتمد على الموزع الشهير الراحل "أندريا رايد" ليوزع له ألحانه كقصيدة ليالي الشتاء للشاعر "كمال فوزي"، ولحّن قصيدة باسم الفجر للشاعر "مدحة عكاش"، وتعاقد مع شركة "جرلق"، وأنتج فيلم "وحيد عابر سبيل" لم يحقق النجاح المرجو، كانت أول قطعة موسيقية تعبيرية له تحمل عنوان "شفة"، لحن لعدد من المطربين والمطربات مثل "ماري جبران" و"مها الجابري" و"ياسين محمود" و"مصطفى فؤاد"، ويعد لحنه "فينا ننسى" التي غنته "مها الجابري" من أجمل ما أعطى ألحاناً طربية ، وفي أواخر الأربعينيات سجل بعض أغنياته الشعبية في إذاعة الشرق الأدنى، وغنى في حفلة تتويج الملك "حسين" عام 1953 بدعوة من الحكومة الأردنية.

1- الراحل نجيب السراج فتى العاصي

سافر "السراج" إلى مصر عام 1964 والتقى "محمد عبد الوهاب"، فأطربه بغنائه قصائد "نزار قباني" و"كمال فوزي الشرابي"، وتعرف على "السنباطي" و"القصبجي" و"زكريا أحمد" وأثناء إقامته في "القاهرة" لحن عدداً من الأغنيات لـ"فايدة كامل" و"محمد عبد المطلب" و"نجاة الصغيرة".

ذِكرَيَات

وأضاف "هيثم العلواني ابن أخت "السراج" عن الذكريات الخاصة قائلاً: "رافقت خالي "نجيب" مذ كنت في العاشرة من عمري، وذهبت معه لمبنى الإذاعة والتلفزيون بـدمشق وبحضور المطرب "كارم محمود" والذي كان يسجل أغنية آنذاك، وتأثرت بفنه وأعشق صوته وأغني أغانيه باستمرار، من باب الهواية وليس الاحتراف، وأفخر بمسيرته الفنية، لقد شجعني لتعلم الموسيقا والعزف على آلة العود، فانتسبت لمعهد الثقافة الشعبية، وكان أستاذي الراحل "شوقي يعقوب"، بالإضافة لمرافقته الحفلات العائلية بـ"حماة" عندما يزورها قادماً من "دمشق"، ففي عام 1985 أقام حفلة في بيت "الأصفر" وبحضور كبار العازفين مثل "عبد الحميد طيفور" والأستاذ "خالد السهيان" وغيرهم، وأحيينا الليل طرباً وسهرنا حتى الصباح".

2- هيثم العلواني ابن أخت الراحل نجيب السراج

شَهَادَةٌ

3- شهادات متنوعة في حياة السراج

الأستاذ "مهدي إبراهيم" مدرس مادة الغناء العربي في المعهد العالي للموسيقا بـدمشق وقائد الأوركسترا الشرقية في كلية التربية الموسيقية، قال عن الفنان الراحل "نجيب السراج": "الموسيقي السوري نجيب السراج والملقب "عبد الوهاب سورية" هو صاحب الصوت المهذب الرخيم واللحن البديع الراقي، وذاع صيته في أنحاء الوطن العربي من خلال ما قدمه من أعمال راقية خالدة، له في مجال الأغنية السورية الدارجة باع طويل وكذلك القصائد المنظومة باللغة العربية الفصحى، ومن تلك القصائد التي لحنها وغناها للشعراء "وجيه البارودي" (إنك تنساني فلست تهواني) وللشاعر نزار قباني "يا بيتها"، وكذلك "أحب ليالي الشتاء" و"سود عيونك سود"... رحم الله الفنان السوري الذي نعتز ونفخر ونقتدي بما قدمه في مجالي الموسيقا والغناء".

فيما قال الفنان الملحن "كمال الديري" عن الراحل نجيب السراج: "إنه الملحن الوحيد الذي اعتمد على موهبته معتمداً على مخزونه السمعي من أغاني التراث السوري والعربي، لُقّبَ بـ"فتى العاصي" فقد غنى التراث الغنائي الحموي، ولحنه الأول كان باسمه الحقيقي فكان النجاح حليفه، كما لحّنَ لأهم المدن السورية كقصيدة "أدمنت حبك يا دمشق" للشاعر "خليل خوري" ولـ"حمص" للشاعر "عيسى أيوب" بعنوان "حمص كم غنيتك وردة وردة"، ولـ"حماة" للشاعر "منذر لطفي" بعنوان "حماة في خاطري، ولـ"حلب" للشاعر "حسين راجي" بعنوان "هامت الأشواق تقاسيم صبا فهمى القلب وناجى حلب"، ومن صفاته الراقية أنه لم يغن مطلقاً في الأماكن العامة، ولحن لـ 127 شاعراً، ويعتبر مطرب العيون وذلك بسبب كثرة أغانيه الملحنة لها وبلغت سبعاً، وجاءت ألحانه العاطفية على إيقاعات بسيطة تكريساً للهوية المحلية بعيداً عن التأثيرات المصرية التي كانت سائدة آنذاك".

4- الموسيقار مهدي إبراهيم

يذكر أن الفنان الراحل "نجيب السراج" توفي في 18 تموز 2003.