عندما تراقب أنامل "سارة الحجلي" ابنة السويداء بسنواتها العشر تعرف سر نجاحها واختيارها في برنامج "موهبتي" التابع لوزارة الثقافة والسياحة في دولة الإمارات العربية، وأنها اعتلت المسرح لتقدم فقرات في عدة مهرجانات، مثل مهرجان الحصن ومهرجان "أكسبو" و"يوم الموسيقا العالمي" ومهرجان "ComicCon" ومشروع في "متحف اللوفر"، وحضرت العديد من ورشات العمل مع موسيقيين عالميين، وأخيراً تم ترشيحها للانضمام إلى كونسورفتوار "جنيف" وتم قبولها.

الطفلة التي يتراقص الفرح بين شفتيها ترغب باكتساب علوم كثيرة إلا الطب لأنها لا تتفاعل مع الألم والحزن، وتحلم أن تصبح قائدة أوركسترا وعازفة لعدة آلات وتقول لـ"مدونة الموسيقا": «الموسيقا تشعرني بالسعادة والمتعة وتحمل البهجة والهدوء لروحي، تدربت إلى جانب العزف على التلحين، ولدي في رصيدي ثماني مقطوعات بدأتها بعمر السنوات الست...أتدرب كل يوم وأعتني بذلك لأتمكن من إتقانها؛ معزوفات تطير بي إلى حلمي لأعزف على مسارح عالمية لباخ، والمفضل لدي موزارت». الطفلة التي تفضل المقطوعات السعيدة والحيوية والسريعة تأثرت بالأشهر الأولى من عمرها وكانت صورة وجهها تنم عن شعورها بما تسمع.

كما تحدثت المهندسة "داليا أبو خير" والدة سارة وقالت: «موهبة سارة فطرية وظهرت كشرارة بعيونها منذ الولادة وبالأشهر الأولى، تبكي مع اللحن الحزين، وتضحك للحن المفرح، وقبل إتمامها عامها الأول، ولم تنطق كلمتها الأولى بعد، كنا ندندن لحناً أمامها، فكررت التون نفسه بالطبقة والزمن نفسيهما، فانتبه ذوو الاختصاص لموهبتها، وبعمر ثلاث سنوات كانت تعزف أغاني أفلام الكرتون على لعبة البيانو الصغيرة، عندما بدأت الفكرة تتبلور بوجود الموهبة الموسيقية قررنا أنا ووالدها أن نطور موهبتها أكاديمياً ونبدأ بإعطائها الدروس».

1- العازفة المميزة الطفلة سارة الحجلي

وتضيف: «في عمر أربع سنوات حصلت سارة على بيانو، وجاء هذا الاختيار كون البيانو هو أب الآلات الموسيقية، وعلى الرغم من حبها للبيانو بدأت منذ عدة أشهر التعلم على آلة الفلوت كواحدة من الآلات التي تحلم أن تتقنها، وهي تحب أيضاً أن تتعلم على الكمان، الناي، الكلارينيت، القيثارة، الأوكورديون، الدرمز والغيتار الكهربائي».

سارة لديها عدة مواهب كالتمثيل والغناء، ورقص الباليه، كما لديها قدرة كبيرة على التركيز والحفظ، فقد كانت تحفظ أغاني صعبة منذ صغرها، ولا يحتاج حفظ أي نص معها لإعادته أكثر من مرتين أو ثلاث. لم تأخذ الموهبة والتدريب كل وقتها أو سرقتها من طفولتها وبراءتها، بل على العكس من ذلك كانت ولا زالت طفلة شقية تنافس في جميع الألعاب وخاصة كرة القدم، كما أنها بالإضافة لذلك متفوقة بدراستها وتضيف والدتها بالقول:

2- سارة الحجلي مع معلمتها جولميرا

«فيما يتعلق بمراحل دراسة "سارة" الأكاديمية كان هناك إحساس دائم بالمسؤولية والقلق لكي نضعها على الطريق الصحيح، بدأت بدروس بسيطة مع عدة مدرسين، ولم يكن من السهل إقناع طفل صغير بالتدريب، ولكن موهبة سارة ساعدتنا على ذلك، وبسبب متابعتي لأسلوب تطوير المواهب في أكاديميات عالمية وبالمقارنة مع مواهب أخرى كنت أشعر أن هناك إيقاعاً بطيئاً بالتطور الأكاديمي إلى أن بدأت بعمر ٧ سنوات مع البروفيسورة Gulmira Abdukhalikova التي لمست موهبتها وأخذت بيدها ووضعتها على الطريق الصحيح، وتابعتها في اجتياز امتحانات الـABRSM البريطانيةThe Associated Board of the Royal School of Music) والتي أنهت فيها جميع صفوف امتحانات البيانو الثمانية، حيث حصلت على شهادة الصف الثامن السنة الماضية، وحصلت على شهادة الصف الثالث في نظريات الموسيقا، وشهادة الصف الأول في الغناء، وتم اختيار سارة في برنامج موهبتي التابع لوزارة الثقافة والسياحة ودائرة التعليم والمعرفة الذي يدعم الموهوبين في دولة الإمارات تحت إشراف مدرستها الحالية Gulmira، والذين كانوا حريصين على مشاركة الطلاب الموهوبين في مختلف المناسبات والمهرجانات في دولة الإمارات».

مشاركات

عن مشاركات الطفلة الموهوبة يحدثنا والدها المهندس "خالد الحجلي" ويقول: «قدمت فقرات متنوعة من العزف والغناء والتمثيل في عدة مهرجانات مثل مهرجان الحصن ومهرجان أم الإمارات، ويوم الموسيقا العالمي، ومهرجان Comic Con ومشروع في متحف اللوفر، وأدت مشروع تلحين في آرت جميل سنتر في دبي، وبالإضافة إلى مشاركتها في إكسبو ٢٠٢٠ في دبي، وحضرت العديد من ورشات العمل مع موسيقيين عالميين، وتم ترشيحها لحضور بيانو ماستر كلاس في كونسورفاتوار باريس في ٢٦ نيسان 2022، تحت اشراف البروفيسورة Rena Shereshevskaya والبروفيسورة Victoria Shereshevskaya، وتم ترشيح سارة بعدها للانضمام إلى كونسورفاتوار جينيف، وتم قبولها في الكونسرفاتوار ولكن إجراءات الفيزا لاتزال معلقة».

3- شهادة تقدير

تقول أستاذة "سارة" ومدربتها " جولميرا عبد الخالقوفا": «من خلال تجربتي وخبرتي كلما صادفت موهبة في أي مجال، أشعر أنها دليل على وجود الله...قبل ثلاث سنوات، في تجارب الأداء لبرنامج حكومي للتعليم (موهبتي من DCT وADEK)، التقيت بفتاة صغيرة ذات وجه مشرق وحيوي ومبهج هي "سارة الحجلي"، بالإضافة إلى امتلاكها لأيدٍ مرنة وطيّعة للغاية، كانت تتمتع بروح الدعابة، وقد عزفت لي موسيقا بسيطة تعلمتها حيث كانت قد بدأت في دراسة الموسيقا الأكاديمية آنذاك. في تلك اللحظة أدركت أنني قابلت فتاة لديها الكثير من الإمكانات...حققت سارة نتائج عالية من حيث قدراتها الموسيقية خلال فترة عملي معها. إنها ليست عازفة بيانو فحسب، بل تغني أيضاً بشكل جميل، وهي تعزف على الفلوت في أوركسترا الشباب، وتكتب السيناريوهات والموسيقا وما إلى ذلك.

من المهم ألا ننسى أن "سارة" تنحدر من واحدة من أقدم البلدان في العالم والمكان الذي تمكن فيه علماء الآثار من اكتشاف أول نغمة موسيقية وأول أغنية في تاريخ الموسيقا بشكل عام، سورية. وكون سارة لا تزال صغيرة جداً من حيث السنوات، لكنها ناضجة من حيث أفكارها الإبداعية، هو أمر مذهل.

4- سارة الحجلي في إحدى حفلات تكريمها

على الرغم من ساعات التدريب الطويلة، لم تتوقف سارة، واستمرت في تطوير روحها، وهذا ما يجعلها مميزة للغاية. لا شك في أنها يمكن أن تصل إلى مراتب غير مسبوقة في المجال الموسيقي ولهذا السبب لديها كل شيء على الإطلاق، وعائلتها تدعمها، وموهبتي تدعم هذا وتفهمه».

أخيراً.. كرمت "سارة" في العديد من المناسبات وشاركت في العديد من المسابقات المحلية والعالمية، مثل مسابقة "الفجيرة" الدولية للبيانو، مسابقة "أبوظبي" للمواهب الطلابية، ومسابقة فيينا للموسيقا، والاحتفال بالعيد الوطني في الأرشيف الوطني في "أبوظبي" والمستقبل يحمل الكثير من الطموح والعمل.