من يتابع مسيرة البيانيست "ساندي بل نخلة" يدرك مدى تعلقها بالعزف على البيانو ومدى تأثرها بالفن الروسي، ويكتشف من خلال عزفها ما تمتلكه من ثقافة موسيقية لم تكن إلا نتيجة جهد سنوات من الدراسة والتدريب والشغف.
بداية الدرب
في حوارها مع "مدونة الموسيقا" قالت العازفة "ساندي بل نخلة": «أن أكون عازفة كان حلم والدتي قبل أن يكون حلمي، والحقيقة أنني منذ عمر (3) سنوات بدأت بدندنة أي أغنية أسمعها، حينئذٍ بدأت أمي معي المشوار على دروب تعلم العزف والموسيقا».
اختيارها لأن تكون عازفة آلة البيانو جاء بعد مشاهدتها للعازف الروسي "يفغيني كيسين" وهو عازفها المفضل، كان ذلك في عمر (5) سنوات عندما حلمت للمرة الأولى أن تعزف مثله، فكانت الوالدة هي السند والمشجع الأول وصاحبة الدور الوحيدة في تنمية هذه الموهبة، حسب البيانيست "ساندي بل".
وتضيف: «بدايتي كانت مبكرة مع تلقي دروس خاصة في الموسيقا على يد أستاذ لقنني مبادئ العزف والصولفيج والنوتة الموسيقية، لأنتقل بعدئذٍ إلى التعلم في المركز الثقافي الروسي بإشراف أستاذة الموسيقا الروسية "تاتيانا لوغينوفا"، والحقيقة أن هذه البداية في سن مبكرة تسهل التعلم على العازف في مراحل لاحقة من ناحية التكنيك، لكن هذا لا يعني أن من يبدأ في سن أكبر لن يعزف بشكل جيد، فالسن بالنسبة لأي صاحب موهبة لن يشكل عائقاً، لأن موهبته هي التي ستلعب الدور الرئيسي في تسريع تطوره على الصعيد الموسيقي».
نَقلَةٌ نَوعِيَّةٌ
وفي المعهد العالي للموسيقا درست البيانيست "ساندي بل" في صف الخبير الروسي "فلاديمير زاريتسكي"، وهذا ما اعتبرته نقلةً كبيرةً على صعيد حياتها الموسيقية، وله يعود الأثر الأكبر في صقل موهبتها، وإكسابها المهارات التي لا بدّ من أن يمتلكها كل عازف، والعمل معها على أدق التفاصيل التي زادت من تميزها، هذا إلى جانب مشاركاتها في ورشات العمل التي كان يقيمها المعهد العالي مع عازفين من مختلف البلدان، ما ساهم بزيادة خبرتها واطلاعها على ثقافات موسيقية متنوعة.
وخلال مسيرتها في العزف يبدو واضحاً تأثرها بالفن الروسي وعن هذا الجانب قالت: «يقدم الروس ألحاناً مختلفة، والمدرسة الروسية تدخل في أدق التفاصيل بما يخص العزف على آلة البيانو، ولديهم حزم في تعليم العزف، وهنا أستذكر أستاذي في المعهد الذي كان يوقفني عشرات المرات لتصحيح خطأ ما، كما أن الروس لديهم اهتمام خاص بالصوت والألوان الموسيقية، وفي هذا الجانب يتميزون بدقة الملاحظة أكثر من مدارس أخرى، لذلك نرى أن العازف الروسي يمتلك مقدرة أوركسترا بأكملها، وبرأيي أن من يدرس العزف بإشراف أستاذ روسي فهو فنان محظوظ».
بَينَ المَوهِبَةِ وَالأَكَادِيمِيَّةِ
ترى "ساندي بل" أن الموهبة من دون تدعيمها بالدراسة الأكاديمية قد تبقى تعاني شيئاً من النقص، كما أن الدراسة الأكاديمية من دون امتلاك موهبة لا تصنع فناناً، لذلك لا بدّ من تحقيق التكامل بين الجانبين، إلى جانب الاهتمام بجوانب أساسية أخرى لتطوير الثقافة الموسيقية كالتمرين المتواصل، والاطلاع على التجارب الموسيقية والقراءة، والعمل مع موسيقيين جيدين لاكتساب المزيد من الخبرات.
وتقول: «لا يمكنني أن أقول إن العزف على البيانو أضاف شيئاً ما لشخصيتي، لأن العزف هو كل شيء بالنسبة لي، وكما ذكرت فقد كان ملهمي في حب البيانو العازف "يفغيني كيسين"، ولطالما شاهدت له الكثير من الفيديوهات، بالإضافة إلى عازفين آخرين كانت مشاهداتي لعزفهم تشكل محاولة مني لردم الفجوات التي تعترض أي عازف في بداية مسيرته الفنية، وهذا يقودني للحديث عن صعوبات واجهتني في التعامل مع آلة موسيقية بمنتهى الصعوبة، ومن ناحية أخرى واجهت صعوبات تتعلق بجوانب شخصية منها إثبات قدراتي وفرض وجودي، وصعوبات على صعيد إيجاد فرص العمل وإقامة الحفلات التي تعتبر قليلة بشكل عام».
مُشَارَكَاتٌ
قدمت البيانيست "ساندي بل" أول حفل منفرد لها في المركز الثقافي الروسي وكانت في الحادية عشرة من عمرها، وكان لها الكثير من المشاركات في حفلات المركز، وخلال دراستها شاركت في حفلات المعهد العالي للموسيقا ودار الأوبّرا السورية، كما كان لها مشاركات مع عدد من عازفي البيانو من مختلف دول العالم، كذلك عملت كعازفة بيانو في المعهد العالي للموسيقا، وعازفة بيانو منفردة في دار الأوبّرا السورية، وقدمت العديد من الحفلات المنفردة وموسيقا الحجرة بين عامي 2010 و2016 عزفت فيها أهم سوناتات بيتهوفن، وأعمالاً لشوبان وبرامز وليست وشوبارت وغيرهم، ومن أبرز مشاركاتها كانت في دار الأوبرا السورية 2022.
البيانيست "ساندي بل نخلة" من مواليد دمشق 1985، خريجة المركز الثقافي الروسي والمعهد العالي للموسيقا في دمشق.