الفنان الراحل "نادر حداد" نحت اسمه في الفن فلقبه الفنان "كارم محمود" بمطرب "حماة" عندما التقاه، وأراد أن يرافقه إلى "مصر" ولكن لم تكتمل فرحته بالسفر، لكنه غنّى في "حماة" لعشر سنوات، وبعدها وقع عقداً للغناء في "لبنان"، ليعود بعدها إلى محافظته ويتابع نشاطه الفني فيها، ويؤسس نقابة للفنانين مع زملائه الأوائل.
بِدَايَاتُهُ عَلَى لِسَانِ اِبنِهِ الفَنَّانِ "زكي حداد"
"مدونة الموسيقا" التقت الفنان "زكي حداد" 1960 عضو نقابة فنانين، حاصل على معهد إعداد معلمين للغة الفرنسية، يغني ألوان الطرب الأصيل ابن الفنان الراحل "نادر حداد" ليحدثنا عن طفولة والده وبداية حياته الفنية قائلاً:
«أبي من مواليد "حماة" 1934، مذ كان عمره ثمانية أعوام وهو يرتل في الكنائس حيث تتلمذ على يد الأب "روفائيل باشا" في عهد المطران "إغناطيوس حريكة"، وفي عمر الثالثة عشرة كان يغني في أفراح "حماة"، وقد شجعه "سعيد سمعان" على الغناء في فندق "أبي الفداء" وكانت انطلاقته الأولى، وحين بلغ السادسة عشرة؛ وجد نفسه أمام المطرب "كارم محمود" الذي قدِم لمدينة "حماة" لإقامة حفلاً فنياً في سينما "الشرق" وحفلاً آخر في "العادية الفوقانية" في "النادي العائلي" عام 1950، والذي بادره بسؤال لمن يغني؟ فأجابه: للفنان "عبد العزيز محمود" وأسمعه أغنية "يلي شغلت القلب الخالي" وأعجب بصوته كثيراً، وأغنية له "عيني بترف" و"سمرة يا سمرة"؛ فأدهشه صوته حتى حسب نفسه هو الذي يغني، فعرض عليه مرافقته إلى "مصر" وأن يستأذن والديه ليسمحا له بذلك، فطلب منه الحضور في اليوم التالي إلى فندق "أبي الفداء"، وقام بإعداد أوراق السفر بعد موافقة والده الذي أعطاه خمسمئة ليرة سورية ليشتري ثياباً للسفر، وبعد عودة المطرب "كارم محمود " من "حلب"، أخذه معه إلى "حمص" ونزلا في فندق "رغدان"، ولكن فوجئ بوجود والده يطلب من الأستاذ "كارم محمود" عدم أخذه إلى "مصر" خوفاً من عدم العودة إلى سورية، ولكنه كان قد سجل عقداً معه ودفع الخمسمئة ليرة سلفة، لكن والده أعاد له التكاليف.. وكم كان حزنه شديداً لعدم مرافقته للفنان كارم محمود!».
وأضاف الفنان "زكي" قائلاً: «وعاد والدي إلى "حماة" وتابع النشاط الفني بشكل متواصل حتى عام 1960؛ وبالعام نفسه ذهب إلى "لبنان" ليعمل بمهنته نحت الحجارة، وهناك تقدم لمسابقة "الفن هوايتي" في تلفزيون القناة السابعة "تلة الخياط"، وكان رئيس اللجنة الأستاذ "البيبي" ورئيس قسم الموسيقا الفنان "عز الدين صبح" وقدم أغنية كارم محمود "أمانة عليك يا ليل طول" وحصل على المركز الأول؛ وكان عدد المتسابقين سبعة، فحصل على شهادة وعقد تلفزيوني بتاريخ 15أيار 1963 يتضمن إقامة عشر حفلات في التلفزيون اللبناني، وقيمتها خمسمئة ليرة لبنانية ولأسباب صحية عاد إلى "حماة"، والتقى الأستاذ "نجيب السراج" والفنان "صبحي جارور" والفنان "ياسين محمود" مطرب الغناء الحموي الشعبي، وغنى "عسلي عسلي عسلية" وأعجب بصوته كثيراً، وأصبح نشاطه الفني ضمن حماة».
دَورُهُ فِي تَأسِيسِ نَقَابَةِ الفَنَّانِينَ
وأضاف "زكي" عن تأسيس والده للنقابة قائلاً: «كان أبي يعرف والد الفنان "أمين الخياط" الذي كان نقيباً للفنانين بـ"دمشق" وكان وقتها في الإذاعة والتلفزيون، وبعد التعاون الفني بينه وبين الفنان "صبحي جارور" في فرقة "الأطلال" الموسيقية، اقترح أن يكون فرع للنقابة في "حماة"، باعتبار وجود أكثر من واحد وعشرين مطرباً وموسيقياً وممثلاً بدلاً من (مركز ارتباط المنطقة الوسطى) وبحضور لجنة فحص من نقابة الفنانين بـ"دمشق"؛ تم تأسيس نقابة الفنانين بحماة».
شَهَادَات
عازف الكمان والملحن وعضو نقابة فنانين "ممدوح عروق" يحدثنا عن الفنان "حداد" قائلاً: «عشق الغناء والموسيقا منذ طفولته، ونال إعجاب كل أصدقائه الفنانين بأدائه العذب الجميل، وصوته الفريد من نوعه خاصة عندما كان يقلد الفنان "كارم محمود"، سجّل له العازف "صبحي جارور" شريطاً غنائياً عام 1976، فلاقى نجاحاً كبيراً.. إنه فنان وفيّ لفرقته الموسيقية ولزملائه، وغنى لكثير من المطربين العمالقة مثل "محمد عبد الوهاب" و"وديع الصافي" و"نجيب السراج" و"ياسين محمود" وغيرهم الكثير، وأنا لحنت له أغنية "من بردى لربوة بقين" و"سحروني عيونو الحلوين" عام 1976، وسجلتها على أسطوانات في ذلك الوقت وقد لاقت نجاحاً كبيراً، ومازال هذا الفنان شغوفاً بحبه للفن والموسيقا ومخلصاً حتى وفاته».
ويقول "حسين حوا" أحد عشاق الراحل الفنان "نادر حداد": «مهنته نحت الحجارة.. لكنه صنع اسمه في الفن كما يصنع منحوتاته، فرغم كل الصعوبات التي واجهته لم ييأس، ولو سنحت له الظروف ليسافر مع الفنان "كارم محمود" لكان مطرباً على مستوى عربي وعالمي، أعشق صوته وهو أجمل من غنى للمطرب "كارم محمود"، وبقي يغني في السهرات الخاصة حتى وفاته».
الباحث الموسيقي "كمال الديري" أضاف عن الفنان الراحل "نادر حداد" قائلاً: «مشى حياته رويداً، فغدا قامة إنسانية تتصف بالطيبة والتواضع، ذو قلب مفعم بالإيمان وحب الوطن، شغوف بالموسيقا والغناء العربي، يمتلك حنجرة طربية قادمة من الرعيل الأول من أهل المغنى، وفي مختلف أنواع الغناء ومدارسه المذهبية، فقد تخصص بالغناء الطربي العربي الذي يجمع بين الطرب الكلاسيكي الفطري والطرب الحسي، وأرسى هذا اللون في شخصيته والذي بات يكنى (بكارم محمود سورية) وفي عام 1960 شد رحاله إلى "لبنان" بقصد العمل، وابتسم له الحظ وتم قبوله للمشاركة في برنامج مسابقات للمطربين الهواة، وفاز بالمركز الأول وذلك عام 1963 وبناء على ذلك تم التعاقد بينه وبين التلفزيون اللبناني كمطرب، وكان الفنان نجيب السراج من أشد المعجبين بصوته.. رحل عام 2021 تاركاً أثره الطيب وصوته الجميل يصدح في ذاكرة كل من سمعه».
يذكر أن الفنان "نادر حداد" من مواليد "حماة" عام 1934.. وتوفي عام 2021