قدم العازف الموسيقي "طوني الأمير" بموهبة خاصة روائع العزف الموسيقي على آلة الباصون بأداء موزون وفريد أطرب الوجدان بمفهوم مختلف تماماً، كما استطاع منها إنشاء صوت متميز يلهم الموسيقيين على الفهم والمعرفة المتزايدة باستكشاف وترجمة مختلف الأعمال الموسيقية أمام الجمهور.
خُصُوصِيَّةِ الباصون
«عائلتي لديها اهتمام موسيقي حفزني كثيراً لحب وسماع الموسيقا ولعزفي على بعض الآلات لكن بشكل بسيط وغير احترافي».. يقول الموسيقي الفنان "طوني الأمير" في حديث مع موقع "مدونة الموسيقا"، ويتابع: «فكرت بالبداية أن ألتحق بالمعهد العالي للموسيقا حيث كان زملائي بالمعهد في ذلك الوقت متحمسين لتعلم آلات موسيقية سلسة غير معروفة في مجتمعاتنا، وكان هناك عدة خيارات ومن ضمنها آلة الباصون التي اخترتها، في الحقيقة أبهرني صوت الآلة، والريجستر الموسيقي لها، وشكلها، وكل شي فيها، بالإضافة لأنني كنت أميل أكثر لنمط الموسيقا الكلاسيكية وللتميز، فللباصون خصوصيتها من كل النواحي بداية من الشكل، الصوت، طريقة العزف ومن ثم طريقة النفخ، بالعموم الموسيقا مهمة صعبة جداً ومعقدة وأهميتها تكون في استمرارية العزف بشكل دائم من دون انقطاع، وأن يكون التمرين جزءاً من حياة العازف، وبالنسبة لي أعتقد أنني لم أترك يوماً يمر من دون العزف أو تدرب شخصي على الباصون، وحرصت ألا أبتعد عنها كي لا يتراجع أدائي، وذلك باتباع التمرينات والدروس الدائمة بما يتناسب مع وقتي وضغط عملي».
لَا تَقبَلُ الحَلَّ الوَسَطَ!
«أرى صوت الباصون من أجمل صوت بالآلات النفخية وبالآلات الموسيقية بشكل عام» يضيف العازف "طوني الأمير" ويقول: «هي آلة لا تقبل الحلول الوسط موسيقياً، وبالمقابل هي آلة خطرة بمعنى أنه يجب على العازف التمكن من إتقان العزف بطريقة تبهر الجمهور وبتقديم الأداء المتميز والجميل للمستمعين، إذ من الممكن أن يصبح العزف عليها فجأة غير جيد لأذن المستمع إن لم يتم تقديمها كما يجب، وهذا الموضوع يجب الانتباه إليه من العازفين لأن هذه الآلة لا يمكن إلا العزف عليها بأداء جاذب يقنع الجمهور بجماليتها الخاصة، وبالطبع يتطلب الأمر سنوات عديدة من التدريب الضخم والمتواصل ومن الخبرة الكبيرة ليتمكن العازف منها بشكل سليم.
من المحتمل أن تواجه الموسيقي بعض الصعوبات الموسيقية المعتادة بكل الآلات ولكن في الباصون تحديداً تكمن فيها صعوبات تقنية خاصة من ناحية التعامل مع الريشة المزدوجة أثناء النفخ بها ليصدر الصوت بالآلة ويسمى (الأنش)، وبالنسبة لحفلات الصولو أركز فيها على التدريب لساعات طويلة وبشكل خاص قليلاً مع التدقيق على المقاطع والتفاصيل الصغيرة بالبداية ثم الانطلاق بالعزف بشكل تدريجي ومدروس لأن حفلة الصولو تتطلب مجهوداً وتركيزاً عالياً جداً ومن حفلات الصولو المميزة والمختلفة التي قدمتها هي بمرافقة الأوركسترا السيمفونية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، عزفت حينها كونشرتو "موزارت" للباصون بمرافقة الأوركسترا، كما قدمت أربع حفلات صولو باصون مع بيانو بدار الأوبرا، وعزفت من خلال هذه الحفلات أهم الأعمال التي كتبت خصيصاً لآلة الباصون لمؤلفين موسيقين مهمين مثل (موزارت، فيبر، تيلمان، دوفيين، تانسمان.. الخ) من كل العصور الموسيقية باروك، وكلاسيك، ورومانس، وحديث)».
برُوفَات الحَفلِ مُختَلِفَةٌ!
«الموسيقي يحتاج لسنوات خبرة متراكمة والعزف باستمرار مع الأوركسترا لإحياء حفلات لايف كثيرة يكتسب فيها المهارات ويتغلب على كل الصعوبات» يقول الموسيقي "طوني الأمير"، ويتابع: «وإلى الآن لا يوجد على مستوى سورية عازف قدم حفلات باصون منفرد مع بيانو إلا من خلال عزف بعض الموسيقيين أو الأساتذة الأجانب وكانوا عبارة عن فرق صغيرة، دائماً البروفات للحفلات الموسيقية مختلفة عن التمرين الشخصي لوجود مجموعة كبيرة من العازفين وعلى الموسيقي الاستماع إلى كل الآلات الموجودة على المسرح، ويركز بنفس الوقت على النوتة الموسيقية أمامه ليكون منسجماً تماماً مع كل زملائه الموسيقيين ويكتسب سرعة البديهة المطلوبة. بالنسبة لي قدمتُ تريو (3 آلات) فلوت وكلارينيت وباصون وشاركت حفلات كثيرة بهذه التشكيلة وبأعمال مهمة سميناها "أماديوس تريو"، طبعاً بالإضافة لحفلات الأوركسترا السيمفونية الوطنية السورية منذ عام 2003 التي شاركت معها كعازف أول في افتتاح دار الأوبرا عام 2004 وفي معظم حفلات الأوركسترا في سورية وخارجها (لبنان- الإمارات- الجزائر– تركيا- ألمانيا- إيطاليا) وتحت إشراف قادة من إيطاليا وفرنسا والنمسا وبريطانيا (هاوارد وليامز) وكنتُ كعازف باصون أول في أوبرا (زواج فيغارو) تحت قيادة المايسترو الألماني (يوليوس كالمار) وفي ميوزيكال (أوليفر)، كما قمت بتسجيل صولو على آلة الباصون في الموسيقا التصويرية لبعض الأعمال التلفزيونية والسينمائية (مسلسل الندم- مسلسل شارع شيكاغو- مسلسل العميد- فيلم الأب)، وشاركت في الأمسية الموسيقية (الرابسودي السوري) والتي أقيمت في دبي ضمن فعاليات معرض إكسبو 2020 من تأليف الموسيقي إياد الريماوي».
رَأيٌ
«طوني الأمير من العازفين الذين كنت محظوظة أنني تعاملت معهم في الوسط الموسيقي».. تقول الموسيقية "رهف شيخاني" وتضيف: «كما استطاع المحافظة على ميزات خاصة في موسيقاه ضمن ظروف موسيقية ليست سهلة بالوقت الحالي، فهو إنسان ملتزم ومهتم على الدوام بالتواجد والتحضير والمحافظة على مستواه في العزف، وهذه النقطة أساس العمل الموسيقي والحالة الموسيقية ككل، ويواظب على تطوير نفسه ومساعدة غيره وبالمقابل آلته تدعم كل الآلات الموجودة معه ومن دون وجودها يوجد نقص ما، وهو داعم باستمرار لزملائه سواء في عمله مع الأوركسترا السيمفونية أو حتى كعازف منفرد».
يذكر أن الفنان والعازف "طوني الأمير" مُدرّس لآلة الباصون في المعهد العالي للموسيقا بدمشق منذ عام 2013 وفي معهد صلحي الوادي منذ عام 2010، وهو عضو في أوركسترا النفخيات السورية وشارك معها في عدة حفلات بدمشق وخارجها.