بدأ ولع وحب المطرب "أحمد بدور" للفن والطرب مبكراً من خلال حضور دروس والده الشيخ "بدور" المعلم والمدرس لتجويد القرآن الكريم في "جامع البهارمية" ومع تحفيظ القرآن والأذان لطلابه، برع والده كذلك في صناعة آلة الناي وبيعها والعزف عليها بمختلف أنواع المقامات الموسيقية، وطور والده ذاته فنياً من خلال حضور دورس الموسيقا لدى أستاذه الملحن "إبراهيم الدرويش"، ومع هذه الأرضية الفنية الخصبة بدأ "أحمد" يحفظ ويردد الأغاني الحلبية القديمة التي تذاع للمطربين "صباح فخري ومحمد خيري ومحمد أبو سلمو" أغاني مثل "فوق النخل- البلبل ناغى عا غصن الفل- أول عشرة محبوبي"، وغنى أول موال شرقاوي للمطرب "أبو حسن الحريتاني" "مال الأكاسر ومروان أبن الحكم"، وموال "ما لازم ينتهي حبك ما لازم غرامك بالقلب أصبح ملازم".
عِندَ خَانطُومَانِي والمدلل
مع دخوله عمر ستة عشر تعلم المطرب "أحمد" على يد الشيخ "صالح حوري" غناء المقامات، والذي بدوره أرشده إلى المنشد الكبير "فؤاد خانطوماني" وطلب منه سماع بعضاً مما يحفظ، وغنى له قصيدة دينية "أبرق بدا من جانب الفور لامع" رد عليه مباشرة "الخانطوماني" صوتك جيد ابقى ملازماً لي، وكلف الشيخ برفع الأذان بالجامع الأموي بدمشق، ومن حسن حظه كانت خدمته الإلزامية قريبة منه فاجتمع معه بحفلة برفقة المطرب "عمر سرميني" غنيا فيها "طرقت باب الرجا والناس قد ناموا".
يكمل الفنان بدور حديثه لـ"مدونة الموسيقا": «واستمررت في حفلاته طوال خدمتي الإلزامية، وزادني الشيخ علماً بأصول غناء المقامات والقدود والموشحات والإنشاد، وفي تلك الفترة تعلمت العزف على آلة العود على يد الفنان "زياد مليس"، وتابعت تعليمي على يد الشيخ "صبري مدلل" في جامع "جمال عبد الناصر" وعلمني أداء أغنية "عل اليانا اليانا" وغيرها من الأغاني الدارجة ومن أهمها "أحمد يا حبيبي سلام عليك"، كما تعرفت على الشيخين "عبد الرؤوف حلاق وعبد القادر معصراني" اللذين ساعداني بشكل خاص في غناء الإنشاد الديني. ولا أنسى مدرسي المرحوم "عبد القادر حجار" في "معهد شباب العروبة" الذي له الكثير من الفضل علي.
مَع الرَّاحِلِ صَبَاح فخري
وبعدها رشحني الفنان "فاتح أبو زيد" لمقابلة المطرب الراحل "صباح فخري" الذي طلب مني أن أسمعه مما أحفظ، وغنيت له موشح "رمى قلبي رشا أحور" من مقام السكاه، وأعجب بي وضمني مباشرة لفرقته، وسافرت معه إلى الكثير من البلدان العربية والأجنبية وبمهرجان المحبة.
ولا أنسى تبرعه رحمه الله بمبلغ أجور عملية جراحية لشقيقتي بالكامل. وبقيت معه في سفراته حتى عام ١٩٩٦ خلالها اشتركت بفرقة شيوخ الطرب مع العازف "محمد قصاص" والمطرب "سمير عجوم" و"محمد طيفور" و"عمر سرميني" وقدمنا حفلات في لبنان ودار الأوبرا بمصر والكويت، وفي عام ٢٠٠٣ دخلت فرقة سلاطين الطرب مع المطربين "أحمد أزرق وسمير عجوم ومصطفى هلال".
أَغَانٍ خَاصَّةٌ
سجلت من كلمات الشاعر "محمد حميدي" ثلاث أغنيات ألحان الفنان "عمار حمدية" "يا مال الشهبا، ويامحلا طولها، وياحيف والله ياحيف"، وكذلك كتب لي الشاعر إبراهيم نعيمي "دقيت عا باب البيت " من ألحان الراحل "أحمد زكور" و"منين أجيب النوم" و"يابو خديد جوري".
حَفَلَاتُ "فنزويلا"
سافرت ثلاث مرات إلى فنزويلا بين أعوام ٢٠١١- ٢٠١٢- ٢٠١٩ في كل مرة قدمت ثلاث حفلات من الطرب الحلبي الخالص للجاليات العربية هناك، ولاقت الأقبال والتشجيع الكثيف، وفي عام ٢٠١٧ غنيت في دار الأوبرا بدمشق من مقام العجم "ما لعيني أبصرت" و"القلب مال الجمال" من ألحان "الشيخ "بكري الكردي" وأغنية "مهفهف" للملحن "حمدية" و"يخليلي روحك ياخاي" للملحن "عبد المنعم أبو غالون".
أَربَعُونَ عَامَاً مَع الطَّرَبِ الحَلَبِيِّ
ويختم المطرب "بدور" حديثه لـ"مدونة الموسيقا": «سافرت وغنيت في أغلب بلدان العالم، وتعلمت من كبار فناني حلب العظام، وقضيت أكثر من أربعين عاماً في غناء الطرب الحلبي الأصيل الذي اعتبره منارة وإشعاع الفن العربي من دون منازع. ويحق لنا أن نفخر بتراثنا ومطربينا الكبار الذين بصموا ونقلوا الفنان الحلبي بكافة أصقاع المعمورة بوجه مشرق».
شَهَادَاتٌ فَنِّيَّةٌ
الملحن عمار حمدية قال: المطرب أحمد بدور لديه أرضية فنية، صلبة حيث نهل وتعلم الفن على أصوله من القامات والكبار، وأبدع في غناء القدود والموشحات والتراث الحلبي بأمانة في سفراته وكان خير سفير، ولم يأخذ حظه من الأضواء والشهرة الأعلامية، وكان يستحق أكثر من ذلك، وهذا لاينقص من مكانته وقدرته الفنية.
عازف الكمان ورئيس فرع نقابة الفنانين بحلب "عبد الحليم حريري" قال: امتلك المطرب "أحمد بدور" صوتاً ذهبياً مميزاً، وأبدع في غناء القدود والموشحات والموال، لديه إحساس فني عال بطريقة الغناء تجذب المتابعين له. هو صوت حلبي جميل ومقتدر ومثقف.
بقي أن نذكر أن الفنان "أحمد بدور" هو من مواليد مدينة "حلب" لعام ١٩٦١ من حي الجلوم بحلب القديمة.