عشقٌ غريب لآلة الكمان تملّك قلب العازف "نارام راشد" منذ طفولته المبكرة، ففي السادسة من عمره لاحظ الأهل شغفه بالموسيقا، وتحفيز حواسه بمجرد سماعها، وعلى الرغم من أنهم عرضوا عليه تعلم العزف على آلات موسيقية عدّة، إلا أنه أصرّ على آلة الكمان، وكانت البداية من معهد "صلحي الوادي" في "دمشق".
يقول العازف "نارام راشد" في حديثه لـ"مدونة الموسيقا": «لا بدّ لكل موسيقي خاصةً في بداياته أن يشعر مرّة بالحماس وأخرى بالملل وربما بالتردّد في كثير من الأحيان، وأنا كأي عازف مررت بهذا كله، وفي كل مرة كان لأهلي دور بإعادة توجيهي ووضعي مجدداً على الطريق الصحيح، فقد كان تأثري بالموسيقا يبدو واضحاً جداً، خاصةً أنني أنتمي لعائلة مثقفة موسيقياً، الأمر الذي ترك تأثيره الكبير على بناء شخصيتي من هذا الجانب».
بَينَ المَوهِبَةِ وَالأَكَادِيمِيَّةِ
إذاً كانت بدايات تعلم "نارام" في معهد "صلحي الوادي" حيث تخرج منه مع انتهائه من المرحلة الثانوية، حيث تقدّم إلى المعهد العالي للموسيقا، وبعد عدة مراحل من الاختبارات تم قبوله ليتم دراسته الأكاديمية والتخرج في العام 2020.
وعن الدراسة الأكاديمية يقول "نارام": «امتلاك الموهبة مهم جداً، ولطالما ساعدتني موهبتي في تقديم نفسي كعازف، لكن الموهبة وحدها غير كافية، بل الدراسة الأكاديمية برأيي هي التي توجه العازف إلى الطريق الصحيح، كذلك أيضاً لا بدّ من التنويه إلى فكرة مهمة، وهي أن الموسيقا بحاجة إلى التعلم المستمر، فلا يمكن لموسيقي أن يقول "أنهيت تعلمي"، فالاستمرارية شرط ضروري لتطوير مهارات كل عازف».
وعلى الرغم من تعلق "نارام" بآلة الكمان وإتقانه العزف عليها، إلا أنه خلال دراسته في المعهد العالي للموسيقا تخصص بآلة الفيولا، أما الآلة الثالثة التي لطالما أحبها وأتقن العزف عليها فهي الساكسفون، واللافت أنه تعلم العزف عليها بمجهود فردي مستعيناً ببعض النصائح والملاحظات البسيطة من أساتذته في المعهد.
ويسعى "نارام" بشكل مستمر إلى التعلم من تجارب موسيقيين كبار، إلى جانب الاستفادة من خبرات أساتذته في هذا المجال ومنهم الكادر التدريسي في المعهد العالي للموسيقا في "دمشق"، ويخصّ بالذكر أستاذه المشرف عليه في مختلف مراحل دراسته "المثنى علي"، من خلاله تأهيله الأكاديمي ليسير في مجال الموسيقا على الطريق الصحيح بحسب ما أشار له "نارام" خلال حديثه.
مُشَارَكَاتٌ
خلال فترة دراسته في المعهد العالي للموسيقا كان للعازف "نارام راشد" الكثير من المشاركات المهمة وعنها يقول: «كان لي خلال فترة تواجدي في "دمشق" مشاركات متنوعة، حيث شاركت في حفلات الأوركسترا السمفونية السورية بقيادة المايسترو "ميساك باغبودريان"، ومشاركات مع الأوركسترا الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو "عدنان فتح الله"، إلى جانب مشاركاتي بالعزف مع عدد من الفنانين الكبار منهم "ميادة بسيليس" و"ميادة الحناوي" و"ليندا بيطار" و"ميس حرب" وغيرهم».
ويكمل: «لقد تركت سنوات الحرب تأثيراً كبيراً علينا كموسيقيين، فكان لا بدّ من المشاركة بورشات عمل موسيقية وأبرز هذه الورشات كان في "لبنان"، حيث تم استدعاء بعض الأسماء المهمة على مستوى العالم، أما المشاركة الأهم والأقرب إلى قلبي كانت في دار الأوبرا السورية، حيث أقمت حفلاً إفرادياً بمناسبة تفوقي في المعهد، وتبقى هي الذكرى الأغلى لدي».
ويختم: «أعيش حالياً تجارب موسيقية جديدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تجربة مختلفة كلياً عما تعلمته في السابق، فالعمل مع عازفين من جنسيات مختلفة يعرفنا على ثقافات جديدة لم نكن نعرفها من قبل، والحقيقة نلقى الكثير من الدعم فيما يخص هذه التجربة الجديدة، وتشجيعاً كبيراً من البلد المضيف "دولة الإمارات" وهذا ما انعكس إيجاباً على أدائي وتطوير قدراتي».
يذكر أن العازف الشاب "نارام راشد" من مواليد عام 1998، خريج المعهد العالي للموسيقا في "دمشق"، وقد حصل مؤخراً على جائزة أفضل عزف كلاسيكي على آلة الكمان ضمن المسابقة المقامة في مهرجان "دبي" لموسيقا الشباب.