أبت الطبيعة إلا أن تعزف موسيقاها، لكن ألحانها كانت مؤلمة وموجعة لأن من ذهب لحضور حفلتها مرغماً لم يعُدْ إلى أهله بعد انتهاء الحفل.
طلع فجر السادس من شباط 2023 وفي تمام الساعة الرابعة وسبع عشرة دقيقة رفعت الستارة عن "الحفلة" الأكثر ألماً ووجعاً، تخللها أصوات رعد وبرق مع الصراخ والخوف، وصوت غضب الأرض. كانت ثواني أخذت في مرورها الكثير من الأرواح، وكما عبّرت الأرض عن غضبها، عبّر الموسيقيون عن ألمهم بكلماتٍ وألحانٍ حملت حزن وأنين من بقي بعد هذه العرض القاسي!
التقت "مدونة الموسيقا" الموسيقي "مروان دريباتي" الذي قام بصياغة لحنٍ لقصيدة كتبها الشاعر "أسامة إسبر" بعنوان "على خط الزلزال على خط الحروب" والتي قدّماها إلى أرواح ضحايا الزلزال والحروب، الأحياء منهم والأموات، وتحدث عن هذه الكارثة وعن دور الموسيقا في التعبير عنها فقال: «ابن وابنة بلدي وشركائي بالهواء والماء والتراب، هذه نظرتي إلى كل مواطن أو مواطنة سورية من طينة هذا البلد، وتكمن وظيفتي في هذه الكوارث أن أكون مع بلدي ومواطنيها بكل إمكاناتي لأنني في غيابهم أنتهي وأتلاشى، إن تركيزي عند صياغة ألحاني يكون على النص الذي يُجوهِرُ ويكثف الكارثة لغوياً، ويضيء على أبعاد وإحداثيات الحياة كما حصل مع نص قصيدة الشاعر السوري أسامة إسبر المتواجد في أمريكا، والتي حملت عنوان "على خط الزلزال على خط الحروب"».
أما عن دور الموسيقا في هذه المرحلة القاسية على البلاد والناس، فيقول "دريباتي": «إن الموسيقا تحمّم الحواس وتؤجج المشاعر وهي وظيفة نبيلة وتوجه المشاعر باتجاهات مقررة لراحة ودعم الحواس والمشاعر وربطها بانتماء غير ملموس لكن متوارث كالريح، فالمطلوب من الموسيقا كما كل أنواع الفنون والآداب أن تحافظ وترفع من معنويات الإنسان، لأن أخطر شيء تفعله الكوارث هي إحباط وتكسير معنويات الناس الذين يصلون أحيانا إلى اللا جدوى من الحياة وينظرون بعدمية إليها، ومن وظائف الموسيقا أيضاً توريط الإنسان بالحياة والحب، فلولا الموسيقا لكان هذا العالم فارغاً وجامداً».
لا يمكننا إنكار أن للموسيقا دوراً مهماً في تخفيف الألم والتعبير عن مكامن النفس التي يصعب توصيفها بالكلمات لذلك تعتبر الموسيقا هي اللغة العالمية التي تفهمها جميع الشعوب ولا تحتاج إلى مترجم يترجم معانيها.