تحديات كثيرة واجهت المايسترو "طارق سكيكر" منذ بداية مشواره الموسيقي، لكن علاقته بالموسيقا كانت أقوى من كل العقبات حسب تعبيره، حيث لم تتمكن المعوقات المادية أو الاجتماعية أو الصحية ولا حتى الحرب من اختراق تلك العلاقة، فكانت الموسيقا الصديقة والونيسة ومصدر العيش الكريم والشهرة والوصول إلى الناس.

يتميز المايسترو "سكيكر" بمعرفته الواسعة وإتقانه لمختلف الأنماط الموسيقية، معرفة اكتسبها من خلال دراسته للموسيقا الكلاسيكية، وعمله مع الكثير من الفرق الموسيقية والأوركسترا الطربية، ومع فنانين شرقيين لأبعد حد بحسب وصفه، ومنهم "صباح فخري وميادة الحناوي ووديع الصافي" وغيرهم، كذلك من خلال دراسته للموسيقا المعاصرة وموسيقا الجاز، واجتماعه مع موسيقيين من أمريكا اللاتينية ومع "فرق الراي"، كل ذلك أدى إلى امتلاكه مخزوناً كبيراً من ثقافات متعددة.

عَلَاقَةٌ مَع "الجَازِ"

يقول المايسترو "سكيكر": «بشكل عام لا أنحاز إلى نمط موسيقي بعينه، فلكل نمط طابعه الخاص، لكنني ربما أميل أكثر إلى الموسيقا وليدة اللحظة، ولا أحبذ الموسيقا مسبقة التحضير، لذلك أحب موسيقا الجاز والموسيقا اللاتينية عموماً، وهذا ما دفعني لدراسة موسيقا الجاز بإشراف أهم الموسيقيين في العالم».

1- عازف البيانو الموسيقي طارق سكيكر

ويضيف: «إن إتقان العازف لمختلف الأنماط الموسيقية هو أمر في غاية الأهمية، خاصة بالنسبة لعازفي الكيبورد والبيانو والجيتار والدرامز والآلات الإيقاعية والنفخية، أما عدم الإلمام بها فهي نقطة ضعف لا يمكن تجاوزها بالنسبة للعازف، لكننا في سورية يمكننا القول إنه لدينا موسيقيين يتميزون بثقافتهم الموسيقية الواسعة واطلاعهم على مختلف الأنماط الموسيقية ولديهم بصمة جيدة بالعزف (الشامي والمصري والخليجي والتركي والفارسي والأذربيجاني) وأخص عازفي الآلات الوترية كالكمان والفيولا والعود والقانون وكذلك عازفي الناي».

التَّفكِيرُ خَارِجَ الصُّندُوقِ

يسعى المايسترو "سكيكر" في كل ما يقدمه من أعمال للخروج عن المألوف و"التفكير خارج الصندوق" بحسب قوله، ويكمل: «لا أفضل التعامل مع المادة الموسيقية على أنها مادة جاهزة للعزف، إنما أسعى دائماً إلى إخراجها بأسلوب متفرد، وبطريقة تشبهني، وهذا يضعني أمام مسؤولية كبيرة في كل مرة أواجه فيها تحدياً من نوع معين، كمشاركتي في برنامج "ذا فويس" مثلاً، والموسيقي الذي يتمكن من خلق بصمته الخاصة يمتلك كل نقاط القوة التي تجعله متفرداً في هذا المجال الواسع».

2- سكيكر مع الفنان محمد منير

نَجَاحَاتٌ مُوسِيقِيَّةٌ عَالمِيَّةٌ!

3- من إحدى أمسيات طارق سكيكر على البيانو

منذ العام 2015 حتى الآن عمل المايسترو "طارق سكيكر" كقائد فرقة موسيقية ومدير فني ومخرج موسيقي في برنامج المواهب "ذا فويس" بما فيه "ذا فويس كيدز" و"ذا فويس سينيور"، وعن هذه التجربة يقول: «يستقطب برنامج المواهب "ذا فويس" مواهب من كل الجنسيات من "المغرب العربي إلى الخليج ومصر وسورية ولبنان" وغيرها، حتى أنه استقطب مشتركين من "السودان وجزر القمر وأثيوبيا" ومن "الصين" كذلك، وقد مثّل هذا التنوع الكبير تحدياً بالنسبة إليّ من ناحية إثبات قدرتي على التعامل مع جميع هذه الأنماط الموسيقية المتنوعة، أيضاً قدرتي على توزيع هذه الأنماط وإظهارها من دون التأثير على المحتوى الثقافي الخاص بكل بلد، فمثلاً أن أقدم عملاً خاصاً بالتراث اليمني يحتّم علي التعامل بكل أمانة مع هذا التراث مع إخراجه بقالب عصري يمتّع المشاهد وفي الوقت نفسه يمكنه من الرجوع إليه في أي وقت يشاء لسماعه، لذلك كان لا بدّ من البحث عن هذه الأنماط للتعرف عليها أكثر، وبعضها لم أكن أعرف عنها شيئاً من قبل، أو أتعرف إليها للمرة الأولى، ما تطلب الكثير من الجهد والاستماع والبحث، والاجتماع مع موسيقيين من مختلف الجنسيات، والتواصل مع آخرين بهدف جمع ما يمكنني جمعه من معلومات».

ومن الفعاليات المهمة التي تمكن "سكيكر" من صنع بصمته المتفردة فيها مشاركته كموزع موسيقي وقائد للأوركسترا في مهرجان "Joy Awards" واحتفالية تأسيس المملكة العربية السعودية، وعنها يقول: «من خلال مشاركاتي هذه تمكنت من تحقيق نجاحاً كبيراً، وتركت بصمتي المميزة بشهادة الكثير من المختصين والمهتمين، لكن بالمقابل مثلت هذه المشاركات بالنسبة لي تحديات كبيرة على صعيد مسيرتي المهنية، ومن خلالها تعاملت مع كبار الفنانين منهم "محمد عبده وهاني شاكر ومحمد منير ومروان خوري"، أيضاً رافقني عازفون من كبار الموسيقيين وهم نخبة من "مصر والعراق وسورية ولبنان والخليج وتركيا" أيضاً رافقني أحد كورالات المملكة العربية السعودية».

4- على مسرح برنامج ذا فويس

فِي التَّألِيفِ وَالتَّوزِيعِ المُوسِيقِيِّ

وبالنسبة للمايسترو "سكيكر" فإن التأليف الموسيقي هو بمثابة "روتين حياة"، أما التوزيع الموسيقي فهو كإعادة الروح لأغنية ما، حيث عمل "سكيكر" مع عدد من الفنانين منهم "محمد عبده وجوزيف عطية ومحمد منير وراغب علامة ورامي عياش ومروان خوري وراشد الماجد، أيضاً عبير نعمة التي عمل كقائد لفرقتها الموسيقية لعدة سنوات.

وعن بعض تجاربه في مجال التوزيع الموسيقي يقول: «من أبرز أعمالي مؤخراً في هذا المجال إعادة توزيع لإحدى أغنيات فنان العرب "محمد عبده" التي قام بتأديتها أحد كورالات المملكة، وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة السعودية، كما قمت مؤخراً كذلك بإعادة توزيع لأغنية "الليلة يا سمرا" للفنان "محمد منير" بطريقة لاتينية وبالتعاون مع الفنان المبدع "جان ماري رياشي"، والحقيقة إن هذه التجربة كانت تحدياً كبيراً أمام جمهور "محمد منير" المتعصب لموسيقاه لدرجة كبيرة».

التُّرَاثُ أَمَانَةٌ

ويختم بالقول: «بالنسبة للأغاني التراثية الخاصة بتراث أي بلد فهي تعتبر كأمانة مهمة بين أيدينا كموسيقيين، وقد رأينا في الآونة الأخيرة محاولات من بعض الفنانين أو بعض الفرق لإعادة إحياء هذا التراث، وقد تكون بعض هذه التجارب قد لاقت رواجاً وجمهوراً مستمعاً لها، لكنها من وجهة نظري لم تكن تجارب جيدة، خاصة عندما يتم المساس بكلمات الأغنية التراثية أو لحنها أو مقامها، وعلى الصعيد الشخصي كان لي تجربة ناجحة جداً في هذا الجانب، حيث أحييت في دار الأوبرا السورية من ما يقارب العام ونصف العام حفلاً برفقة المغني "محمود حداد"، الذي أدى بعض الأغنيات التراثية التي أعدت توزيعها بطريقة لطيفة مع الحفاظ على القالب الموسيقي الأصلي كما هو».