تعتبر عائلة "المكاراتي" الحلبية والتي قطنت "حي الأصيلة" واحدة من أعرق العائلات الحلبية التي تهوى العمل بالفن، سواء بالغناء أو الموسيقا أو في عالم التمثيل، ومن تلك العائلة الفنية برز اسمُ الملحن "محمد مكاراتي" الذي اقتبس حب الفن من صوت والده العاشق للراحل "فريد الأطرش" حيث كان يقلده ويحفظ الكثير من أغانيه.
هذه الأرضية الفنية سهّلت من مهمة الشاب الموهوب "محمد" في دخول عالم الفن، وفي أول اختبار له في المدرسة تمكن من نيل لقب الريادة بالغناء على مستوى القطر وهو لا يزال طالباً في المرحلة الإعدادية.
مَوهِبَةُ التَّلحِينِ
تعلق "محمد" بحب التلحين مبكراً، وقام بدراسته وبتعمق في "معهد حلب للموسيقا" واتبع تطوير موهبته في هذا المجال لدى مدرس الموسيقا "جمال محمود" ولمدة خمس سنوات متتالية صقل خلالها الكثير من موهبته التلحينية وبشكل خاص بمجال الإنشاد الديني مع باقي أنواع الفن الأخرى من قدود وموشحات ومواويل.
فِرقَةُ أَجيَالٍ
وانطلاقاً من حبه لتوثيق وتعليم فن القدود والموشحات والإنشاد قامَ "محمد مكاراتي" في عام ١٩٩٤ بتأسيس معهد موسيقي خاص لتدريس الطلاب (والمنتسبين له مجاناً) أصول تعليم الصولفيج والعزف على أغلب الآلات الموسيقية من عود وكمان قانون وإيقاع مع تدريب هولاء الشباب على غناء الكورال، ويضم المعهد كما يقول بحدود خمسين منتسباً، كلٌّ يمارس هوايته وتعليمه حسب ما يرغب.
نَشَاطَاتٌ وَمُشَارَكَاتٌ فَنِّيَّةٌ
في سجل الملحن والمنشد "المكاراتي" الكثير من التسجيلات لأعماله الفنية ما بين الإنشاد والتلحين ومن أهمها تسجيله للتلفزيون العربي السوري في عام ٢٠٠٦ وعن طريق فرقته "أجيال" عدة حلقات خاصة عن الإنشاد، وكذلك تسجيل عدة حلقات لتلفزيون "الشارقة" عندما زار المدينة بوقتها، كما حصل الملحن "المكاراتي" على المركز الأول في مقطوعته التي قدمها عن اللحن الفلسطيني وحملت عنوان "غزة تحت النار،" ومن كلماته وألحانه غنى له المطرب "عبد القادر داية" بعنوان "فستق حلب"، وقدم لحناً للمنشد "بشير أبو مريش" بعنوان "يا هادياً"، وكذلك قدم لحناً للمنشد "أحمد أخرس" و"عابد أخرس" وقدم لحناً من مقام الكورد بمهرجان وطني العربي الخاص بالأطفال، ولحن قصيدة للشاعرة السعودية "نجاة الماجد" بعنوان صرخة طفل فلسطيني، وقدم لحناً للمطرب السعودي "أحمد كرزون" بعنوان زفة عريس"، وأخيراً مشاركته بمسلسل هجرة الرسول لصالح التلفزيون السوري، قدم فيه ثلاث عشرة إنشودة بصوته ومن ألحانه، ونتيجه جهوده وعمله الدؤوب في عالم الفن والتلحين نال "المكاراتي" العديد من الأوسمة وشهادات التكريم على مستوى المحافظة.
ويقول الملحن "محمد مكاراتي" لـ"مدونة الموسيقا": «أنا أحيا بالموسيقا، وأقضي كل يومياتي وحياتي في معهدي الموسيقي "أجيال" من أجل البحث عن كل جديد، سواء باللحن أوالموشح أو القدود أو الإنشاد، وهدفي هو تأسيس فرقة كورال ضخمة يكون لها شأن على غرار فرقة المنشد الدمشقي الراحل "حمزة شكور" تجوب الوطن العربي وتنشد فنها السوري الجميل، وأستطيع القول إنني قطعت خطوات مهمة في سبيل تحقيق ذلك الهدف، إضافة لوضع كل خبرتي التي اكتسبتها على مدار الأربعين عاماً في رحاب الموسيقا من أجل تثقيف المواهب الفنية وتعليمها الغناء والعزف على جميع الآلات الموسيقية».
الجُندِيُّ المَجهُولُ
وصفه زميله المطرب "أحمد بدور" بالقول: «الملحن محمد مكاراتي يشابه الجندي المجهول في عالم الموسيقا، يعمل ليلاً نهاراً بلا كلل أو تعب، ومن دون البحث عن التفاصيل المادية، همّه تكوين فرقة موسيقية ضخمة من الشباب أصحاب المواهب التي لديها الرغبة الاندفاع والحماسة في حفظ التراث والقدود والموشحات وقصائد الإنشاد. جهوده محل تقدير العاملين بالوسط الفني، وهو مظلوم إعلامياً، ولم يأخذ حقه لأنه لا يبحث عن الشهرة والأضواء.. ويستحق مكانة أفضل من ذلك».
الملحن "محمد محمود مكاراتي" من مواليد مدينة "حلب" لعام ١٩٦٩ ومجاز باللغة العربية من جامعة حلب، يملك معهد أجيال منذ عام ١٩٩٤ والخاص بتعليم الكورال الغناء والعزف على الآلات الموسيقية.