كان شغفه الأول بآلة العود من خلال الصوت الذي كان يصدره مذياع والده حين كان يستمع للموسيقار "فريد الأطرش"، ما جعله ينمّي موهبته الفطرية للموسيقا ويدرسها بشكل أكاديمي ليحترف العزف على آلة العود، ويدرّسها بأسلوب منهجي خاص به.

مَوهِبَةٌ مُتَفَتِّحَةٌ

"مدوّنة الموسيقا" تواصلت مع العازف "نوّار حاج خليل"، ليحدثنا عن موهبته التي تفتّحت احترافاً: «نشأتُ في أسرة مهتمة بالفنّ والأدب، ولم يكن أحد أفراد عائلتي موسيقياً، فحبّي للموسيقا فطري منذ الطفولة، فقد كنت أستمع لآلة العود من مذياع والدي حين استماعه للموسيقار "فريد الأطرش" وتعلّقت بصوتها وأحببت الخوض في بحرها، ولا بدّ من الإشارة أن الفضل يعود لوالدي ووالدتي في توجيه موهبتي واكتشافها في المراحل الأولى، أما في مرحلة الشباب فقد شاركت ضمن أنشطة موسيقية في الجامعة في فرق للهواة، ما وضعني في جوّ موسيقي جعل الرغبة لدي بالاحتراف أكبر».

ويتابع: «درستُ الموسيقا بشكل أكاديمي على يد كبار الملحنين والعازفين في "سورية"، وفي كل مرحلة من مراحل عمري الموسيقي كنت ألتقي بعازفين وموسيقيين، فشكّلت لدي تلك اللقاءات نقلة موسيقية مهمة وحققت لي زيادة في الخبرة والمعارف، وانتقلت إلى "دمشق" عام ٢٠١٣ وبقيت حتى عام ٢٠١٦ للدراسة عند الأستاذ القدير "محمد عثمان" الأمر الذي زاد خبرتي بالآلة بشكل لافت».

1- نوار حاج خليل

مَحَطَّةٌ مُضِيئَةٌ

2- نوار حاج خليل مع طلابه

لم يكتفِ العازف "نوّار حاج خليل" بتدريس آلة العود بالشكل التقليدي، بل عمل على وضع أسلوب منهجيّ في التدريس لينتج عازفين من طراز متقدم، فيتحدث عن ذلك قائلاً: «المحطة الأهم في حياتي الموسيقية هي بداية التدريس لآلة العود في معهد "محمود العجان" للموسيقا عام ٢٠١٦، حيث وضعت بالتعاون مع الدفعة الأولى من الطلاب الذين درّبتهم ولقّبتهم لاحقاً بــ"فرسان العود" أسلوباً منهجياً استفادت منه الدفعات التي درست عندي لاحقاً، وأصبحت طريقتي في التدريس خاصة ومثمرة وأنتجت عازفين بمهارة وتقنية عالية، إضافة إلى ذهنية تفكير مختلفة، ونتيجة لذلك أسست "أوركسترا العود" من طلابي، وضمّت ١٧ عازفاً من فئات عمرية مختلفة، وكنتُ العازف رقم ١٨، وانطلقتْ عام ٢٠١٨ لتقدم أول أعمالها من الموسيقا العربية على مسرح دار "الأسد" في "اللاذقية"، وفي عام ٢٠٢١ توسعت "اوركسترا العود" لتضمّ عازفين محترفين وقدمت أعمال كبار الملحنين السوريين والعرب من "القصبجي" و"سامي الشوا" وغيرهم، كما قمت بتأسيس ثنائيات لآلة العود وابتكار دوزان مختلف لهذا الغرض وما زال العمل على هذه الفكرة مستمراً لتقديم العود كآلة اجتماعية».

مُشَارَكَاتٌ مُنَوَّعَةٌ

تعددت مشاركاته الفنيّة، وهنا يقول: «شاركت في العديد من الأمسيات في "اللاذقية" و"دمشق" و"حلب" و"طرطوس" كما شاركت بأمسية في "لبنان" ضمن فرق موسيقية كـ"صدى" ومشروع "دوزان" وفرقة نقابة الفنانين، وفي عام ٢٠١٦ أسست خماسي التخت الشرقي السوري والذي أعمل على إعادة إطلاقه بصورة جديدة وأعضاء جدد في هذا العام، ومن أهم وأحب الأعمال التي قدمتها على قلبي هو "صناجة العرب" في ذكرى رحيل الفنان "صباح فخري" قدمتها فرقة "محمود العجان" للموسيقا العربية وبرفقة الفنان المغني الشاب "يزن جبور" وتدريب الكورال الأستاذة "شذى محمد"، وبقيادتي».

3- نوار حاج خليل في إحدى جلسات التدريب للطلاب

"مُوسِيقَا بِالعَرَبِي"

ويقول عن مشروعه الذي يعمل على إنجازه: «مشروعي الحالي هو مشروع "موسيقا بالعربي"، حيث أسعى من خلاله إلى نقل تجربتي التي اكتسبتها في العزف والتدريس والمقامات الموسيقية العربية والقوالب وتحليلها إلى كل محب لآلة العود وذلك بكل الطرق والقنوات الممكنة من مقالات وورشات عمل وأمسيات موسيقية وحتى مقاطع فيديو مستفيداً من ورشات العمل التي حضرتها في "دمشق" و"حلب" لعازفين ومؤلفين من "أذربيجان" و"تركيا" و"العراق" و"لبنان" و"فلسطين"، يهدف مشروع "موسيقا بالعربي" إلى تأسيس أجيال من العازفين لديهم الفهم العميق والتنفيذ السليم العلمي وإبقاء آلة العود جوهرة الشرق وسلطان الآلات».

آَرَاء

مديرة معهد "محمود العجان" للموسيقا الأستاذة "شذى محمد" تحدثت عنه قائلة: «عرفناه من خلال المعهد وقدراته الموسيقية، كان جديراً بإشادة الكثيرين في الساحة الموسيقية، يدرّس آلة العود في المعهد، يتميز بالكفاءة ومحبته في إعطاء المعلومة وخبرته الموسيقية الغنية، كما أنه يتمتع بأسلوبه المتميز وطريقة تدريسه الخاصة، طلابه من الرواد على الآلة، وحازوا مراكز متقدمة في مسابقات على مستوى "سورية"».

أما الطالبة "جنى جديد" ابنة الستة عشر عاماً بدأت مع الأستاذ نوّار منذ ست سنوات، قالت: «يعتمد الأستاذ "نوّار" في تدريسه منهجية خاصة لا يكتفي ببراعة عزفه أثناء تدريبنا، إنما يقدم المعلومة الموسيقية بأسلوب يجعلنا نحبّ الآلة، كما يركز على مهارات ومقدرات معينة لدى الطالب على الآلة، ويمهد الطريق له للمشاركة في الحفلات مانحاً له الفرصة في الظهور لتميزه، وهو مهتمٌ بخلق جيل متمكن من العازفين، وكان له الفضل بوصولي لهذه المرحلة في العزف على آلة العود، كما شاركت بـ"أوركسترا العود"، وفي عزف جماعي بقيادة الأستاذ "نوّار"».

جدير بالذكر أن العازف "نوّار حاج خليل" من مواليد "اللاذقية" عام ١٩٨٨، خريج كلية الاقتصاد قسم إدارة الأعمال، رئيس قسم الآلات الشرقية في معهد "محمود العجان" للموسيقا.