فنان سوري متميز، يمتلك خامة صوتية نادرة وجمال الحضور، متمكن من أدواته في العزف والغناء والتمثيل. صُنّف صوته من أجمل الأصوات العربية، نال لقب نجم النجوم وجوائز عالمية في التمثيل أيضاً... الحديث عن الفنان "أيهم أبو عمار" المقيم حالياً في كندا، والذي حلّ ضيفاً على موقع "مدونة الموسيقا" من خلال اللقاء التالي.
إِبدَاعٌ مُبَكِّرٌ
بدأ بالغناء من عمر صغير جداً قبل دخوله المدرسة حيث قال: «لا زال أهلي يحتفظون إلى اليوم بتسجيلات صوتية لي وأنا بعمر السنتين لم أكن أستطيع الكلام حينها، هي دندنة وحسب، وبدأت أكتب أيضاً بعمر صغير كنت في المرحلة الابتدائية عندما بدأت بكتابة الشعر، أخوتي "مهند" و"جهينة" خصّصا لي دفتراً صغيراً لنقل كل نتاجي عليه بخطهما الجميل ولا زال موجوداً إلى اليوم. وبعمر 11 عاماً بدأت بالعمل في المسرح مع المخرج "رفعت الهادي" قدمت عروضاً عديدة مع فرقة "حكايا" في "السويداء"، وخضعت لعدد من دورات إعداد ممثل بإشراف الأستاذ "رفعت"، وكنت عضواً في الفرقة الموسيقية التي تشكلت مع فرقة "حكايا"، وشاركنا بالعديد من المهرجانات على مستوى سورية».
الاِجتِهَادُ وَالدِّرَاسَةُ الأَكَادِيمِيَّةُ
اقتنى "أبو عمار" أول عود في حياته قبل دخوله للصف التاسع، حيث أضاف: «أول عود حصلت عليه في حياتي اشتريته من مالي الخاص، عملت طوال فترة الصيف ودفعت ثمنه، واستطعت تعلم العزف عليه بوقت قياسي في غضون شهرين أو ثلاثة شهور فقط، ربما موهبتي في الغناء ساعدتني لاحتراف العزف وبدأت بالعمل في مطعم في السويداء وكنت أعزف وأغني في الوقت نفسه. وفي نهاية عام 2004 تقدمت للمشاركة في برنامج نجم النجوم في قناة MBC وهو عرض لمرة واحدة فقط، حصلت على المركز الأول فيه وأخذت اللقب. وفي العام ذاته تقدمت للقبول في المعهد العالي للموسيقا وتم قبولي أيضاً في قسم الغناء العربي. تخرجتُ من المعهد العالي للموسيقا في دمشق عام 2010 قسم الموسيقا الشرقية، وعينت أستاذ الغناء العربي في نفس المعهد بين عامي 2011 – 2012».
مَوَاقِفُ دَاعِمَةٌ
في حياة "أيهم أبو عمار" مواقف داعمة ساهمت على الدوام بتحفيزه وإعطائه دفعة من الأمل في الأوقات الصعبة عنها تحدث:
«بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة وقبل عامين من دخولي المعهد العالي للموسيقا وبإصرار من المخرج "رفعت الهادي" تقدمت لامتحان القبول في المعهد العالي للفنون المسرحية تأهلت إلى المرحلة الثانية من الاختبار وبعدها لم يحالفني الحظ، في قرارة نفسي شعرت بالضيق والحزن رغم أني كنت مصمماً على دراسة الموسيقا، ولكني كنت أفضل النجاح واختيار عدم المتابعة.
في الورشة ضمن اختبارات المعهد العالي للفنون المسرحية حضرت الدكتورة "هزار الجندي"، وهي دكتورة تدرس علم الاجتماع لطلاب المعهد، في بداية العام الدراسي وفي الدرس الأول الذي أعطته، سألت الطلاب عني وأبدت استغرابها من عدم تواجدي بين الحضور وطلبت من أصدقائي أو من يعرفني أن يخبرني برغبتها في التحدث معي، التقينا في كافيتريا المعهد عندما بدأت بدراسة الموسيقا، أخبرتني بأنها رغبت بلقائي لتشجعني على الاستمرار في التمثيل، فأدائي في الورشة بقي عالقاً في ذاكرتها، حيث قالت لي "أنت ممثل جيد بقدر ما أنت مغنٍ مبدع وجيد"».
مع الراحل وديع الصافي!
الموقف الثاني والذي يعتبر الأهم أضاف "أيهم أبو عمار" قائلاً: «في عام 2004 وقبل بث الحلقة الأخيرة من برنامج نجم النجوم على قناة MBC وقبل أن أعرف أنني الفائز بالمركز الأول، القائمين على البرنامج فاجأونا برحلة لجميع مشتركي المرحلة النهائية، لم نكن نعلم الوجهة أو المكان الذي سنذهب إليه ولكن الجميع كان يقول بأن "أيهم" سيسر كثيراً بهذه الرحلة، وعندما وصلنا علمت سبب تلميحهم ذاك، كانت وجهتنا إلى منزل الراحل "وديع الصافي".
كانت زيارة رائعة بجميع المقاييس غنينا فيها وبكينا وفرحنا بلقاء قامة فنية مثله، بالنسبة لي على الصعيد الشخصي كان حلماً وتحقق وبشكل خاص وأني سعيت للقائه قبل عام في رحلة عيد رأس السنة في سورية، كان في مجمع "صحارى" ذهبت إليه ولكني منعت من مقابلته.
في تلك الزيارة جميع المشاركين غنوا في حضرة الصافي وأنا غنيت أغنية "لك بالهوى" وهو رافقني بالعزف على عوده، بعد الانتهاء من الغناء وفي الوقت الذي كان الجميع فيه يلتقط الصور اقترب مني وسألني عن سبب اختياري للأغنية التي أديتها علماً أنها من الأغاني الصعبة، أجبته: "ربما لأنني أعرف أنت ماذا تحب".
تأثّر بكلامي كثيراً لدرجة لاحظت فيها الدموع في عينيه، وقال لي: "أنت صديق الروح يا أيهم، إذا احتجتَ أي شيء بإمكانك زيارتي".
في ذلك الوقت وفي تلك اللحظة لم أكن أحتاج شيئاً في الكون بعد سماعي لكلماته، مرّت سنوات وإلى اليوم هذان الموقفان عالقان في ذهني وحاضران كلما شعرت باليأس أو الإحباط أو تعرضت للخيبة».
مَحَطَّاتٌ مُتَنَوِّعَةٌ
«خلال دراستي في المعهد العالي للموسيقا غنيت في دار الأوبرا السورية، أقمت العديد من الحفلات وسجلت مع نخبة الموسيقيين منهم الأستاذ "رعد خلف"، غنيت شارات مسلسلات وسجلت بمسلسل أسمهان أغاني لشخصيتين رئيسيتين وهما شخصية "فريد الأطرش" وشخصية "عبد الوهاب"، كانت مهمة صعبة جداً سجلت بأمانة وإخلاص الموسيقي، لكنني قوبلت من شركة الإنتاج بذكر اسمي فقط في الشارة من دون ذكر التفاصيل، وبالتالي الغالبية لم تعرف بماذا شاركت بالمسلسل على وجه التحديد.
سجلت أيضاً مع "مارسيل خليفة" بمسلسل محمود درويش، كما شاركت في التلفزيون بمسلسل "أبو خليل القباني" ومسلسل "سقف العالم". وخلال فترة المعهد عملت بشكل كثيف وسافرت وأقمت حفلات في "لبنان" و"الإمارات" و"ألمانيا" و"إيطاليا" و"هنغاريا"، بعد التخرج سافرت إلى "لبنان" ومكثت عامين قبل أن أتلقى عرض عمل في "الإمارات" في مركز "الجليلة لثقافة الطفل".
والشيخة "الجليلة" هي ابنة سمو الشيخ "محمد بن راشد"، والشيخ أسس مركزاً يحمل اسمها، كانوا يبحثون عن مدرس لتدريس الغناء العربي وبعد مشاهدة فيديو غنائي لي على اليوتيوب تواصلوا معي وتم الاتفاق على العمل، أقمت في دبي أربع سنوات كنت أستاذ الشيخة "الجليلة" درّستها الغناء العربي ودرست طلاب المعهد أيضاً، وبالفترة الأخيرة من إقامتي في الإمارات كنت مسؤولاً عن قسم العود في فرقة "أوبرا دبي" للموسيقا العربية وبعدها انتقلت إلى كندا ببداية عام 2018.
كندا
في كندا استطاع أبو عمار النجاح بفضل إمكانياته واستطاع الوصول إلى العالمية حيث قال: «فور وصولي إلى كندا أقمت حفلاً في "فيينا" وكنت أبحث عن عمل في السينما، أحد الأصدقاء أخبرني أنه ينبغي عليّ الحصول على عضوية نقابة الفنانين في البداية.
بعد فترة قصيرة علمت بالتحضير لفيلم عن عائلة سورية وأنهم يبحثون عن شخصية للفيلم يتكلم الإنكليزية والعربية معاً وأن الفيلم سيشارك به الراحل حاتم علي ويارا صبري، وبالفعل تقدمت للمشاركة ولم أعلم أن الشخصية التي كانوا يبحثون عن بطلها هي الشخصية الرئيسية في الفيلم.
أرسلوا لي النص قبل شهر واحد من بدء التصوير وهي مدة غير كافية، ولكني كثفت جهودي أنا والفنان "حاتم علي"، عملنا سوية بسبب وجود عدد كبير من الحوارات بيني وبينه.
حقق الفيلم (اسمه: "سلام عبر الشوكولا" للمخرج الكندي جوناثان كيجسر) نجاحاً كبيراً على مستوى شباك التذاكر في "كندا" كان ترتيبه الخامس على شباك التذاكر، الفنان "حاتم علي" حصل على جائزة أفضل ممثل، وأنا حصلت على جائزتي أفضل ممثل واحدة من نقابة الممثلين الكنديين والثانية في مهرجان الأفلام الكندية الصينية، والفيلم نفسه حصل على أكثر من عشرين جائزة مختلفة، جائزة الجمهور وجائزة أفضل مخرج وجائزة أفضل إضاءة وجائزة للموسيقا».
شَهَادَةٌ
المخرج "رفعت الهادي" تحدث عن أيهم أبو عمار بالقول: «أيهم رجل من زمن العمالقة، يمتلك من الصفات والإمكانيات ما يمكنه من الوصول إلى أعلى المراتب. صوته نادر وحضوره ملفت وإنسان لبق ومهذب وخلوق، يمتلك من الوفاء والإخلاص والإنسانية الكثير، عملنا سوية لمدة 12 عاماً هو ممثل محترف ومغنٍ بارع، لثماني سنوات متتالية حصلت فرقتنا الموسيقية على مرتبة الامتياز في المهرجانات السورية، وهذه المرتبة هي أعلى من المركز الأول. وكان المطرب الرئيسي في فرقتنا مع عدد من المبدعين أيضاً، براعته لم تظهر في الغناء فقط هو ممثل مسرحي متمكن من أدواته، أدى عمل "مونودراما" ببطولة مطلقة وحاز على جائزة عن العرض المسرحي "حكاية سفر"، وأدى بطولة مسرحية "لحظة لو سمحت"، وشارك في العمل "آه يا قانا" تمثيل وغناء وحصل على المركز الأول في المهرجان المسرحي في حماة، وكان من ضمن لجنة التحكيم آنذاك الأستاذ رياض عصمت وزير الثقافة السابق... سررت جداً بحصوله على جائزة عالمية في كندا، فهو يستحق وبجدارة».
بقي أن نذكر أن الفنان "أيهم أبو عمار" من مواليد محافظة "السويداء" عام 1984، وقد أنشأ مؤخراً شركته الخاصة للإنتاج Vegan International Production وما يميزها أن جميع الأعمال التي ستنفذ من خلالها ستنفذ في بيئة نباتية بالمطلق، من دون التدخل بماهية العمل نفسه بل هي البيئة الحاضنة للعمل، وقد أنجزت الشركة أغنيتين تم طرحهما على قناة يوتيوب والثالثة قيد التحضير، هذا ويعمل "أبو عمار" على التحضير لفيلمه القصير الأول كمخرج وكاتب معاً.