تمتلك "أراكس تشيكجيان" رصيداً هائلاً من الخبرات الموسيقية الغنائية الاحترافية، فهي أول من طبّقت مدرسة الغناء الأوبرالي في سورية، وبعد مسيرة عطاء وتدريس لعقود من الزمن تجاوزت خمسة وثلاثين عاماً، تواصل "أراكس" تقديم تقنيات استثنائية وعلمية في الغناء الأوبرالي فاتحة آفاق مهمة ومتجددة أمام العديد من الطلاب والمغنين بكل مكان بهدف تأسيس مستقبل حقيقي في الموسيقا والغناء!
مِيدَالِيَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ بِالغِنَاءِ الأُوبِرَالِيِّ
«درستُ في "يريفان" -عاصمة أرمينيا- الموسيقا والغناء وحصلتُ على شهادة الدبلوم وبعدها على شهادة الماجستير بدرجة امتياز».. تقول المدرسة والمغنية الأوبرالية السورية "أراكس تشيكيجيان" في حديثها لـ"مدونة الموسيقا" وتضيف: «أسستُ مدرسة الغناء الأوبرالي سنة 1985 لأكون أول مغنية أوبرالية في سورية ودرست على يد أفضل أستاذة بالغناء في الاتحاد السوفييتي لمدة 10 سنوات مع أستاذة اسمها "داتافيك سازانداريان" والتي كان لها الفضل في تعليمي وزيادة معارفي الموسيقية، مثلت سورية في مسابقة الغناء الكلاسيكي بـ"كوريا الديمقراطية" في العام 1991 حصلت بها على أول ميدالية ذهبية في الغناء الأوبرالي بتاريخ الوطن العربي، كما أسست مدرسة خاصة باسمي في "حلب" لأنتقل بعدها إلى دمشق بين عامي 2005- 2012 وخلال هذه السنوات تتلمذ على يديّ عدد من طلاب المعهد العالي في دمشق وخرجت مغنين ومغنيات سوريين وعرباً وأجانب أصبحوا عالميين اليوم، ولاسيما أنني قدمت كل ما لدي من خبرة حتى يقدموا شيئاً جميلاً مستقلاً، ثم انتقلت بعدها في عام 2012 إلى لبنان وأسست عملي الخاص بالموسيقا من أجل تعليم تقنية نادرة في الغناء يستطيع بها المغني إطلاق قدرات صوتية رهيبة جداً، وباعتباري أول مدرّبة ومدرسة بالغناء الأوبرالي سورية، تقدم العديد من الطلاب عندي لحيازة درجة "الماستر كلاس" كمدرسة نموذجية للأوروبيين منهم طلاب جامعة "باركلي" للموسيقا.. لذلك مهنتي أوصلتني إلى عدة وجهات منها أميركا وعدد من دول العالم».
مَسؤُولِيَّةٌ وَحَذَرٌ!
«المدرسة التي ينتمي لها المغني تزيد من موهبته ثقافة العلم، لكن الموهبة وحدها لا تكفي ولها حدود معينة»، تتابع "أراكس تشيكجيان" قولها: «وعبر الثقافة الموسيقية يصبح العطاء ليس له نهاية، برأيي ولاستيعاب الموسيقا ككل لابد من وجود خبرة كافية بالموضوع وأستاذ الغناء لايمكن فقط أن يكون خريجاً من المعهد فقط، ويتجه مباشرة ليدرس طلاب إذ لابد أن يكون لديه خبرة عشرات السنين ليكون "بروفيسوراً" في مهنته، فالغناء مهنة حساسة لأننا نعمل كمدرسين على تدريب أصغر وتر في جسم الإنسان والخبرة هي تدريس لسنوات ليصبح عند الطالب الأذن الصحيحة أي طريقة الغناء الصحيح، أو كأنه يغني على وتره وكأنه آلة موسيقية يضغط عليها، والتدريس الموسيقي أو الغناء بشكل خاص ليس بالأمر السهل بل يتطلب الصدق والحذر، ولا يمكن التمييز في ماهية الصوت الجميل إن لم يكن هناك خبرة بالسمع، وليكون هناك خبرة بالسمع لابد من التدريس لسنوات طويلة حتى يتمكن الأستاذ من السماع بشكل صحيح لتقييم الصوت، فمثلاً تصنيف الصوت بالنسبة للرجال يكون "باريتون" أما النساء "سوبرانو" هذا أمرٌ يتطلب خبرة سماعية فائقة، وبالتالي سيعكس الأداء الناتج عن الاحساس الراقي روح الفنان الجميلة، وبرأيي كل مؤلف موسيقي أو مغني له كاريزما أو شخصية خاصة به متكاملة على سبيل المثال "أم كلثوم" ليست مثل "صباح الشحرورة" والإنسان الناجح يقدم شخصيته الفنية للجمهور بنجاح وحب حقيقيين من خلال حضوره الجميل ونوعيه الصوت المقدمة بكل احترافية وجمال».
دُرُوسٌ فِي المُوسِيقَا وَالحَيَاةِ!
«وبالرغم أن هناك الكثير من الطلاب الذين علمتهم وأعدادهم كبيرة جداً إلا أن علاقتي جميلة معهم لدرجة أن بعضهم يتحدثون لي عن أدق تفاصيل حياتهم».. تقول "تشيكجيان" مضيفة: «هذا التواصل رائع خصوصاً من دون وجود أي حواجز أو اعتبارات وكأننا عائلة واحدة ومن الجميل أننا لا نعيش الأجواء الموسيقية البحتة حيث يعتبر البعض أن أستاذ الموسيقا ليس مضطراً لإعطاء دروس في الحياة، لكن باعتقادي هذا الأمر ضروري ومهم لأن الغناء يحتاج لمناقشة ومعالجة كثير من المواضيع بعيداً عن نطاق التدريس أحياناً، والفن بالنهاية مهنة راقية وحساسة وتتطلب الاحساس العالي بكل ما هو معاش وواقعي، لذلك من الجيد أن يكون هناك نوع من المودة والحوار والتواصل الدائم بين الأستاذ والطالب، أما بخصوص مشاريعي المستقبلية فهي عن الطلاب أنفسهم، فالطالب عندي يدرس لمدة 5 سنوات، وأنا فخورة أنني أدرّس مجموعة من الطلاب الموهوبين جداً، ودائماً ما أذكّرهم بأن كل ظهور على المسرح هو بمثابة نجاح واستمرارية جديدة، وحالياً عندي مشروع لطالبتين متميزتين جداً يطمحان إلى الوصول للعالمية اختصاص أوبرا، ولديهما فرص جيدة جداً للغناء في عدة دول أوروبية».