"أحمد نور الدين" شاب حلبي طموح تحدى ظروف حياته الصعبة والحرب والنزوح من منزل لآخر ومع هموم ومنغصات الحياة المعيشية الصعبة وإلى جانب عمله الخاص بسوق "بستان كل آب"، قرر تعلم الموسيقا والعزف على آلة القانون من خلال اتباعه للدروس الخاصة ومن ثم المزيد بالتحاقه بمعهد "حلب الموسيقي".
ورويداً رويداً وبهدوء وبعيداً عن الأضواء والشهرة، وبعد كل ذلك وبحالة خاصة به وبمنزله وسهراته بدأ يذاكر مراحل دراسته السابقة ويضيف عليها عزف الكثير من السمعيات والمقطوعات والتواشيح ويعيد عزف أغان المطربين الجدد والقدمى لكي يحافظ على مهارة وسرعة ورشاقة العزف على آلة القانون.
دِرَاسَةُ العَزفِ عَلَى القَانُونِ
موقع "مدونة الموسيقا" زار منزل عازف القانون "أحمد نور الدين" في "حي صلاح الدين" واستمع منه لملخص سيرة حياته الفنية والموسيقية فقال: «ورثت حب الموسيقا من خالي "عمر قبنض" الذي كان يجيد العزف على آلة العود بمهارة وشطارة ويمتع الحاضرين ويتنقل في عزفه بين الطرب الحلبي القديم والجديد، وكان يصطحبني معه إلى حفلاته التي يعزف فيها كثيراً للمطرب الراحل "مصطفى سرميني"، وكنت في الحفلات أراقب حركة أصابع عازف أوتار القانون "مروان مشو"، وفي إحدى فترة الاستراحة اقتربت منه وسألته "هل يوجد صعوبة بتعلم العزف على القانون "بدي أتعلم أعزف ما هي الطريقة"، وبكل رحابة صدر رحب بالفكرة وطلب مني شراء الآلة أولاً، وفعلت ذلك ودفعت قيمته ستة آلاف ليرة، وبدأت بالتزم وبحضور الدروس المتواصلة عنده ولمدة عامين علمني فيهما عزف التمارين والصولفيج والسمعيات والمقامات ونتيجة إصراري وعشقي وتعلقي بحب العزف قطعت مرحلة معقولة واكتسبت الكثير من الرشاقة، وحتى أطور ذاتي أكثر اتبعت مشواري الموسيقي بالالتحاق بمعهد "حلب للموسيقا" على يد المدرسين "ماهر نعناعة وحسن عساف ومروان ذاكري" ولمدة عامين آخرين أيضاً، وبعد فترة دراسة أربعة أعوام في علم القانون تعلمت فيهما الكثير، بدأ تأتيني بعض العروض للعزف في سهرات خاصة وافتتاح محلات ومطاعم وفندق الشيرتون والأعراس، وبحفلات خاصة بعيد الشهداء والسبيل ومع زميلي المطرب "أحمد وجدي"».
الرَّاحِلُ "تناري" مَثَلِي الأَعلَى!
يتابع العازف "أحمد" حديثه لمدونة الموسيقا بأن آلة القانون هي روح ونكهة الفرقة الموسيقية "وتسمى التخت شرقي" ولايمكن لأي فرقة موسيقية أن تعمل وتنجح من دون مشاركة القانون.
ويضيف: «أعتز بمشاركاتي القليلة المتواضعة بالعزف مع بعض المطربين الكبار أمثال "فؤاد ماهر الراحل مصطفى سرميني وعلي بطل ومحمد سراج وعبد العزيز زنابيلي" وأعتبر مثلي الأعلى ملهمي بالعزف على القانون الراحل المبدع "حسان تناري"».
طَرَبٌ حَلَبِيٌّ
وعن أكثر معزوفاته يقول: «طبعاً وبالفطرة تستهويني المقطوعات والموشحات والقدود الحلبية للراحلين "صباح فخري وصبري مدلل ومحمد خيري وحسن الحفار" والبقية، وأحرص على عزف أغلبها، من دون إغفال عزف بعض الأغاني القديمة للسيدة "أم كلثوم" وليلى مراد وعبد الحليم" وعبد الوهاب"، مع عزف بعض المقطوعات الغربية».
هُمُومٌ وَغُيُومٌ
يشكو العازف الشاب "أحمد" من بعض التهميش أحياناً الذي يمارسه بعض العازفين المشهورين بحق زملاء المهنة، حيث يلجؤون إلى اختيار أصدقائهم والمقربين منهم حصراً من دون إعطاء الفرصة للآخرين وفي ذلك ظلم وتلك حالة غير صحية في الوسط الفني، ولابد للعازف من أن يبقى ضمن الأجواء والاختيارات الصعبة حتى يندمج ويطور ذاته، ويستعيض "أحمد" عن بعض هذا الفقدان كما يقول بعزف الكثير من المقطوعات الحلبية والعربية ضمن سهراته العائلية ومع أصدقائه حتى لاتفقد أصابعه السرعة والمرونة ويبقى في حالة تواصل ذهني وحركي مع الآلة.
شَهَادَاتٌ مُوسِيقِيَّةٌ
عازف القانون "صبحي حبابا" أثنى كثيراً على "أحمد"، يقول: «شاهدته في أكثر من سهرة وحفلة وكان مميزاً وملتزماً وحفاظاً للعزف بطريقة سليمة وساهم بنجاح الحفلات، وما ينقصه هو المزيد من دخول الأجواء حتى يكتسب الخبرة.» وختم "أحمد": «درس أحمد القانون بشكل موسع وله مستقبل مشرق، وهو خلوق ومهذب ومحترم».
أما زميله عازف الكمان "أحمد شيخ البساتنة" فقال: «أنا و"أحمد" قريبان من أعمار بعضنا، وتواجدنا معاً في أكثر من سهرة وحفلة، هو مجتهد ومتفوق في عزفه على آلة القانون، أتمنى له كل النجاح والتوفيق وفي مستقبله الفني».
وختم المطرب "زاهد بيرقدار" الحديث عن "أحمد نور الدين" بأنه عازف قانون وأصابعه رشيقة متوافقة وسريعة مع الأوتار، وينسجم بسرعة مع صوت المطرب الذي يعزف له ووفق طبقة صوته ويمنحه الثقة والنجاح نتيجة ثقافته الفنية التي يمتلكها.