"أحمد شيخ البساتنة" شاب حلبي طموح، استهوته الموسيقا عن طريق الصدفة ودون تخطيط مسبق وبعكس ميول عائلته. أراد تحقيق رغبته وصمم على التعلم والعزف على آلة الكمان رغم الصعوبات ومعارضة الأهل في البداية ورغم عدم امتلاكه لثمن الآلة ثانياً، وفي لحظات الجد والاختبار تفوّق أحمد على نفسه ووصل لمبتغاه ، وشارك بالعزف مع أغلب مطربي المدينة... وزيادة في الأمر أصبح مدرساً موسيقياً لآلة الكمان.
صُدفَةٌ مُوسِيقِيَّةٌ حِلوَةٌ
موقع "مدونة الموسيقا" music.eSyria.sy استضاف الفنان الشاب "أحمد شيخ البساتنة" الذي روى للمدونة قصة دخوله وحبه للموسيقا قائلاً: «أنا من مواليد ١٩٩٢ ولدت بحارة حلبية قديمة تحت القلعة، في عام ٢٠٠٢ نقل والدي سكن عائلتنا لغرب المدينة في حي "حلب الجديدة"، عائلتي تحب الطرب الحلبي مثلها مثل باقي العوائل الحلبية ولكن إعجابها ذاك كان ضمن حدود ضيقة وغير معلنة، ولا يوجد أحد يمارس الغناء أو العزف بشكل علني، وبالنسبة لي -يتابع أحمد- فإن حب الغناء الحلبي والقدود كان موجوداً في داخلي وبلا موعد أو ترتيب، وفي المدرسة كنت أحاول إبراز صوتي في دروس الأناشيد وهذا هو كان كل سقفي المسموح فيه، وفي عام ٢٠٠٢ وأنا أتجول بشوارع المدينة وقفت أمام محل أحد بائعي الآلات الموسيقية المعروضة في الواجهة حدّقت جيداً في شكل آلة الكمان، ونقلت خطواتي نحو صاحب المحل وبخجل لأسأله عن ثمنها ولم يكن لدي من ثمنها سوى القليل، بقيت بضع أشهر حتى استطعت جمع ثمنها لكني حصلت عليها أخيراً».
نَحوَ مَعهَدِ الشَّبِيبَةِ
ولكي يدخل "أحمد" أجواء الموسيقا والفن التحق -كما يقول- بالمعهد الموسيقي للشبيبة على يد المدرس "مشهور طافش" وبقي لمدة ثلاث سنوات تعلم خلالها قراءة النوتة وعزف التمارين العملية، وبعد المعهد تابع مشوار التعلم وحفظ القدود والموشحات على يد المدرس "محمد نجيب فتوح" حفظ خلال تلك الفترة الكثير من السماعيات والموشحات غناءً وعزفاً.
ثم في عام ٢٠٠٥ وأثناء عزفه بأحد الأعراس شاهده عازف الكمان القدير "إسماعيل سكري" وهو يعزف وأعجب به كثيراً وطلب منه مرافقته بالحفلات، وبقي مرافقاً له لمدة عامين تعلم منه عزف الموسيقا الشرقية، وساعده بدخول أجواء الفن أكثر والعزف مع بعض المطربين المشهورين أمثال "حمام خيري وأحمد أزرق"، ونتيجة تفوقه أتيحت له بعض الفرص للعزف مع المطربين "مصطفى هلال وأحمد المهندس ورامز سلطان وشادي جميل وعبود حلاق وفارس أحمر وفرقة بيت الفنون للتراث".
فَوقَ مَسرَحِ "دَارِ الأُوبِرَا" بِدِمَشقَ!
في عام ٢٠١١ انتقل أحمد للعيش والعمل في محافظة "دمشق" وقد أتيحت له الفرص لإحياء عدة حفلات في دار الأوبرا برفقة عازف الأكورديون المتميز "وسام الشاعر" الذي اصطحبه إلى المعهد العالي للموسيقا وعلى أثره دعي "أحمد" لحضور ورشات العمل والبروفات هناك، ومن ثم العمل في معهد "فيوتشر ستار" مع مدير المعهد هناك عازف الكمان "علاء حسن" وتمرس "أحمد" أكثر وأكثر في عزفه للموسيقا بالعاصمة واكتسب الكثير من العلوم والخبرات حتى عاد لمحافظة "حلب" في عام 2021.
عُضُو نَقَابَةِ فَنَّانِينَ
ويضيف "أحمد" لـ"مدونة الموسيقا": «أنا عضو في نقابة الفنانين وأمارس نشاطي الفني ضمن أجواء وحفلات المدينة والمناسبات الوطنية والاجتماعية والحفلات الخاصة والعامة، واعتز بمشاركتي بفرقة عازف الكمان القدير "عبد الحليم حريري"، وكانت لي مشاركة بحفلة مع الفنانة "رنا معوض" وسافرت إلى "لبنان" بحفلة صحبة المطرب القدير "عبود بشير"، وأشغل حالياً قائداً لفرقة موسيقية أطمح لتكون رائدة على أعلى المستويات».
ويختم "أحمد" حديثه فيقول: «العزف على آلة الكمان أصبح في داخل أعماقي وجزءاً من حياتي لا يمكنني العيش من دونه».
شَهَادَاتٌ مُوسِيقِيَّةٌ
عازف الكمان صلاح الخالدي قال: «أحمد عازف موهوب أحب الموسيقا وأخلص لها، رافقني بأكثر من حفلة، وبدا متفهماً وواعياً للجمل الموسيقية ومنسجماً مع الفرقة بنجاح، لا زال في مقتبل العمر وله مستقبل موسيقي واعد».
فيما أضاف المطرب "لؤي نصر": «"أحمد" رغم صغر سنه لكنه عازف متمكن وواثق من قدارته ويستطيع عزف أصعب الجمل الموسيقية من دون هفوات، له مشاركات مع عدد كبير من مطربي المدينة.. بالنسبة لي أحب الغناء القديم على أنغام عزفه وأوتار كمانه».
الفنان "محمد حداد" مدير فرقة دار الفنون للتراث" قال: «نظراً لبراعة ومهارة العازف "أحمد" طلبت منه مساعدتنا والعزف معنا ضمن بروفاتنا وحفلاتنا، هو مميز وماهر بالعزف، أخلاقه عالية ومحبوب من جميع زملائه بالوسط الفن».