أحبت الفنانة مغنية الأوبرا "سهير صوان" الغناء فأبدعت على خشبات المسارح في أداء أشهر المقطوعات الأوبرالية والأغاني الشرقية الأصيلة، وفي التدريب والتدريس الموسيقي تمكنت من ترك أثر مهم لدى أجيال من خريجي كلية التربية الموسيقية في جامعة البعث.
تَحَدٍّ وَنَجَاحٌ
تجربة الفنانة "صوان" في الغناء الأوبرالي لم تكن تجربة سهلة أو بسيطة، بل احتاجت إلى مجهود مضاعف في كل مرحلة، وعن هذا الجانب تقول: «خلال دراستي الجامعية تعلمت الأساسيات في مجال الغناء الأوبرالي، لكن هذا ليس كافياً لمن سار في دروب الاحتراف، فكان لا بدّ من بذل مجهود شخصي كبير من ناحية التعلم والتمرين المتواصل، فالتدريب هنا هو الأساس، والحقيقة تلقيت الكثير من الدعم من أساتذتي أيضاً من المدرسات الروسيات في الجامعة، حيث قدّمتني إحداهن في أمسية غنائية كانت الأولى بالنسبة إلي، وكنت لا أزال في السنة الثالثة، فقدمت فيها مقطوعات أوبرالية وبعض الترانيم الكنسية بمناسبة عيد الميلاد، وهنا ظهرت للمرة الأولى في مدينة حمص كمغنية، ثم توالت بعدها الأمسيات، سواء في الجامعة أو مع الأصدقاء استمر ذلك لسنوات، حيث كانت أمسيتي الأخيرة أواخر العام الماضي، قدمت خلالها خمس مقطوعات أوبرالية وسبع مقطوعات شرقية على خشبة المركز الثقافي في حمص، برفقة خمسة عشر عازفاً، وتميزت الأمسية بحضور كبير ولافت لجمهور مميز ونوعي».
المَوهِبَةُ غَيرُ كَافِيَةٍ!
والفنانة "سهير صوان" كفنانة أكاديمية تعتبر أن امتلاك الفنان للثقافة الموسيقية يساهم جداً في توجيه موهبته بشكل واعٍ، ومن دون هذه الثقافة قد تتعرض الموهبة للتخبط بحسب تعبيرها، كما أن الدراسة الأكاديمية المدعمة بثقافة موسيقية من وجهة نظرها تساعد في إعطاء الصوت والشخصية الموسيقية بعداً مختلفاً ونضوجاً موسيقياً، كذلك فهماً صحيحاً لآلية إخراج الصوت بالنسبة للمغني، فالموهبة وحدها غير كافية لتحقيق ذلك، في حين أن تدعيمها بالدراسة الأكاديمية والثقافة الموسيقية يمكن أن يحقق ما أسمته الفنانة "صوان" بـ "الاكتمال" لدى الفنان.
ومن جانب آخر بيّنت "صوان" أن نمط الغناء الأوبرالي هو نمط يتميز بالصوت الخاص ودرجة قوته، وهو نمط مختلف جداً عن النمط الشرقي بالغناء، وأكثر ما يحتاجه غناء الأوبرا هو "التكنيك" ومعرفة آلية إخراج الصوت، وبتقديرها فإن أي شخص يمتلك صوتاً جميلاً بإمكانه من خلال التمرين المستمر أن يصبح مغني أوبرا، فالأمر يحتاج إلى امتلاك وفهم المقومات اللازمة ليتقن ويتميز بهذا النمط الغنائي.
كذلك تشير الفنانة "صوان" إلى أن قدرة الفنان خاصة المغني على العزف على عدة آلات موسيقية أمر مساعد جداً له، خاصة أثناء قيامه بتمرين الصوت، فقد أتقنت "صوان" قبل دخولها كلية التربية الموسيقية العزف على آلة العود، ثم تعلمت لاحقاً العزف على آلة البيانو التي ساعدتها كثيراً خلال فترات تمرين الصوت.
فِي التَّدرِيسِ وَالتَّدرِيبِ
للفنانة "صوان" تجربة طويلة في مجال التدريس والتدريب في كلية التربية الموسيقية في جامعة البعث وعنها قالت: «من ناحية تجربتي في مجال تدريب الصوت الموسيقي، فهي بالنسبة إلي تجربة مهمة جداً ومستمرة منذ عدة سنوات، خاصة أنني أتعامل فيها مع عازفين من كلية التربية الموسيقية من غير المختصين بالغناء، والتحدي هنا يكون بقدرتي على تحسين أدائهم حتى وإن لم يمتلكوا أصواتاً جميلة، ذلك عن طريق التدريب المتواصل والبحث المستمر، لذلك أعتبر أن إنجازي في هذا المجال يحمل تميزاً خاصاً.
أما تجربتي كمدرسة في الجامعة فعمرها حوالي عشر سنوات، تمكنت خلالها من تحقيق إنجازات هامة مع جيل لم يعتاد أن يستمع إلى أنماط من خارج ثقافتنا الموسيقية الشرقية، وهنا يمكنني القول إن تجربتي هذه تحتاج مني الكثير من الصبر والإصرار لتقديم وإيصال ما نحب بشكل احترافي وناجح.
خلال هذه السنوات أعتبر أن من أجمل وأهم التجارب هي تجربة الوقوف على خشبات المسارح أمام جمهور نوعي وذواق وراقي، وهنا لا بدّ أن أكون مسؤولة وأمينة في كل ما أقدمه، وترجمة ما أؤديه بإحساس عال ومتعة ومسؤولية من نوع خاص».