على الرغم من احترافه العزف على معظم الآلات النفخية إلا أن الناي احتلت الصدارة في قلب العازف "جورج الضاوي" ومسيرته الفنية، التي لم تتوقف عند الحدود السورية بل حقق حضوراً مهماً من خلال موهبته واحترافه العزف على مسارح عربية وعالمية.
الموهبة والدراسة
بدأ "جورج الضاوي" تعلم العزف في طفولته المبكرة من خلال آلة الأورغ، ليكتشف في سن صغير عالم الموسيقا بشكل فردي وطرق بسيطة جداً، ومع انتقاله إلى المرحلة الإعدادية انضمّ إلى فرق الكشاف النحاسية، وفيها بدأ التعلم على آلة الترومبيت النفخية، ليكتشف أن ميوله تتجه نحو هذا النوع من الآلات. وبالنسبة له فإن البدايات هي التي تحدد مستقبل الفنان، فالبداية الصحيحة له لا بدّ أن تتبعها خطوات صحيحة نحو المستقبل.
يتقن "الضاوي" مختلف الأنماط الموسيقية، ويفضل الموسيقا العربية الطربية والكلاسيكية، وأيضاً الموسيقا الشعبية البعيدة عن الابتذال بحسب تعبيره والتي لها وقع خاص بالنسبة إليه.
و"الضاوي" عازف أكاديمي درس في كلية التربية الموسيقية، وحاصل على ماجستير تأهيل وتخصص بالتربية الموسيقية من جامعة "دمشق"، وبالنسبة له فإن الدراسة الأكاديمية هي عامل مهم وأساسي لصقل موهبة الفنان، فعازف لا يتمتع بأي موهبة هو عازف لن يترك أي إضافة تذكر في عالم الفن، كذلك الموهبة من دون الدراسة الأكاديمية ستترك العازف "قاصراً" بحسب تعبيره.
ومن جانب آخر يرى "الضاوي" أن تعلم ودراسة الناي خاصة والآلات العربية بشكل عام تحتاج في بلدنا إلى منهج متكامل، وغياب هذا المنهج شكل عبئاً على عازفي الناي ومدرسي العزف عليها من ناحية توصيل المعلومة إلى الطالب بشكل يسهل عليه فهمها وتطبيقها، في حين تتمتع الموسيقا الكلاسيكية الغربية بمنهاج أساسي ومتكامل منذ زمن بعيد.
العازف المحترف
بالنسبة لـ "الضاوي" فإن عازف الآلات النفخية يجب أن يمتلك مقومات خاصة تمكنه من العزف السليم، ويضيف: «لا بدّ لكل عازف على آلة نفخية أن يتمتع بجهاز تنفسي سليم تماماً، كذلك بنية عضلية قوية خاصة عضلات المعدة، أما للوصول إلى مرحلة الاحتراف فلا بدّ أن يكون العازف متمكناً من تقنية الآلة كعلم، وأن يتمكن أيضاً من توظيف هذه التقنية بالتعبير الحسي عن العاطفة وعن مخزونه الثقافي، بمعنى أن يعبر من خلال آلته (الجماد) عن عاطفة ومشاعر بشكل صحيح ومدروس، كما يجب أن يكون العازف ضليعاً بالمقامات الموسيقية، وأن يمتلك ثقافة موسيقية بشكل عام، ومعلومات عن ثقافة الشعوب وموسيقاها، فالاحتراف بالنسبة لي هو أسلوب حياة مستمر، أحافظ عليه وأطوره بالتمرين اليومي والبحث الدقيق عن التفاصيل وفهمها بأسلوب مختلف عن أسلوب العازف المبتدئ أو المتوسط».
مشاركات غنية
للعازف "جورج الضاوي" مشاركات مهمة داخل "سورية" وخارجها وعنها يقول: «بالنسبة للمشاركات داخل "سورية" فقد شاركت ولا زلت أشارك مع عدد من الفرق المحلية في مدينة "حمص" منها "أرابيسك وموزاييك"، أيضاً مع أوركسترا مديرية الثقافة في "حمص"، وفرقة نقابة الفنانين، وفرق الأناشيد الدينية وفرق التراتيل الكنسية، ولي مشاركات شبه سنوية في مهرجان القلعة والوادي، ومهرجان السيدة أم الزنار، ومشاركات مع المايسترو الراحل "حسام الدين بريمو" مع كورالاته المختلفة، ومشاركات بقيادة المايسترو "نزيه أسعد"، ومع جوقة الفرح، وكذلك في الموسيقا التصويرية لعدد من الأعمال، ومشاركة منذ أيام في مهرجان ألحان من الشمال.
وبالنسبة للمشاركات خارج "سورية" فقد كانت لي مشاركات مع جوقة الفرح في أغلب المدن الفرنسية، ومشاركات لا تزال مستمرة منذ 2014 مع السيدة "جوليا بطرس" في "لبنان والأردن" وغيرها، وفي الإمارات العربية المتحدة قدمت مع الأوركسترا الأرمنية عمل "كورساكوف" المعدل ليصبح عملاً شرقياً حيث كنت العازف العربي الوحيد في الفرقة.
كذلك لي مشاركة في مهرجانات "بعلبك" العام الماضي مع المطربة "سمية البعلبكي"، ومشاركة في النسخة الموسيقية لمسرحية "إلا إذا" لـ "جورج خباز" مع أوركسترا "بوخارست رومانيا"».
ويضيف: «مشاركاتي مع الفرق غير السورية أضافت لي الكثير على المستوى الشخصي والفني، من خلال التعرف على عازفين أجانب من ثقافات مختلفة، ومراقبة كيفية تعاملهم مع الموسيقا، والتعرف على أساليب حياة وثقافات بعيدة جداً عن ثقافتنا، كذلك كيفية تعاطيهم مع الموسيقا وآلية التمرين والاهتمام بأدق التفاصيل.
ويختم حديثه: إلى جانب ذلك لدي تجربة مميزة جداً في تدريس العزف على آلة الناي والآلات النفخية، فأعطي من خلال التدريس جانباً من علمي وخبرتي في هذا المجال، وبالمقابل أتعلم الكثير من خلال أفكار هامة يطرحها طلابي بفطرتهم».