تعيد مدونة الموسيقا، وفي إطار محاولتها لحفظ الذاكرة الموسيقية السورية، ولملمة المبعثر والمتناثر منها، إحياء ونشر العديد من المواد المنشورة منذ أعوام على مدونة وطن eSyria مدعمة بفيديوهات صورها فريق عمل المدونة آنذاك، ولم تنشر لأسباب فنية.
البدايات
شبان وشابات أحببن الرقص الذي يرسم ملامح الماضي برقصات متقنة، وموسيقا عذبة نابعة من سحر الشرق القادم مع نسائم سيبيرية المولد، لم تشأ فرقة "ميغري" إلاّ أن تقدم نفسها بالصورة الأمثل، واللوحات ذات الطابع الفلكلوري الأرمني الجذاب.
هذه الفرقة التي تتبع لجمعية "الجيل الجديد" التي تأسست قبل خمسين عاماً، بينما يرجع تأسيس الفرقة إلى العام 2001. ومقرها في منطقة "باب توما- دمشق".
بالتأكيد تم الحفاظ على التراث الأرميني من جيل إلى جيل رغم كل القطيعة التي تمت السيدة "ماري استيفنيان" مشرفة على هذه الفرقة تحدثت عن معنى كلمة "ميغري" وماذا تعني، فقالت: «كلمة "ميغري" عبارة عن اسم بلدة تقع على الحدود بين أرمينيا وإيران، قدمت عدداً كبيراً من الشهداء في العام 1915 لذلك عندما أسسنا فرقتنا أطلقنا عليها اسم هذه البلدة "ميغري"».
فرقة ميغري
وتضيف: «تأسست "ميغري" من قبل النساء فقط، والفكرة انطلقت من عندي، وهي تابعة لجمعية الجيل الجديد، هدفها توحيد صفوف الشباب والبنات حتى يقدموا الرقصات الشعبية الفلكلورية، والرقصات الجديدة المتنوعة، وإعادة ذكرى وتراث الأقدمين».
وفي حديثها عن أنواع الرقصات التي يؤديها الأرمن تقول: «عندنا عدد من الرقصات الشعبية الأرمينية منها: "كوتشادي"، "رقصات جبلية" تعكس حال الناس في هضبة أرمينية مثل "ساسون" و"فامر" ورقصات تدل على المحبة، وهناك رقصات متوارثة منذ ثلاثة آلاف سنة تتحدث عن الحصاد»..
ماري استيفنيان
ولكن كيف حافظ الأرمن الموجودين في سورية على تراثهم، قالت: «التراث الأرميني قادم من الوطن الأم، نأتي به من هناك ونحن نعطيه للجيل الجديد للمحافظة عليه، وينعكس هذا على لقاءاتنا في البيوت والنادي فكلنا يتحدث اللغة الأرمينية».
وعن العروض التي قدمتها فرقة "ميغري" والمستوحاة من التراث السوري هل كانت في سبيل الاندماج مع الثقافة السورية؟ أجابت قائلة: «نحن هنا، سوريون نعيش هنا، وبالنسبة للعروض التي نقدمها فإننا نقدم الرقصات السورية قبل الأرمينية، ما ينقصنا فقط المدربون السوريون الأكفاء الذين يستطيعون تدريب المجموعات الراقصة في فرقة "ميغري" كانت هناك محاولات في هذا الصدد لكن لم يكتب لها النجاح فكل مدرب أتينا به يمكث لفترة ثم يترك العمل، في حين يأتينا مدربون من جمهورية أرمينية لتدريب الشباب والبنات على الرقصات الأرمينية».
ميغري في مهرجان ادلب للفنون الشعبية
وتضيف: «كل الرقصات ذات الطابع السوري نقدمها كما هي دون إضافات أو إدخال شيء من الرقص الأرمني، أضف إلى ذلك أننا نأخذ المعلومة التي تخص الرقص الشعبي السوري من خبراء في هذا المجال، ولكن اللافت أن السوريين أنفسهم لم يعودوا يقدمون الرقصات كما هي بل دخلت الرقصات الغربية المعاصرة إليها».
وفي حديثها عن طبيعة الرقصات التي يقدمونها قالت: «منذ بدأنا العمل في هذا الاتجاه آثرنا الاهتمام بالرقصات التراثية القديمة، ولدينا أفكار في إطار التطوير، لكنني أنا شخصياً أفضّل العمل على القديم من التراث، فهو هويتنا، وكل تطور ممكن أن يفقد الشيء هويته، خصوصيته، ونحن كبقية الشعوب لدينا ما يميزنا، فللبنت حركات اليدين التي تدل على نعومتها وأنوثتها، كما أن للرجل حركات القدمين التي تدل على قوته وجبروته».
كيف تم الحفاظ على التراث الأرميني رغم الضياع لسنوات جراء الحرب العالمية الأولى، تقول السيدة "ماري": «بالتأكيد تم الحفاظ على التراث الأرميني من جيل إلى جيل رغم كل القطيعة التي تمت».
ويتميز الراقص الأرميني بلباسه الذي يفتخر به، وتعدده لنا فتقول: «لباس الراقص عبارة عن أربع قطع هي: "القلبق" مصنوع من الفرو يضعها الراقص على رأسه. ثم "الجيليه" أو كما تعرف عادة باسم "الصدرية"، ثالث القطع هو "الشروال"، وآخرها الحذاء».
من مشاركات فرقة "ميغري": "مهرجان بصرى الدولي" أكثر من مرة، "مهرجان المحبة والسلام" في مدينة "اللاذقية" في دوراته السبع الأخيرة، ومهرجان "طريق الحرير"، عدة مشاركات في معرض دمشق الدولي، معرض الزهور السنوي الذي يقام في دمشق، وفي كل مكان يقومون بزيارته لا بد وأن يلقوا الترحيب والتكريم فكان لهذه الفرقة شهادات تقديرية كثيرة.
الجدير ذكره أن فرقة "ميغري" تقيم تدريباتها في دار مخصص لذلك في "باب توما"، كما أنها تقيم حفلاً سنوياً في المناسبات الوطنية السورية، ولكي تبقى هذه الفرقة مستمرة في تواجدها ووجودها فإنها تعلن في كل سنة من خلال المدارس والصحف عن قبول الراغبين في التقدم لتعلم الرقص الفلكلوري الأرميني، ويجب ذكر أن الأعمار ما بين الست سنوات والثلاثين سنة، ويصل عدد عناصرها نحو تسعين عضواً مقسمين إلى ثلاث فئات.
وتنهي السيدة "استيفنيان" حديثها بالتعريف على "جمعية الجيل الجديد" التي ترعى هذه الفرقة، فقالت: «هي جمعية ثقافية موجودة في كل البلدان التي يتواجد فيها "الأرمن" تأسست في سورية في العام 1949 في مدينة "حلب"، وجميع الأعضاء من "الأرمن" وللجمعية دور في المجالات الثقافية والأدبية والفنون والآثار، وفيها يتجمع الأدباء ليقدموا محاضرات في مجالات متعددة، ومن الأمور الأخرى لدى الجمعية ما يسمى "الكشاف" والرياضة، فهي تأسست في العام 1921 كما أنها تعنى بالأنشطة الثقافية أيضاً».