تعيد مدونة الموسيقا، وفي إطار محاولتها لحفظ الذاكرة الموسيقية السورية، ولملمة المبعثر والمتناثر منها، إحياء ونشر العديد من المواد المنشورة منذ أعوام على مدونة وطن eSyria مدعمة بفيديوهات صورها فريق عمل المدونة آنذاك، ولم تنشر لأسباب فنية.
من عائلة تهوى الطرب والغناء، جده شاعر غنائي ذائع الصيت، والده عازف ربابة من الطراز الرفيع، شقيقه الأكبر مطرب إذاعي وهو يعترف أنه يعزف على العود لكنه يعشق العزف على الناي ويجيد ذلك.
موقع eSyria التقى بالفنان "وليد زينو" المدرس لمادة التربية الموسيقية في مدارس المنطقة، والذي يعمل على تدريب الكوادر الطلابية الناشئة صاحبة المواهب المتميزة في العزف والغناء.
ربما قدر المطربين الشعبيين أن يعتمدوا على مفردات الذاكرة، وفوراً تقفز البيئة إلى الأسطر لتكون من بين "العتابا" و"الموال"، و"الهجيني"، عندما أفكر في "سلمية" أشعر أنني مسؤول عن استحضار ما نسيه الناس من آلات وأماكن وكلمات جميلة كانت تردد فيما مضى من زمن.
عن بدايته مع الغناء تحدث إلينا فقال: «كما يعرف الجميع فإن جدي الشاعر الغنائي "علي زينو" ترك إرثاً كبيراً أغنى فيه الفلكلور في المنطقة ونهل منه الكثيرون ممن أرادوا الغناء، حتى المطربين العراقيين استعانوا ببعض مما قال، ربما أنا من ضمن هذا النسيج الذي جعل من والدي وأخي كذلك ينحون في نفس الاتجاه، وأول ما تعاملت معه في الفن هو العزف على الناي وذاع صيتي وكنت مميزاً».
وللفلكلور يد ترعاه وقلوب تحفظه، وذاكرة لا تمحى على مر السنين، برأي "وليد زينو" كيف يمكن المحافظة على الفلكلور الغنائي لهذه المنطقة بشكل خاص وفي سورية عموماً، يجيب: «بالبحث المضني والشاق عن المفردة واللحن وطريقة الأداء، وبعد أن نجمع كماً كبيراً نعمل على تنقيته من الشوائب، وتشكل لجنة من خيرة الشعراء ذوي الخبرة والمعرفة والموهبة أيضاً لتخليص هذا الموروث من بعض الكلمات التي ربما باتت غير متداولة، ولكن مع حفظها في معجم خاص لهذا الشأن، كذلك هناك الكثير من الأغنيات تضمنت في ثناياها كلمات ليست بالمستوى المطلوب لكنها ذات جملة لحنية رائعة على هذه اللجنة أن توجد الكلمة المناسبة لهذا اللحن الموروث والممتع، فكثير من الأغاني سمعناها وماتت من ذاكرتنا إلا الأغنية الفلكلورية فهي هوية شعب لا يمكن نسيانها».
من هنا ننطلق لنعرف ما الذي يميز الأغنية في منطقة "سلمية" عن سواها خاصة وأن الفنان "وليد" مرتبط فيها ارتباطاً كلياً، فيقول: «لا يصدق أحداً أن (السلموني) يجيد كل أنواع الغناء وبطلاقة، اللهجات المتنوعة لا تقف عائقاً أمامه، لذا كان مجيداً لكل أنواع الغناء بدءاً من الجبلي جهة الغرب إلى "الفراتي" شرقاً و"السويحلي" جنوب شرق والمقصود بالسويحلي هو ساحل شط العرب على الخليج العربي، فسكان المنطقة متذوقون جيدون لجميع الألوان الغنائية ما حدا بالمطربين العراقيين لأن تكون "سلمية" قبلتهم، ومنهم من اتخذها مسكناً وأقام فيها الحفلات العديدة من أشهرهم "ياس خضر"- "حميد منصور"- "سعدون جابر"- "صلاح عبد الغفور" وغيرهم الكثير».
ولم يذكر "وليد زينو" أن منزله كان الفندق الذي قصده هؤلاء المطربين.
ولكن بالنسبة له فطريقته في معالجة الأغنية مبنية على نوع الكلمة ومناسبة قولها، فيقول: «ربما قدر المطربين الشعبيين أن يعتمدوا على مفردات الذاكرة، وفوراً تقفز البيئة إلى الأسطر لتكون من بين "العتابا" و"الموال"، و"الهجيني"، عندما أفكر في "سلمية" أشعر أنني مسؤول عن استحضار ما نسيه الناس من آلات وأماكن وكلمات جميلة كانت تردد فيما مضى من زمن».
ويتابع: «أكثر ما يقفز إلى بال الشاعر هو المفردة الحزينة لما لها من تأثير على مسمع المتلقي، معها ينوح، يتأوه، يطلق (الآه)، وهذا ما يجعل من المطرب في غاية السعادة فقد استطاع أن يقبض على المشاعر لجمع من الناس في لحظة واحدة، وهذه قدرة لا يستطيع امتلاكها أياً كان إلا صاحب الصوت والأداء الجيدين».
إذاً الحزن هو السمة التي تنطبع فيها "العتابا" هذا ما ذكره "وليد" مضيفاً: «كل ما يغنى أو معظمه هو من نظم جدي "علي زينو" وكان مربياً للأغنام يقضي جل وقته في المراعي وحيداً مع قطيعه، هذا الوقت أعطاه المساحة الكافية كي تتفتق عنده ملكات قول العتابا، وكان الحزن ولوعة اللقاء الهاجس الذي يؤرقهم في ذلك الزمن، اليوم اختلف واقع الحال، فقط لننظر إلى الأغنية التي أصبحت بسرعة الطائرة، الواقع فرض نفسه وبقوة على الأغنية قديماً وحديثاً».
من الجدير بالذكر أن الفنان "وليد زينو" من مواليد سلمية في العام 1958
خريج معهد إعداد المدرسين عام 1980، مدرس تربية موسيقية، عمل منشطاً ومطرباً في منظمة طلائع البعث ومنظمة شبيبة الثورة. له ألبوم غنائي واحد حمل عنوان "بتذكر داري من سنين". وقد نهل معظم الألحان التي قدمها من الفنانين "جلال فوزي" و"أمين فوزي".