تعيد مدونة الموسيقا، وفي إطار محاولتها لحفظ الذاكرة الموسيقية السورية، ولملمة المبعثر والمتناثر منها، إحياء ونشر العديد من المواد المنشورة منذ أعوام على مدونة وطن eSyria مدعمة بفيديوهات صورها فريق عمل المدونة آنذاك، ولم تنشر لأسباب فنية.

واحد من الموسيقيين والأساتذة الأكاديميين المهمين على الساحة الفنية الحلبية والسورية بشكل عام، محبة والده للغناء أشعلت في نفسه جذوة الفن، ودوامه على الكنيسة ومتابعة نشاطات الغناء الكنسي جعلت من حالته الروحية متأصلة في العشق الإلهي.

عاش وبدأ حياته في ظروف صعبة آنذاك لم يكن من اليسير فيها تحصيل العلم الموسيقي ومتابعة آخر تطوراته. إنه الأستاذ "سالم بالي" الذي التقاه موقع eSyria ليروي لنا خطوات بدايته والعثرات التي واجهته خلالها، يقول: «كنت مواظباً منذ سني طفولتي على الذهاب إلى الكنيسة للقيام بواجباتي الدينية ومحاولة مني لتكريس حبي للفن في خدمة الدين. كما كنت أغني وأعزف نمط "Flamingo" على آلة الغيتار.

الموسيقي سالم بالي

كانت لي الكثير من التجارب والأفكار لكن ما رأى منها النور قليل لا يتجاوز عشر تراتيل كنسية قدمتها للكنيسة في "حلب". لكن أخي "جورج" الذي يصغرني سناً كان قد سبقني في هذا المجال إذ شكل فرقة كورال وألف الكثير من المقطوعات التي تغنى في الميلاد

كان تعلمي ذاتي المنشأ إذ لم يكن ثمة معاهد في حلب لتعليم الموسيقا، وإن وجدت فهي محصورة فقط بالطبقة المخملية فكان يتوجب علي المواظبة والعمل الدؤوب واتباع كل من أعلم أنه يفيدني في مسيرتي، واتجهت للعمل كعازف في "أوركسترا". وكنت قبل ذلك درست في المدرسة المريمية بحلب وكانت لغة الدراسة فرنسية مما أفادني كثيراً فاكتسبت بذلك لغة هي الأقوى تقريباً في عالم الموسيقا وصرت أوصي أصدقائي في فرنسا كي يرسلوا مناهج تعليمية في مجال التوزيع والهارموني. بقيت كذلك مواظباً على اكتساب المعارف ولا زلت.

مع فرقة الموسيقا الشرقية

في العام/1980/ شكلت نقابة الفنانين لأول مرة فرقة "syndicate big band" في "حلب" بطلب من نقيب الفنانين آنذاك الفنان "دريد لحام". كانت الفرقة بقيادة عازف الكمان والساكسفون الأستاذ المرحوم "فاتشيه ييراميان"، وكانت تضم الفرقة وجوه موسيقيي "حلب" أذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر: "هراتش قسيس"، "كاربيس أورديكيان"، "كابو"، "ديكران" وعدد من العازفين من فرقة الجيش ومراسم الشرطة بسبب نقص العازفين على آلة "الترومبون" و"الترومبيت"».

فيما بعد ساهم "بالي" في تأسيس فرقة "رباعي حلب لموسيقا الجاز" وكانت هذه الفرقة مؤلفة من العازفين "رامي قمر" على آلة "الغيتار باص"، "طارق فحام" على "الدرامز"، "هيراتش قسيس" على آلة "الساكسفون" وهو كان يعزف على آلة "البيانو": «قدمت هذه الفرقة حفلات كثيرة في نوادي وصالات "حلب" وشاركت فيما بعد في مهرجان الجاز وفي ملتقى الجاز السوري السويسري، تميزت هذه الفرقة بأنها الوحيدة غير المطعمة بموسيقيين أجانب فكان الكل سوريين، قدمنا من خلال مشاركاتنا أعمالاً لكبار موسيقيي الجاز المعاصرين وقدمنا أيضاً من تأليفي مقطوعتي جاز عربيات قد تكون أولى المؤلفات للجاز في العالم العربي كنت قد ألفتهما في بدايات نشاطات "فرقة رباعي حلب للجاز" وهنَّ "حجازيات"، "نكريز" وسجل التلفزيون العربي السوري برنامج الحفل كاملاً وكان يعرض باستمرار على الشاشة السورية الفضائية لأشهر عدة».

من مهرجان الجاز 2004

وحول وجود نشاطات أخرى يضيف الأستاذ "سالم": «كانت لي نشاطات أخرى ضمن النقابة فشاركت مع الأستاذ المخرج "إيليا قجميني" في تأليف الموسيقا التصويرية لمسرحية "هلاك بابل" التي قدمت على مسرح نقابة الفنانين في "حلب" بالتزامن مع قيام فرقة "Syndicate Big band".

كما طلب مني في سنة /1971/ أن أوزع أعمالاً لفرقة كورال "Zvartnots" التابعة لمطرانية الأرمن الأرثوذكس في "حلب" واستمر التعاون معهم حتى العام /1995/ عام انتقالي إلى لبنان، كنت أوزع مقطوعات عربية لأربع أصوات وكان قائد الفرقة المرحوم المايسترو "بوغوص عبه جيان"، وفي كل سنة كنت أوزع مقطوعتين أو ثلاث مقطوعات للكورال بمرافقة آلة البيانو، ومن الأعمال التي قمت بتوزيعها أذكر لكم موشح "لما بدا يتثنى"، "سنرجع يوماً"، "المحبة" من تأليف "جبران خليل جبران" والكثير جداً غيرها».

في العام /1970/ سافر "سالم بالي" إلى لبنان حيث كان يرى الأجواء هناك مناسبة أكثر على كافة الأصعدة: «وجدت هناك تربةً خصبة أستطيع فيها تقديم ما حصَّلته من علوم موسيقية، وعملت أيضاً في مجال العزف في العاصمة "بيروت" في "المدنلون"، في تلك المرحلة كانت إقامتي موزعة بين سورية ولبنان، إلى أن جاء العام /1998/ حيث أتيحت لي فرصة التدريس في واحدة من كبرى الجامعات الخاصة اللبنانية وهي جامعة الروح القدس "الكسليك" إذ درَّست فيها مواد: السلالم العربية وقواعد التوزيع الهارموني، والمقارنة بين السلالم الشرقية والسلالم الغربية وتاريخ تطور الموسيقا الشرقية. كما شاركت في المؤتمر السادس عشر للموسيقا العربية الذي احتضنته جامعة "الكسليك" وكانت مداخلتي عن الموسيقا الشرقية وتحديداً موضوع ربع الصوت».

وعن محاولاته التلحينية في مجال الغناء الكنسي لأعياد الميلاد أضاف الأستاذ "سالم": «كانت لي الكثير من التجارب والأفكار لكن ما رأى منها النور قليل لا يتجاوز عشر تراتيل كنسية قدمتها للكنيسة في "حلب". لكن أخي "جورج" الذي يصغرني سناً كان قد سبقني في هذا المجال إذ شكل فرقة كورال وألف الكثير من المقطوعات التي تغنى في الميلاد».

ويذكر أن الأستاذ "سالم بالي" عضو في نقابة الفنانين منذ العام /1974/، وأحد الأعضاء في لجنة قبول المتقدمين للانتساب لنقابة الفنانين ولجان الانتقال للعضوية منذ عام /1976/ حتى الآن.

وما زال ملتزماً لليوم مع الفرقة الشرقية لنقابة الفنانين بقيادة الأستاذ "عبد الحليم حريري".

وله أيضاً عدة مشاركات لا مجال لحصرها كلها نذكر منها: تأليف وتوزيع وتسجيل نصوص لوحات وضعها السيد "محمود باذنجكي" وهي تحكي عن ملحمة "جلجامش"، "إنكيدو" ،"السندباد"، "شهرزاد" وغيرها من الأساطير السورية وتم تقديم هذه اللوحات مع مرور عربات القطن أمام قلعة "حلب" ضمن فعاليات المهرجان الثامن والأربعين للقطن في مدينة "حلب" عام /2003/.

كما قام بتوزيع أغنية "طلي بالأبيض" التي غنتها السيدة "ماجدة الرومي"

وأيضاً عضو لجنة تنظيم مهرجان الأغنية السورية عام /2004/ كما سبق له المشاركة في ذات المهرجان عام /2003/ لتغطية جزء من التقاليد الموسيقية في الكنيسة المسيحية وقدم محاضرة بعنوان "الغناء في الكنيسة".

يتحدث عدة لغات، الفرنسية والإنكليزية والإيطالية إضافة إلى الأرمنية.

من مواليد مدينة حلب عام /1946/ متزوج من السيدة "ماكدة توما" مهندسة زراعية. وأب لثلاثة أولاد "غريغوار" وهو مترجم فوري يعمل في مدينة "جينيف" في سويسرا ويدرِّس في جامعة "ETI". والتوءم "جيسّي" و"سيلفي". الأولى مهندسة عمارة والثانية مهندسة معلوماتية ومقيمة في دبي.

كما إن "بالي" جد لحفيدين "جاك" و"أنطوني مخول" من ابنته "جيسّي".