تعيد مدونة الموسيقا، وفي إطار محاولتها لحفظ الذاكرة الموسيقية السورية، ولملمة المبعثر والمتناثر منها، إحياء ونشر العديد من المواد المنشورة منذ أعوام على مدونة وطن eSyria مدعمة بفيديوهات صورها فريق عمل المدونة آنذاك، ولم تنشر لأسباب فنية.

"ياسر خضير" فنان من "حلب" عازف على "القانون" ومصنّع له، نشأ مستمعاً للفن القديم فتأصلت في أعماقه الموسيقا، وعمل على تطوير نفسه حتى غدا اسماً لامعاً تعرفه المدينة ويألفه الوسط الموسيقي.

مدونة وطن eSyria التقت الفنان "خضير" فتحدث عن بداياته قائلا: «نشأت ضمن بيت لا يحترف الفن، لكنهم وبالمصطلح الحلبي "سميعة" من الطراز الأول، فتربيت على صوت "فريد الأطرش" و"محمد عبد الوهاب" ما زرع في داخلي حباً وولهاً بالفن، وما إن بلغت الرابعة عشرة من عمري حتى لاحظ أبي إجادتي لضرب الإيقاع، ولمس موهبة أراد أن ينميها فاقترح علي دراسة آلة "القانون"، بينما اقترحت والدتي آلة "الكمان" لكني كنت أفضل "القانون" فدرست على يدي الأستاذ "عاطف خياطة" مدة لم تتجاوز السنة، ثم بدأت العمل في الحفلات ودخلت جو العمل مباشرة».

الفنان ياسر خضير

أبرز المهرجانات التي شاركت بها هي مهرجان "سماع" في مصر ومهرجان "المدينة" في تونس، كما يوجد مهرجانات للموسيقا الآلية مثل مهرجان آلة القانون في الأردن، ومهرجان الآلات الوترية في لبنان

وكما هو معروف في الوسط الفني فإن العازف يتنقل بين عدة مطربين ولا يستطيع الالتزام مع أحد منهم بمفرده بسبب غياب عقود العمل في المجال الموسيقي إلا ما ندر، وعلى ذلك فإن "ياسر" عمل مع معظم مطربي وفرق "حلب" نذكر منهم: الفنان "صباح فخري"، السيدة "ميادة بسيليس"، والمطربين "سمير عجوم"، "أحمد أزرق"، "بشير بيج"، "صفوان العابد"، "أحمد خيري"، "عبود حلاق"، "سمير جركس"، "مصطفى هلال"، كما عزف ضمن حفلات منفردة لمطربين سوريين وعرب أبرزهم الفنان "الياس كرم" والفنان "راغب علامة". وفي مجال المهرجانات كانت له مشاركات يقول عنها "ياسر": «أبرز المهرجانات التي شاركت بها هي مهرجان "سماع" في مصر ومهرجان "المدينة" في تونس، كما يوجد مهرجانات للموسيقا الآلية مثل مهرجان آلة القانون في الأردن، ومهرجان الآلات الوترية في لبنان».

بعض من نتاجاته

ولم يكتفِ "ياسر" بتعلم العزف بل تعداه لتعلم صناعة آلة "القانون" ووضع لمساته فيها وقال عن ذلك: «بعمر السادسة عشرة وبعد أن أتقنت العزف على "القانون" أحببت أن أصنع الآلة بمفردي فبدأت بأولى خطوات التعلم عند الأستاذ "محمد الظن" وهو من أوائل صانعي القانون في "حلب" فتعلمت على يديه مراحل الصناعة كافة وذلك طبعاً ليس بالأمر الهين، ففي صناعة القانون تتدخل الرياضيات بشكل رئيسي وخاصة الهندسة متضمنة هندسة الصوت والفراغيات، ثم بعد ذلك وحين أكملت مراحل تعلمي كانت الإمكانيات المادية متواضعة فتعاونت مع نجارٍ ليساعدني في ذلك وكان النتاج الأول الذي أُتبع فيما بعد بأعداد لا بأس بها من المحاولات حتى وصلت إلى هذه المرحلة اليوم، وعندما أدركت رواج الإنتاج في السوق بدأت العمل بجدية أكثر واطلعت على التجارب المختلفة لصناعة الآلة في سورية وتركيا وإيران، وأنا اليوم أصنع القانون العربي والقانون التركي الذي يختلف عنه بعدد العربات الصوتية مع اختلاف ضئيل في الشكل، أما فيما يخص التسويق فكانت البداية في السوق المحلية ثم تطورت فيما بعد إلى السوق العربية فالعالمية خاصة بعد أن أقمت العديد من المعارض في كل من المغرب والجزائر وتركيا، ويُطلب إنتاجي اليوم إلى معظم الدول العربية ودول أوروبا، كما تعلمت فيما بعد صناعة آلة "العود" التي لاقت رواجاً أيضاً لكن ليس بمستوى القانون».

وعلى هامش لقائنا كان لنا وقفة مع عازف الغيتار "رامي الضابطي" الذي حدثنا عن "ياسر" قائلاً: «عازف متميز وموهوب، يعرف جيداً ماذا يريد وكيف يحقق ما يريده، تعجبني جداً طريقته في التعبير عن إحساسه في العزف، كما يعجبني طموحه وعمله الدؤوب لنيله. بدأ عازفاً ثم انتقل بمهارة إلى مجال التصنيع ولاقى نجاحاً جيداً فيه، أتوقع أن مستقبلاً جيداً ينتظره».

في الورشة

بقي أن نذكر أن "ياسر" يعمل أيضاً في مجال تصديف الآلات الموسيقية وزخرفتها، وقد سبق له أن دَرَّس العزف على القانون في كل من "معهد حلب للموسيقا" و"معهد صباح فخري"، وهو من مواليد مدينة "حلب" عام /1976/، متزوج وأب لثلاثة أطفال أحدهم يتمتع بصوت جميل ومهارة في ضرب الإيقاع.