تعلَّق عازف القانون "زياد خوام" بحبِّ الفن والموسيقا مبكراً من خلال عمل والده في المعهد الموسيقي الذي شجعه على تعلُّم الموسيقا، فدرس العزف على "آلة القانون" في المعهد "العربي" للموسيقا، وتخرج فيه حاملاً في داخله طموحاً كبيراً سعى إلى ترجمته من خلال العمل. فعزف مع أغلب المطربين السوريين، وشارك في الكثير من الفعاليات والمهرجانات الفنية، محقِّقاً تميُّزه وتفرُّده، وانتقل من نشاطه المحلي إلى العمل في العديد من البلاد العربية، ليستقرَّ في "ألمانيا"، وعمل فيها على تشكيل فرقة موسيقيّة استضافتِ الكثير من المطربين لتقديم الفن العربي الأصيل والجميل للمهاجرين.

دراسة فنيّة مبكرّة

استضافت "مدونة الموسيقا" عازف القانون "زياد خوام" الذي تحدَّث عن مسيرته الفنية قائلاً: «أنا من مواليد مدينة "حلب" عام ١٩٧٣، من حارة "باب الحديد" الشعبية والمعروفة بحبّها للفن، وتخريجها للكثير من الفنانين، وحالي كحال الكثير من أبناء مدينتي نتعلَّق بحب الغناء بوقت مبكر، ونحضر حفلات المطربين التي كانت تقام بالأحياء الشعبية، وأذكر من المطربين "صبري المدلل ومحمد أبو سلمو وأبو حسن الحريتاني ومصطفى ماهر" وغيرهم».

ويؤكد أنَّ حبَّه للفن اتّجه نحو تعلّم العزف على "آلة القانون"، مشيراً إلى ما قدَّمه والده إليه من مساعدة، حيث اشترى له الآلة وسجله في المعهد الموسيقي الذي كان يعمل فيه، ويتابع قائلاً: «كنتُ وقتها في المرحلة الابتدائية، واستمرّتْ دراستي في المعهد لمدة خمس سنوات تحت إشراف مديره الراحل "هاشم فنصة"، من بعده "بسام سعد" والمدرّس "علي واعظ"، وهؤلاء كلهم لهم الفضل في صقل موهبتي, وتعلّمت الصولفيج الشرقي على يد الموسيقي الراحل "نهاد الفرا"، كما تتلمذتُ على يد الأخوين "مصطفى ونديم الدرويش" و"نوري إسكندر" الذي شجعني كثيراً على عزف عدة مقطوعات من ألحانه، ولا أنسى دور الموسيقار "سمير كويفاتي" في دعمي، وفي حفل تخرجي كنتُ الأوّل على الدفعة، ما حدا بإدارة المعهد اعتمادي مدرساً لمادة القانون فيه».

العازف زياد خوام

بين حلب وبيروت ودبي

العازف زياد خوام

يذكر "خوام" أنّه عمل في بداية انطلاقته مع الفنانة الراحلة "ميادة بسليس" عبر عدد من الحفلات، ثمَّ مع الفنانين "شادي جميل وعمر سرميني ورويدة عطية وحمام خيري ونور مهنا وصفوان العابد والراحل أحمد إدبر"، كما شارك أكثر من مرة بمهرجان "الأغنية السورية"، وبمهرجان تدمر وطريق الحرير، ويقول: «والأهم كانت مشاركتي مع الفنان الكبير الراحل "صبري مدلل" في حفلة خارجية لا تُنسى، وحزّ في نفسي أنني لم أشارك الفنان الكبير الراحل "صباح فخري" في عمل مشترك، لكنَّه شاهدني مرَّة أعزف ضمن حفلة وأثنى على مجهودي وشجعني كثيراً».

ويشير إلى أنه توجَّه بعد ذلك للعمل في "بيروت" وعزف في حفلات مجموعة من المطربين، ومنهم "عاصي الحلاني ونانسي عجرم وإيلي عليا ووديع مراد"، كما شارك في مهرجان "بعلبك" و"القلعة". ثم غادر متجهاً إلى دبي حيث فرص العمل أمامه كانت أكثر، يقول: «التقيتُ هناك بفنانين عرب وخليجين، وعزفت لهم، أذكر منهم "راشد الماجد ومحمد عبدو وعبد المجيد عبد الله وعبد الله رويشد"، وشاركت لعدة أعوام في مهرجان "دبي" الفني، الذي كان يحضره كبار الفنانين العرب وبشكل سنوي. وبعد رحلة عمل طويلة في "دبي" عدتُ إلى مدينتي "حلب" وعملت فيها لمدة، ثمّ سافرتُ إلى "بيروت" وبقيتُ فيها عامين».

العازف زياد خوام

آلة القانون في ألمانيا

المطرب حمام خيري

في عام 2014 اختار "ألمانيا" ليعيش فيها، وهناك بعد فترة ركود لمدة ثلاث سنوات من دون عمل، بدأ يفكر بتشكيل فرقة تُعنى بالنشاط الفني للحفاظ على الهوية الموسيقيّة الشرقيّة العربيّة، وتقديمها بأسلوب جميل للجاليات والمهاجرين العرب، والبداية كانت مع المطربين "حمام خيري وأحمد أزرق وعلي عنجريني"، ولاقت حفلاتهم الاستحسان مقدِّمين خلالها الطرب والقدود والموشحات والتراث الموسيقي الشرقي البحت، وكان ذلك عام ٢٠١٧ في مدينة "هامبورغ".

وتابع عمله ونشاطه عبر المشاركة في مهرجانات وأسابيع "الثقافة الموسيقيّة العربيّة" بشكلها الدوري في "هامبورغ"، وكان شديد الحرص على تنمية واستمرار هذه الظاهرة ودعمها وتجميع الموسيقيين السوريين، وحثّهم على المشاركة والحضور في تلك الفعالية التي نجحتْ وأعطتْ ثمارها وفرضت ذاتها بين الفعاليات الموسيقيّة المتنوّعة، تحت مسمى "مهرجان الثقافة العربية" في مدينة "هامبورغ"، ولا تزال هذه الفعالية قائمةً وتستقطب الكثير من العازفين والمطربين الفنانين السوريين والعرب.

العازف زياد خوام مع المطرب شادي جميل

الهدف والمشروع

ويختم الفنان "خوام" حديثه بالقول: «لدينا تراثٌ موسيقيٌّ شرقي وعربي كبير نعتز ونفخر به بين الثقافات والفنون العالمية، لا بل نتفوق عليهم؛ لذلك من واجبنا الحفاظ على هذا الكنز الدفين، والسعي لدعمه وتقديمه بشكله الطبيعي، وخاصَّة في بلاد الاغتراب لما له من موجبات كثيرة للحفاظ على "هويّتنا الفنية"، ونقله للأجيال الشابة حتى تحفظه وتتعلَّق به، بعيداً عن التشويه والاندثار، وأعتبر هذا العمل مشروعي وهدفي الفني الذي سأحافظ عليه هنا وأقدّمه بأفضل وجه، ليتعرّف الجميع على جماله وخصوصيته ومكانته وهو يستحقُّ ذلك».

آراء فنية

المطرب "شادي جميل" قال: «شهادتي مجروحة بحق العازف المتميز "زياد خوام"، ويكفيه فخراً أنَّه ابن مدينة "حلب"، معقل الفن والطرب الأصيل، عمل معي كثيراً ضمن فرقتي في "حلب"، وفي أوروبا، وكان مميّزاً وبارعاً في عزفه وفنّه، ومهما تحدثت بحقه يبقى قليلاً، وأتمنى له النجاح والتوفيق في مهامه وأهدافه الفنية التي يسعى لها في بلاد الاغتراب».

المطرب "حمام خيري" تحدّث عن زميله عازف القانون وقال: «تجمعني بالفنان "زياد" رحلة عمر طويلة في أجواء الفن، وكان حاضراً معي في أغلب حفلاتي المحلية، وصديقي في السفرات الخارجية وهي كثيرة، وقد بدأت عام ٢٠١٧ وهي مستمرة، إنّه فنان متفوّق على نفسه ويسعى بكل الإمكانيات لتقديم الطرب الحلبي والعربي الأصيل فوق مسارح أوروبا التي استقرَّ فيها».