تتلمذ الموسيقي "يوسف الإدلبي" المولود في "سلمية" عام 1921 على يد "عمر النقشبندي" عام 1945، فعزف على آلتي العود والكمان، أسس ناديّ الفارابي في "حماة" والشواف في "سلمية"، وعلّم الموسيقا في مدارسهما. كتب المواويل بلهجات عربية عدّة، كما كتب الطقطوقة ولحّن قصيدتين لشاعر العاصي "بدر الدين الحامد". سجّل أعماله على إسطونات الوتار في "حلب"، ولكن "للأسف" اختفتْ في ظل الأحداث التي مرت عليها عام 2013، وتوفي عام 2006 تاركاً بصماته الموسيقية ومذكراته لكل باحث.
بين العود والكمان
التقت "مدونة موسيقا" السيدة "ثناء الإدلبي" ابنة الراحل التي تحدّثت عن والدها قائلة: «تتلّمذ والدي على يد الفنان "عمر النقشبندي" فتعلّم النوتة والعزف على آلتي الكمان والعود، وشجعني على الغناء ودعم موهبتي منذ طفولتي، حيث كنت أرافقه في الحفلات والمناسبات الوطنية في نادي الفارابي بـ "حماة"، كما أنّني غنّيت لـ "فايدة كامل"، ولكن لم أكمل طريق الفن لظروف خاصة، واقتصرت مشاركاتي على الحفلات العائلية».
وحول حضوره في مصر أشارت إلى أنه لبّى دعوة الفنان "محمد عبد المطلب" نقيب الفنانين في "مصر" والفنان "عبد السلام النابلسي" والفنانة "تحية كاريوكا"، وشارك في حفلاتها كعازف عود وكمان، وتتابع قائلة: «مارس مهنة تعليم الموسيقا في "حماة" و"سلمية" و"مصياف"، وقضى جلّ وقته في مقهى "حمدو مغمومة" مع أصدقائه، وكان موظفاً في بلدية "سلمية"، يلبي دعوات الأفراح في "الغاب" برفقة "هشام آغا البرازي" و"عبد الله تامر" في "سلمية"».
أما "محمد العبد الله" مواليد 1982، وهو حفيد الراحل فأشار إلى تأثّره بجده حيث كان يثير فضوله واهتمامه، مستذكراً كيف كانوا يجلسون للاستماع إلى عزفه على آلة العود من أغاني الطرب ل "محمد عبد الوهاب وأم كلثوم والطقطوقات التي يؤلفها، والنشيد الوطني".
ممّا كتب وألّف
ونقتطف فيما يلي بعضاً مما كتبه وألف الراحل "يوسف الإدلبي"، حيث كتب في مذكراته موالًا باللهجة المصرية، قال فيه:
وحياة جمال القمر يا بدر تستنى
خليني أفرح بمحبوبي وأتهنى
وعود معاه واشتكيله من عوازلنا
وقله ليه الجفا والصد والهجران
اسمح بقربك وخلي الزهر يسامحنا
وقال أيضاً:
إن كنت تحكم بطبع الحسن كن عادل واترك شهود المحبة يابو قوام عادل
ما يجوز بشرعك بنار الحب تكويني حرام عليك والنبي احكم وكن عادل
وكتب أيضاً:
يم القوام اسمعي ع الهجر نهداتي
الله يجازي الساعي بنار حصراتي
من بعد موتي رجعت وبكي على وفاتي
وع تراب قبري تعي وتأملي فيّا
كما نظم "أبو زلف":
يابنت قلبي انكوى وقلبك على حالو
جسمي ضناه البكا وتقطعوا وصالو
رمانك ياللي استوى ياسعد من طالو
عليل طالب دوا تكرمي عليّ
والعتابا:
وإني لرسل سلامي بجنح شوفيه
وحبابي عالبعد ما ظن شوفيه
بطارش روح للنزل شوفيه
وقلهم عن لساني مرحبا
في عام 1946 كتب "الإدلبي" لحبيبته "ثريا" قصيدة ولحنها وغناها:
جارت عليّ الليالي شفت العذاب ألوان
فضّلت موتي يا قلبي أهون من الهجران
دورت كل البلاد عني لم رأت أوطان
يا عازلي لا تلمني إن بكيت من الأسى
أبكي زماناً مضى أعطر من الريحان
وكانت فرقة "يوسف الإدلبي" تتألف من: فتحي النقشبندي، محي الدين العوير على آلة "القصب"، عبدو الواعظ على آلة "الدف"، أبو أحمد البيش "بزق"، عبد القادر الشعار أبو حسن "دربكة"، أبو مظهر "عود"، يوسف الإدلبي على آلة "الكمان"، وكان الاجتماع الموسيقي الفني برئاسة غالب بزنكو.
مُخّلصاً للموسيقا
المتقاعد "عبدو شقرة"، من مواليد "سلمية" تحدث عن "يوسف الإدلبي" قائلاً: «كان الراحل معلمي لمادة الموسيقا بين عامي "1960 ـ 1962"، كنت وقتها طالباً في الأول الثانوي في مدرسة التجهيز، وشكلت حصته مبعث سعادة وفرح لنا، فهو مخلص لمادته، محبوبٌ من الطلبة والكادر التدريسي الذي كان يحضر حصة الموسيقا معنا أحياناً. "الإدلبي" كان إنساناً رقيقاً جداً، فبعد تخرجي من الكلية دعاني لحضور حفلاته وكنت ألبي الدعوة بكل سرور».
أما "عميد الإدلبي" ابن أخ الراحل فعاد بالذاكرة إلى الوراء ليؤكد أن عازفينِ مكفوفينِ من "حماة" كانا يرافقانه، على الإيقاع "أبو خالد" وعلى آلة العود أبو صفوان"، مشيراً إلى أنه التقى "نصري شمس الدين" و"صباح" عام 1970، وعندما زاره وديع الصافي في "سلمية" ترافقا لممارسة هواية الصيد، ويستذكر من أصدقائه الفنانين المقربين "الممثل عبد المجيد مجذوب ونضال أشقر ومروان محفوظ ومحمد جمال ومها الجابري وياسين العاشق ووليد قنباز والناقد راتب سكر وفؤاد غازي وفهد بلان وموفق بهجت"، لافتاً إلى أنه سافر عام 1963 إلى دول عربية عدة؛ "العراق، الأردن، الكويت"، وكان حاضر النكتة، سريع البديهة، وعاشقاً للفرح.