مبدع في عزفه على "العود"، يلاعب أوتاره بحرفية عالية وشغف، ما يعكس جمال العلاقة التي تربط بينهما. هو رفيقه ونديمه وكاتم أسراره، كما أنه الآلة التي عزف عليها ضمن أهم "الفرق الموسيقية" والتي رافقت كبار النجوم، بمن فيهم "صباح فخري، وديع الصافي، ميادة الحناوي، ملحم بركات، ماجدة الرومي، ربا الجمال، فهد بلان، لطفي بوشناق، عاصي الحلاني، ماري سليمان، وليد توفيق، فلة الجزائرية، وفي تونس مع مي فاروق وكريمة الصقيلي". إنه الموسيقي وعازف "العود" الأصيل "حسين علان".

بداية الشغف

يعود "حسين علان" في ذاكرته إلى الوراء، حين كان عمره ثماني سنوات، يقول لـ "مدونة الموسيقا": «في ذلك الوقت جلب خالي آلة "العود" وكان يعزف عليها مع والدي، وبإحدى السهرات ترك "العود" في منزلنا فأمسكته بين يدي بشغف، ولاحظ والدي تعلقي به. وبدأت العزف عليه دون نوطة، وفي عمر الـ "11 عاماً" أخذتي والدي إلى الأستاذ "محمد شراباتي" لأتعلم العزف، لكن لم أكمل عنده سوى درسين فقط، وفيما بعد أخذني إلى الأستاذ "ميشيل عوض" الذي سمعنا عنه الكثير حينها، فدرست عنده لمدة أربع سنوات على العود "غربي" و"شرقي"، فترة نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وأعتبره أستاذي الحقيقي، وهو معلم بكل ما للكمة من معنى».

ويشير إلى أنه في مرحلة لاحقة بدأ يشارك في الحفلات، فاشتد عوده وازدادت خبرته، وانتسب إلى نقابة الفنانين، وكان فيها عضواً متمرناً عام "1983" وأخذ العضوية كاملة عام "1987"، ويذكر في حديثه صعوبة فحص النقابة آنذاك، حيث ضمت اللجنة عدداً من أهم الموسيقيين، منهم "عبد الفتاح سكر، عدنان أبو الشامات، ابراهيم جودت، نديم الدرويش، صباح فخري".

الموسيقي وعازف العود حسين علان

المعهد العالي للموسيقا

الموسيقي وعازف العود حسين علان

ألتحق بالمعهد العالي للموسيقا عند افتتاحه عام "1990"، وكان من الدفعة الأولى التي ضمت كل من "طاهر مامللي، ميساك باغبودريان، جوان قره جولي، عصام رافع".

عن تلك المرحلة يقول: «كان هناك أساتذة من "أذربيجان" في المعهد، ودرست فيه لمدة أربع سنوات، لكن لم أكمل لأن الراحل "صلحي الوادي" فصلني منه بسبب سفري مع فرقة "زنوبيا" إلى "اليابان"ـ فكان يُمنع على الطلاب العمل، رغم أنني كنت حينها عازفاً محترفاً وعضواً في نقابة الفنانين، كما كنت أعزف مع الفرقة في حفلات السيدة "ميادة الحناوي". ولكن كلما رآنا على الشاشة كان يهددنا بالفصل، ويمكنني القول أنه ظلمني».

الموسيقي وعازف العود حسين علان

فرق موسيقية

وفيما يتعلق بالفرق التي عزف فيها، يقول "علان": «عزفت مع فرقة "هادي بقدونس" وكنا حينها مع السيدة "ميادة الحناوي"، كما عملت مع "ماجد سراي الدين" في فرقة "طرب"، ومع "عدنان أبو الشامات" العبقري في الموشحات وتلحين القصائد في فرقة "أنغام"، ومع "حسين نازك" في فرقة "زنوبيا" التي ضمت طلاباً من المعهد العالي وأساتذة بمن فيهم الأستاذ "حميد البصري" ووليده "نديم ورعد خلف". وفرقة "زنوبيا" التي تفردت بعزف موسيقا "رأفت الهجان" كاملة. وأذكر أن "حميد البصري" وابنه "رعد" قاما بتوزيع موسيقا "رقصة ستي" وقدمت في بدايتها صولو على "العود"، وجاء التوزيع رائعاً جداً "غربي شرقي"، حيث عزفناها بطريقة أكاديمية. وفي عام "2000" تعرّفت على الموسيقي "أسعد خوري"، وعملت معه في "الموسيقا التصويرية"، ومن ثم أتى بي لـ "مهرجان الأغنية العربية" الذي أقيم في معرض دمشق الدولي».

وحول من بقي منهم حاضراً في ذاكرته، يشير إلى أن المايسترو "أسعد خوري" كان قائد أوركسترا محترماً وفناناً عبقرياً، وقوياً جداً على الصعيدين الفني والعملي، حتى أنهم كثيراً ما كانوا يأتون إليه بالنوطات فيقوم بتصحيحها داخل البروفا بشكل مباشر. يقول: «أذكر عندما كنا نجري بروفا في لبنان مع المطربة "ماجدة الرومي" لأغنية "يسعد مساكم يا أهل الشام" التي غنتها في "دار الأوبرا" بدمشق عام "2004"، أنه لم يكن هناك مقدمة موسيقية للأغنية، ولكن خلال البروفا كتب "أسعد خوري" المقدمة وقام بتوزيعها موسيقياً بربع ساعة ووضع لها اللوازم».

الموسيقا التصويرية

حقق الموسيقي والعازف "حسين علان" حضوره ضمن ميدان "الموسيقا التصويرية"، عن ذلك يقول: «ضمن أعمال "الموسيقا التصويرية" التي شاركت فيها، كان كل ما هو ارتجالي تقاسيم من عزفي، ففي مسلسل "باب الحارة" كانت اللازمة موسيقا تراثية طورها الأستاذ "سعد الحسيني"، ولكن التقاسيم داخل المشهد وفق الحالات المختلفة "حزين، فرح، متوتر، غاضب.." كلها من ارتجالي، وفي مسلسل "الخوالي" عزفت "الموزون" وكل ما فيه من تقاسيم تخدم المشهد كانت من ارتجالي بالعود». وعن آلية علاقته بالملحن أشار إلى أنه كان يعطيه "صولو العود" ويطلب منه موسيقا تعبّر عن فرح أو حزن.. ويتفقان كيف سيكون العزف "ريشة قوية أو ناعمة"، مؤكداً أنه عمل ممتع ولكنه صعب.

حول كيفية استخدام "المقامات الموسيقية" وتناسبها مع الحالة الشعورية من فرح وحزن وغضب..، يقول: «الأمور لا تنفصل عن بعضها البعض، وهي مرتبطة بالإحساس، ولكن المتعارف عليه عالمياً أن "الماجور" لتلحين الأناشيد القوية وتُستخدم فيه الآلات النحاسية، وعندنا اسمه مقام "عجم"، أما "المينور" فلطيف ويُستخدم للطف والحزن، وعندنا اسمه مقام "نهاوند". ولكن "العجم" الذي تراه قوياً نسمعه في المقدمة الموسيقية لأغنية أم كلثوم "لسا فاكر" والتي أتت "ماجور" وكانت لطيفة. كما أن الكثير من المقدمات الموسيقية كانت "مينور" ومنها أغانٍ لـ "محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وأم كلثوم"».

ويتابع: «في حين أن مقام "الصبا" حزين كما في أغنية "هو صحيح الهوى غلاب"، ولأن مساحته ضّيقة فينبغي أن يكون معه "عجم وحجاز" ليأخذ شخصيته، كما يمكن أن تأخذ لحن "بيات" حزين وراقص، كحال ألحان "بليغ حمدي" التي فيها "بيات" بشكل كبير، ففي أغنية "زي الهوى" هي حزينة وراقصة في الوقت نفسه. وبالتالي يمكن القول أن الموسيقا روح وأحاسيس ومشاعر، فقد ترتبط معك أغنية فرحة بموقف حزين، والعكس صحيح، وأذكر هنا ما قاله "بليغ حمدي" حين سألوه "هل تلحن عندما تكون حزيناً أم فرحاً؟" فأجاب أن "الحب حالة"، فهو إلهام يتم توظيفه بطريقة ما».

خارج سورية

جال "علان" على الكثير من البلدان التي عزف فيها، يقول: «أول مرة سافرت فيها كنت بعمر 17 عاماً، مع الراحل "عدنان إيلوش" الأستاذ في المعهد العربي للموسيقا "معهد صلحي الوادي حالياً"، حيث سافرنا إلى "تونس" و"الجزائر" لمهرجان "المالوف للموسيقا التقليدية في المغرب العربي" عام "1981"، وعزفت في "الجزائر" مقطوعة لـ "فريد الأطرش" وحينها كان من يعزفون له قلائل، وأخذنا جائزة، والسفرة الثانية ذهب معنا ككورال الأستاذ "جمال قبش" والسيدة "وفاء موصلي"، مع فرقة "عدنان أيلوش"، وفي عام "1997" ذهبت مع فرقة "زنوبيا" بقيادة "حسين نازك" إلى مهرجان "الموسيقا للفنون الشعبية" في مصر».

ويتابع: «بعد دخولي المعهد سافرت ضمن فرقة "المعهد العالي للموسيقا" إلى "اسبانيا" لمهرجان "إكسبو"، كما سافرت عام "1994" إلى "مهرجان طريق الحرير" في اليابان مع فرقة "زنوبيا"، وبقينا هناك شهراً ونصف درنا خلالها المناطق كلها، وكانت من أجمل سفراتي. ومن البلدان التي سافرنا إليها وعزفنا فيها أيضاً أذكر ألمانيا والهند، ومع فرقة "زنوبيا" سافرنا إلى المغرب وتونس، وذلك كله حدث فترة تسعينيات القرن الماضي. أما أولى سفراتي مع المايسترو "أسعد خوري" فكانت عام "2003" إلى تونس مع السيدة "ماجدة الرومي" وعزفنا معها ضمن "الأونسكو" في لبنان، وفي كندا وأفريقيا بساحل العاج وفي "دار الأوبرا" بدمشق، وذهبت مع الأستاذ "أسعد خوري" عام "2015" إلى الجزائر وعزفنا هناك مع لفيف من المطربين، بمن فيهم "فهد الكبيسي، فلة الجزائرية، وليد توفيق، ديانا كرزون، لطفي بوشناق"».

ويؤكد أن تفاعل الجمهور في الخارج مع ما قدموه كان كبيراً، مستشهداً بما حدث في "تونس" خلال حفلة "ماجدة الرومي"، فرغم أن موعد الحفل الساعة التاسعة مساء بدأ الجمهور بالتوافد من الساعة الرابعة بعد الظهر. أما في "ألمانيا" فيُظهر في كلامه مدى تفاعل الجمهور هناك مع "رتم الموسيقا العربية" حيث تم تقديم لوحات فلكلورية وعزفوا معها "الموسيقا الشعبية" بطريقة أكاديمية، وتكررت حرارة التفاعل أيضاً في "اليابان" وأماكن أخرى.

عازف صولو

حول عزفه على "العود" صولو في "مؤتمر الموسيقا العربية" بالقاهرة، يقول: «عندما كنت في السنة الثانية من دراستي في "المعهد العالي للموسيقا" عام "1992"، أتت للمعهد دعوة للمشاركة بـ "مؤتمر الموسيقا العربية"، فذهبت فرقة كانت خليطاً من المعهد وخارجه بقيادة الراحل "عدنان إيلوش"، وقدمتُ هناك مقطوعة صولو لاقت استحساناً كبيراً، حتى أن الباحث الموسيقي "سعد الله آغا القلعة" عرضها ضمن برنامجه في التلفزيون السوري. وأذكر أنه حتى عندما ذهبنا إلى "الزقازيق" وعزفت لـ "فريد الأطرش" قامت الصالة ولم تقعد، من شدة تفاعلهم معها».

يشير "علان" إلى أنه على ضوء ما تم تقديمه في المؤتمر أتى وزير الثقافة المصري "فاروق حسني" مع وزيرة الثقافة السورية "نجاح العطار" إلى "المعهد العالي للموسيقا" وطلب الاستماع إلى طالب يعزف على "العود" أمامه، فعزفت مقطوعة "أول همسة" لـ "فريد الأطرش"، أعجب بها "حسني" كثيراً، وطلب من الراحل "صلحي الوادي" أن يسافر "حسين علان" في العام الذي يليه إلى القاهرة ليكمل دراسته هناك، ولكن "الوادي" لم يفعل.

ويتابع: «ما حدث سبب لي جرحاً كبيراً في داخلي، لأنه كان من المفروض أن أكون خريج "المعهد العالي للموسيقا" في "مصر". وحتى عندما أتت دعوة من القاهرة للمشاركة في مسابقة لعزف مقطوعة لـ "فريد الأطرش" على "العود"، لم أعلم بها، وهو ما عرفته بعد فصلي من المعهد، فعندما ذهبت للحصول على كشف علاماتي، قالت لي السكرتيرة أنه كان لي دعوة للذهاب إلى "دار الأوبرا" في "مصر" ولكنه لم يرسلني بحجة عدم وجود ميزانية، رغم أن الدعوة كانت مدفوعة التكاليف. وتم إلغاء معزوفة "فريد الأطرش" من المسابقة لأنه لم يعزفها أحد».

العلاقة مع العود

لدى سؤاله عن العلاقة التي تربطه مع "العود" على المستويين الموسيقي والوجداني، وما الذي طرأ عليها من تغيير بين الأمس واليوم، يجيب: «منذ صغري أحببت هذه الآلة، وكان لدي الكثير من الأحلام، وفي ذلك الوقت كانت تتألف الفرق الموسيقية من العديد من الموسيقيين، ولكن اليوم هناك "أورغ" واحد، مما أحدث شرخاً كبيراً، فاختلفت الموسيقا واختلف معها "الرتم" و"الذوق". ولكن عندما عملنا ضمن فرق مثل "زنوبيا" وغيرها كان لـ "العود" دوره ولـ "القانون" مكانه وكذلك الأمر بالنسبة للآلات كلها، وأذكر كيف كنا نقدم "الموشحات" التي تعتمد على "العود" ضمن فرقة "الأنغام العربية" بقيادة الموسيقي "عدنان أبو الشامات"، فقد كان الحب والشغف كبيرين، ولم نعمل من أجل المادة وإنما هدفنا تقديم الفن الراقي».

يتابع: «ولكن في التسعينيات بدأ الانهيار الفني، وباتت المادة هي الغالبة ضمن الجو العام الموسيقي، مما دفعنا إلى التنازل والقبول بالعمل ضمن أية فرقة، فالمهم أن تعيش، لأنه ليس لدي مهنة أخرى، وهنا بدأ يخف الشغف، ويفقد الوجدان الموسيقي ثقته. إلا أنني حتى اليوم لا أستطيع الابتعاد عن "العود"، فإن غبت عنه لمدة يومين أو ثلاثة أشعر بالفقد نحوه، وأن هناك ما ينقصني، فطالما هو موجود إلى جانبي أشعر بالأمان، وكثيراً ما يحدث معي أن أعبّر من خلاله عن حالة أمر بها، فيكون صديقي وملجأي».

عباءة فريد الأطرش

حول عازفي "العود" الذين يطرب عندما يستمع إليهم، يقول: «أحببت "فريد الأطرش" منذ صغري، ولم أستطع الخروج من عباءته، فريشته مميزة جداً، ويمتلك سحراً في أصابعه حباه إياه الله، فليس هناك من أحد يمكنه أن يعزف مثله، ويترافق في عزفه التكنيك العالي مع الطرب. كما أرى أن السنباطي حالم له طريقة في العزف هي الصوفية والروحانية، أما محمد عبد الوهاب فعزفه جميل وكلاسيكي، وبما أنني مراقب جيد لعازفي العود أقول أن اليوم هناك شباباً هامين جداً في هذا المجال».

يؤكد "حسين علان" في حديثه لـ "مدونة الموسيقا" أن "العود" يُعتبر آلة عزف صولو، وعن حضوره الابداعي ضمن الحفلات الموسيقية، يقول: «يتوقف ذلك على المادة اللحنية المُقدمة، فإن كان فيها صولو "عود" أعزفه، وعلى سبيل المثال موسيقا "رأفت الهجان" فيها صولو "عود"، عزفته في "مهرجان المحبة" وفي "مسرح الحمرا". وهنا أشير إلى أن أغلب أعمال "الموسيقا التصويرية" عبارة عن آلات صولو مع الأوركسترا. أما في الموسيقا الشرقية فيظهر كل من "العود والقانون والناي"، فضمن الفرق التي تقدم الموشحات، يكون لـ "العود" صولو. كما عزفت صولو "عود" في الكثير من الأغنيات».

مرحلة التدريس

فيما يتعلق بالمرحلة التي قام فيها بتدريس الموسيقا، يقول: «درّست الموسيقا في مدارس ابتدائية وإعدادية، وهو أمر يدفعني للحديث عن هوبط الموسيقا، فحصة الموسيقا كثيراً ما تكون حصة فراغ عند الطلاب، والذين سيكونون عرضة لتقبل أعمال كيفما اتفق، واليوم أتفاجأ بمستوى الموسيقا والأغاني الحديثة التي يسمعها هذا الجيل، حيث استمعت هذه السنة للكثير منها، وجميعها لم تترك أي أثر».

ويشير إلى أنه قام بتدريس آلة "العود" في معهد "صلحي الوادي" لمدة ستة أشهر فقط، ترك بعدها المعهد، عن ذلك يقول: «وجدت أن المعهد يدرس الموسيقا ولكنه لا يخرّج مبدعين، فهم لا يهتمون كثيراً بالشرقي، حتى أنهم طلبوا مني حينها أن أقبل تدريس أي طالب بغض النظر عن موهبته، ولكن عندما يأتيك طالب غير موهوب فلن تخرج منه بشيء. لذلك تجد من طلابه المتميز الذي قد يكمل تعليمه في "المعهد العالي للموسيقا" وتجد من يأخذ الموسيقا على محمل "البريستيج" ضمن إطار الطبقة المخملية».

كما ذكر "علان" أنه قام بتدريس "ميس حرب" النغمات والعزف على العود، ودخلت فيما بعد إلى "المعهد العالي للموسيقا"، مؤكداً أنها موهوبة وعندها شغف، ويراها اليوم من المطربات المهمات ضمن الساحة الفنية.

انتهاكات بحق "العود"

سبق وصرّح العازف "حسين علان" أن "العود عرضة اليوم لانتهاكات كثيرة"، عن ذلك يقول لـ "مدونة الموسيقا": «خرّج "المعهد العالي للموسيقا" عازفي عود مهمين، ولكنهم ليسوا "شرقي" لأنهم درسوا النمط "الغربي"، ما أثر سلباً على شخصية "العود"، كما تأثروا بالموسيقا التركية، علماً أنه يمكن أن تؤلف كونشرتو للعود، ولكن الموسيقيين ابتعدوا عن الأسلوب القديم في عزف العود، ما أفقدنا هويتنا، في حين أن الموسيقيين في مصر والخليج والمغرب حافظوا على هذا الأسلوب، وحافظوا على شرقية العود».

وعزا السبب في ذلك إلى طبيعة الألحان، يقول: «عندما كنا ننجز حفلات في "دار الأوبرا" للموسيقا الشرقية كان "العود" حاضراً فيها دائماً، لأن ما يقدم شرقي وراقٍ، حتى أنني أقمت مهرجان "صولو العود" في "دار الأوبرا" ولاقى استحساناً حينها، قدمت فيه معزوفتين لـ "فريد الأطرش"، وارتجلت "رقصة ستي"، كما ارتجلت لـ "بليغ حمدي"».

وحول عمله في الفترة الأخيرة يؤكد أنه يُدعى لأعمال "الموسيقا التصويرية"، وآخر مشاركاته كانت في مسلسل "العهد" مع الموسيقي "سعد الحسيني"، يقول: «الحرب التي عانت منها البلد أثرت كثيراً على مستوى الموسيقا ومستوى الذائقة، ورغم ذلك كانت هناك ضمن فترة معينة أنشطة للموسيقا الشرقية في "دار الأوبرا" مع المايسترو "نزيه أسعد" والمايسترو "ماجد سراي الدين"، ولكن أثر الوضع كثيراً على الموسيقيين الشرقيين الصولويات، واليوم ليس هناك حفلات ولا تسجيلات في الإذاعة والتلفزيون، علماً أننا سجلنا الكثير من الأغنيات السورية الراقية في الإذاعة حتى عام "2015" ولكنهم كانوا يضعونها في المكتبة، كما أن "مهرجان الأغنية العربية" الذي أقيم في "معرض دمشق الدولي" ضم أغاني هامة، ولكن لم يُذاع منها شيئاً منذ عام "2000"».