بدأتْ دراسة الموسيقا في السابعة من عمرها وتعلمتْ العزف على البيانو، وانضمت إلى فرقة "لونا" للغناء الجماعي بقيادة المايسترو "حسام الدين بريمو"، وفي سن الثالثة عشرة تابعت دراستها في قسم الغناء الكلاسيكي في معهد "صلحي الوادي

بدأتْ دراسة الموسيقا في السابعة من عمرها وتعلمتْ العزف على البيانو في معهد صلحي الوادي، وانضمت إلى فرقة "لونا" للغناء الجماعي بقيادة المايسترو "حسام الدين بريمو"، وفي سن الثالثة عشرة تابعت دراستها في قسم الغناء الكلاسيكي في معهد "صلحي الوادي".

هي مغنية السوبرانو "رشا أبو شكر" التي بدأت "مدونة موسيقا" الحوار معها حولَ علاقتها بالغناء الأوبراليّ، فقالت:«أثناء الدراسة تعرفت إلى الغناء الكلاسيكي عن قرب ووجدت أنه يلامس روحي، ويشبه شخصيتي وما أريده في هذه الحياة، كما كان لديّ فضول لأكتشفه أكثر، ولأنني أحبه أستطيع إيصاله إلى الجمهور ولا أفكر في حال كان جمهوره محدوداً أم لا. قررت أن أكمل في هذا المجال بدعم كبير من عائلتي ولاسيما والدي المحب للموسيقا، وأعتقد أنه مِن مسؤوليتي وواجبي الإضاءة على هذا الفن العالمي الذي لا يموت».

رشا أبو شكر

المغنية أبو شكر، التي انتسبتْ إلى كلية الفنون الجميلة ولم تكمل دراستها فيها لظروف معينة، ترى أنّ الفنَّ بحرٌ عميقٌ، وأن هناك تقاطع بين جميع أنواع الفنون، وأنه من خلال الأوبرا يتم تقديم فن بصري روحي شامل، وتشرح لنا: «السوبرانو هي طبقة من طبقات الصوت، وهناك أربعة طبقات رئيسة؛ صوتان منها للنساء هما "السوبرانو" الطبقة الرفيعة للنساء، و"ألتو" الطبقة العريضة، بينما "التينور" هي الطبقة الرفيعة و"بيس" هي طبقة الصوت العريضة الأساسية للرجال، وكل منها له تفرعات وأنواع مختلفة. والسوبرانو أو الغناء الكلاسيكي هو تكنيك له علاقة بعضلات الجسم والبطن مع الحجاب الحاجز، وعلاقة التنفس مع العضلات، وله آليات خاصة وتقنيات تدرس لوقت طويل».

الإحساس أولاً!

ولدى سؤالنا لها عن التدريب المستمر قالت: «أحافظُ على النفس الطويل بالتمرين والبروفات قبل العروض، وأمارس الرياضة باستمرار، وأعيش حياة صحية، بالإضافة إلى المتابعة الدائمة والدراسة ومشاهدة عروض الأوبرا العالمية، إذ يتطلب غناء الأوبرا دراسة اللغات وترجمة النصوص لكي أعرف ماذا أقول وأحقق التوافق بين حركتي وصوتي أثناء الغناء. درستُ اللغات اللاتينية، وواجهت القليل من الصعوبة في غناء الروسية، وأغني بالإيطالية اللغة الأم للأوبرا، وبالألمانية، والإنكليزية، والفرنسية. يجبُ أن يكون لدي اطلاع على جميع الأوبرات وألّا أحدُّ نفسي بمكان واحد، بل أن أعمل على تطوير قدراتي في كل مكان».

رشا أبو شكر

وتتابع: «إضافةً إلى اعتمادنا على الإحساس بالدرجة الأولى، نقدّم في العروض صوراً بصرية وتمثيلية وأداءً حركيّاً وتفاعلاً مع المغنين الآخرين، ونضع الترجمة أمام الجمهور لتصل الرسالة له ويشعر بما يدور حوله. هناك خطة عمل طويلة بدأنا بالعمل عليها حيث يحتاج عرض الأوبرا الكامل إلى جهد أكبر وبالتالي هناك صعوبات أكثر، وحالياً العروض المنفّذة تتراوح بين ساعة وساعة وثلث أمّا عرض الأوبرا الكامل قد يصل إلى ثلاث ساعات... وهذا لم نقدمه بعد!».

جمهور الأوبرا

«هناك طبقات مختلفة من الجمهور، بعضه يأتي ليكتشف هذا الفن، وبعضه الآخر متذوق ومتعطش له، وهذا شيء نسبي لأن هذا النوع من الفن يقل تقديمه وبالتالي يتنظره الذوّاقةُ بشغف، ومَنْ لا يعرفه يأتي بدافع الفضول وحب الاكتشاف، ومِنَ المحبب بالنسبة لي أن يأتي الحضور للعرض دون أن يعرفوا عن هذا النوع الموسيقي ثم عندما يلامس أحاسيسهم من خلال ما نقدمه ونغنيه؛ تصلُ رسالتنا له بشكل حقيقي. بالنسبة لنا -كأشخاص اتخذنا قرار الدخول لهذا المجال- نتحمل مسؤولية نشر هذا النوع من الفن لدى الجمهور، وأي جهد يتم بذله يجب أن يأخذ بعين الاعتبار، فطرح هذا النوع في بلد بعيد عنه هو تحدّي ومسؤولية كبيرة، وأي جهد صغير سيؤدي لنتيجة إيجابية بشكل تراكمي، وهذا ما نلمسه ضمن خطة عملنا منذ سنتين حتى اليوم. نشعر بتجاوب أكبر من قبل الجمهور حيث يتم بيع جميع البطاقات، ويأتي الناس بحماسة للعروض، وأعتقد أن هذا جزء أساسي ونجاح في حد ذاته».

الموسيقي فادي عطية

طاقة إيجابية في زمن الأوبئة

السوبرانو "أبو شكر" أدّت إلى جانب الموسيقيّ "وسام المصري" -عبر شبكة الانترنت- ترنيمة "آفيه ماريا" في فترة الحجر بسبب "كورونا". تقول لـ"مدونة موسيقا" عن هذه التجربة: «هي صلاةٌ تم تقديمها في عام 2020 خلال فترة الحجر حيث كنت في زيارة إلى قَطَر، وعلِقتُ هناك لمدة خمس شهور بسبب ظروف الوباء، فكان لابدّ من متابعة النشاط الموسيقي وتقديم عمل مليء بالأمل، لذلك قدّمنا "آفيه ماريا" وسجلتها بتقنيات بسيطة من خلال الهاتف المحمول، فيما صوّرَ الموسيقي "وسام المصري" في أحد الكنائس من دمشق، ثم نشرنا المقطع على "فيس بوك" و"انستغرام"، وحظي بمتابعة جيدة تاركاً إحساساَ رائعاَ لدى الناس. أعتقدُ أن للموسيقا دوراً أساسياً زمنَ الأزمات، لأننا نكون وقتها بحاجة لأي شيء يعطينا أمل ويقدم لنا الدعم والطاقة الإيجابية، والموسيقا هي ذلك الإحساس الإيجابي الذي يجعلنا نكمل طريقنا ونبتعد عن الاستسلام».

شيء... مِن لا شيء!

وحول الصعوبات التي تواجهها في العمل تقول: «هناك صعوبات فنية وتقنية بإحياء فن الأوبرا الذي لا يشبهنا كلغةٍ ودراما، ويتطلّبُ عدداً كبيراً من الفنانين والفنّيين. نحن نحاول أن نصنعَ شيء من لا شيء، ونحن بحاجة خبرات تقدّمُ المساعدة لنا وتشاركنا العمل، فمثلاً ليس لدينا مخرج متخصّص في عروض الأوبرا، لذلك نحاول القيام بأكثر من دور من خلال العمل الجماعي، ويقوم كل فرد مِنا بمهام أخرى إضافة إلى مهامه كمغنّي ليتم إنجاز العمل بالشكل الأفضل».

مشاركات مستمرة

في نهاية العام نفسه كان أول ظهور لها مع الفرقة السيمفونية الوطنية في أوبرا موزارت "مدير المسرح" بقيادة المايسترو "ميساك باغبوديان"، ثم توالت مشاركاتها مع بداية مشروع خاص لطرح أوبرا بشكل حقيقي على المسرح مع أداء حركي تمثيلي يكون فيه التفاعل أكبر مع الجمهور، وانطلقت في نهاية عام 2019 مع أول تجربة هي عبارة عن تشكيلة صغيرة مع "ميخائيل تادروس" مُغنّي "باريتون" والمايسترو"ميساك" على البيانو، ومن هذا العرض تطورت العروض الأخرى لتقديم مشاهد مع الأوركسترا السيمفونية الوطنية بنهاية 2020 حيث تم تقديم جزئين من أوبرتين مختلفتين "دونباسكوالو" للمؤلف "دونيتستي" و"لا ترافيتا" لـِ"فيردي".

رأي موسيقي

الموسيقي "فادي عطية" -في تصريح خاص لـ"مدونة موسيقا"- يرى أن السوبرانو "رشا أبو شكر" مغنية واعدة، وهي من الأسماء المهمة للمغنين الذين تخرّجوا من قسم الغناء في معهد صلحي الوادي الذي أُسِّسَ لرفد المعهد العالي للموسيقا كون هذا النوع من الغناء جديد نسبياً، ولأن قسم الغناء الأوبرالي في المعهد العالي للموسيقا لم يفتتحْ حتى بداية الألفية الثانية أي بعد الأقسام الأخرى المختصة بالعزف على الآلات الموسيقية المعروفة، لذلك كان قسمُ الغناء في معهد صلحي الوادي قد خرّجَ عدداً من الأسماء الهامة المميزة لأنهم تعلموا لفترة طويلة ودرسوا العلوم الموسيقية والصولفيج بطريقة أكاديمية.

ويكمل: «ما يميز رشا أبو شكر عن غيرها هو المثابرة والطموح فقد كانت مثال الطالب الملتزم. لا تكتفي بالدروس المقرّرة، وكلما وجدت فرصة لدرس إضافي أو معلومة فهي تستفيد منها بكل قدرتها. تمتلك موهبة ممتازة وإمكانيات كبيرة تبلورت بالدراسة والتدريب ما أعطاها قدرة كبيرة على الأداء المتميز».

يذكر أن المغنية "رشا أبو شكر" من مواليد "دمشق" عام 1995، خريجة المعهد العالي للموسيقا عام 2018، حاصلة على دبلوم في إدارة الموارد البشرية من الجامعة الأوربية الدولية، وهي الآن أستاذة في معهد صلحي الوادي وفي المعهد العالي للموسيقا.