يعتبر نادي شباب العروبة للآداب الثقافة والفنون واحداً من أهم مدارس مدينة حلب الفنية والطربية لتعليم الغناء والموسيقا والموشحات والقدود، ولهذا النادي تاريخ فني ناصع وعريق من خلال الدور والمهام التي مارسها بالحفاظ على الهوية الثقافية والفنية للتراث الغنائي وتعليمه للأجيال الناشئة، من خلال الدورات المجانية التي تُقام على مدار العام، قام بالتدريس بالنادي خيرة الفنانين المخضرمين والمدرسين والعازفين.

موقع "مدونة الموسيقا" زار النادي الواقع في حي العزيزية، والتقى مديره الباحث الموسيقي ماهر موقع الذي تحدث لنا عن تاريخ وحاضر النادي والمهام المنوطة به، قائلاً: «تأسّس نادي شباب العروبة في عام ١٩٥٧ على يد مجموعة من المثقفين بهدف إيجاد تجمع وطني يُعنى بالموسيقا والثقافة والفن، لذلك كانت تسميته للآداب والثقافة والفنون، معتمداً في جانبه المالي على واردات الاشتراكات والانتساب والتبرعات، وجزء من تحصيل ريوع الحفلات، وضمن هذه الظروف المالية الذاتية العادية تمت الانطلاقة والشهرة؛ وكان من أهم المؤسسين لهذا النادي بفترة الخمسينيات "فاروق نور الدين" و"سميح يحيى" و"عبد القادر مكتبي" و"أحمد حداد" والطبيب الأديب "زهير أمير براق" والفنان "فاضل وفائي" و"أحمد شيخ الكار" والعازف الشهير الراحل "حسان تناري" و"مروان اليوسفي" و"محمد خير نحاس" و"محمود حشاش" و"منذر شيخ الكار"، والخطوة الأولى للنادي -التي حرص على القيام بها ووضعها ضمن أهدافه- تمثلت باستقطاب المواهب ونجوم الغناء الحلبي".

ونجح بهذا الهدف وجمع الأصوات الحلبية الجميلة، الذين أصبحوا بعد تخرجهم من النادي من خيرة وطليعة الغناء على المستوى المحلي والعربي نذكر منهم "رباعي شباب العروبة للغناء" الذي ذاع صيته بالأوساط الفنية وهم "نهاد نجار" و"رضوان سرميني" و"عمر سرميني" و"عبود بشير".

1- شعار نادي شباب العروبة الموسيقي الحلبي

إضافة لبقية الأسماء التي تألّقت في الوطن العربي مثل: "ميادة حناوي" و"فاتن حناوي" و"شهد برمدا" و"صفوان العابد" و"فؤاد ماهر" و"نور مهنا" و"مصطفى هلال" و"أحمد خياطة" وغيرهم الكثيرون، وكل هذه الأسماء كانت بدايتها وانطلاقتها من النادي، حيث درست وتعلمت وتخرجت من هنا، واهتم َّ النادي بالجانب المسرحي، وقدم أعمالاً فنية مهمة شغلها الفنانون "غسان مكانسي" الذي تسلم رئاسة النادي لأكثر من دورة و"أحمد مكارتي" و"رضوان سالم" و"عمر شعراني" و"سندس ماوردي".

الحفاظُ على الهويَّةِ الموسيقيَّةِ الأصيلَةِ

ويتابع الباحث "موقع" حديثه لـ"مدونة الموسيقا" موضحاً أن الهدف الرئيس والغاية من تأسيس النادي كانت الحفاظ على التراث وهوية الغناء المحلي والطرب الأصيل الذي تشتهر به مدينة "حلب"، لذلك عمل النادي على إقامة الدورات المتتالية لتعليم الموشحات والقدود والأدوار، ومن أهم المدرسين كان الموسيقي الكبير الراحل "عبد القادر حجار" الذي تتلمذ على يديه خيرة الشباب لتعلم أصول الغناء، وأصبحوا فيما بعد نجوماً على مستوى الوطن العربي، ولاتزال حتى الآن دورات النادي مستمرة لاستقطاب الموهوبين والأعمار الصغيرة لأجل تدريبها وصقلها وتعليمها أصول الغناء والموشحات والقدود، بإشراف الفنان المطرب "صفوان العابد" والذي هو بالأصل من خريجي هذا النادي العريق.

2- الفنان الحلبي صفوان العابد

ولدينا حالياً فرقة كورال خاصة للموشحات والقدود، تشارك في النشاطات المختلفة ضمن فعاليات المحافظة الفنية والاجتماعية والتراثية ونحرص على استمرار هذه الفرقة وتطويرها، وكذلك لدينا دورات للشباب والأطفال لتعليم العزف والصولفيج، بإشراف عازف القانون "غسان عموري"، وعلى العود "عمار حمدية"، وسيتم قريباً افتتاح دورات لتعليم الإنشاد الديني.

يتابع موقع: يقوم النادي بنشاطات متعددة في سبيل الحفاظ على التراث الموسيقي والفني لجيل الشباب، وحيث إن النادي يستقطب كافة الأعمار للخضوع لدورات غنائية وموسيقية مجانية، ومن مهامنا الأساسية وهي قضية مهمة جداً الحفاظ على التراث الغنائي الأصيل، مقابل انتشار موجة الفن الهابط خشية من توسعه، ويقوم النادي أحياناً بإحياء سهرات طربية جميلة يجتمع فيها شيوخ الفن والطرب وتمتد حتى أوقات متأخرة ليلاً.

3- الباحث ماهر الموقّع

استمرارُ العملِ رُغمَ الصّعابِ

ورغم الضائقة المالية التي يعاني منها النادي، ومن أجل تعزيز دور النادي الفني والغنائي بالحفاظ على القدود والموشحات، فإن غالبية المطربين متطوعون لا يتقاضون أي أجر لقاء حفلاتهم التي تقام لمصلحة النادي أو لقاء تدرسيهم فيه.

وهدفنا جميعاً -يضيف الباحث موقع- صقل المواهب الناشئة وتشجيعها، ولدينا حالياً فرقة كورال للأعمار الصغيرة مؤلفة من ٣٠ عنصراً من ذكور وإناث، نقوم بتدريسهم وتدريبهم على الوقوف والغناء فوق خشبة المسرح من أجل كسر حاجز الخوف، ودخول أجواء الغناء بثقة قبالة الجمهور.

فيما قال المطرب المدرس "صفوان العابد": "أفخر واعتز بأنني تعلمت وتخرجت من هذا النادي الفني الغنائي والموسيقي العريق منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وحالياً أقوم بكل محبّة بتدريس الدورات لتعليم أصول الغناء والموشحات والقدود للأصوات الشابة والواعدة والناشئة على مدار العام، وحالياً لدينا فرق شابة للكورال، وكل أعضائها لهم مستقبل مشرق وواعد في الغناء والعزف، ونفخر جميعاً بأن هذا النادي حافظ على هوية التراث والغناء الشرقي الأصيل وخرّج نجوم الطرب، كما أن النادي يُعنى أيضاً بتعليم العزف الموسيقي على مختلف الآلات وحفظ المقامات، وللنادي هدف فني هو نهضة التراث الفني الغنائي كي لا يندثر ويضيع في زحمة تدهور وتواضع بعض الأغاني التي تنتشر بلا رقيب أو حسيب، ولديّ همسة عتب على بعض ممن يغنّون فوق الصرح العظيم -أي مدرّج قلعة حلب- الذي أصبح متاحاً حتى للأصوات العادية وغير الخبيرة والمثقفة موسيقياً.. لذلك أقول إن مَن يريد أن يُغني في قلعة "حلب" يحب أن يكون هو قلعة، وكفى".