بلغة الحب وبأداء متميز ممزوج بالعزف المتقن على آلة البيانو، استطاعت العازفة "نور الكويفاتي" جذب جمهور واسع خلال فترة زمنية قصيرة، لتُدخل إلى قلوبهم السرور والبهجة ولتكون محط أنظار الكثيرين من الموسيقيين والمهتمين. حبُّها للموسيقا لم يأت من فراغ، فقد ترعرعت في كنف أسرة محبة ومتذوقة للفن دعمتها وكانت سبباً أساسياً لانضمامها في هذا المجال الذي ورثته عن والديها (سمير كويفاتي و الراحلة ميادة بسيليس) حتى أصبح البيانو جزءاً لايتجزأ من شغفها وطموحها وهدفاً من أهدافها.

تَشجِيعٌ لِتَعَلُّمِ وَتَعلِيمِ المُوسِيقَا

"رحلة الموسيقا وعزف البيانو كان من اختيار والدي الفنان "سمير كويفاتي" الذي شجعني من عمر سبع سنوات فاقتنيت البيانو الخاص منذ طفولتي حتى احترف العزف عليه باستمرار، لتصبح استمرارية العزف على البيانو خياراً مستقبلياً لي أيضاً".. هذا مابدأت به "نور كويفاتي" حديثها مع "مدونة الموسيقا".

وتابعت: البداية الرسمية عام 1997 عندما التحقت بالمعهد العربي للموسيقا بحلب "معهد صباح فخري"، تخرجت منه في عام 2002 تحت اشراف الأستاذة "عبير الحسيني"، كان لي خلال هذه الفترة عدة نشاطات وشاركت حينها ضمن حفلات كورال المعهد، طفولتي كانت مليئة بالنشاطات الموسيقية سواء في المنزل أو المعهد، كانت الموسيقا دائماً موجودة في بيتنا وبكل زاوية من وزاياه، كان والدي يعزف لنا مقطوعات لفيروز وللموسيقا الكلاسيكية ليعلمنا؛ كان يسمعنا أنا وأخوتي نغمات البيانو.

1- عازفة البيانو نور كويفاتي

عائلتي شجعتني جداً في البدايات، ما أعطاني دافعاً قوياً لموضوع العزف حتى كنا نعزف سوية أنا ووالدي نفس المقطوعة في أكثر من مناسبة عائلية.

بعد التخرج في المعهد العربي للموسيقا أشرف على تدريسي الخبير الروسي "فلاديمير كاسادكين" حتى 2006 حتى قدمت أول حفل صولو 14 مؤلفاً من مقطوعة وعكست صدى جميلاً، وكانت أول تجربة رسمية بتقديم برنامج كامل لوحدي.

2- عازفة البيانو نور كويفاتي

مَخُزُونٌ مُوسِيقِيٌّ مُتَنَوِّعٌ

الاستماع للموسيقا طوّر عندي حسي الموهبة والتميز لتكوين مخزوني الموسيقي -تتابع كويفاتي حديثها- لأن هذا الموضوع يعمل على إغناء ثقافة العازف، وكنت ببداياتي أقلد المقطوعة، ثم أوسع دائرة سمعي للمقطوعات حتى أكون مجموعة أفكار خاصة بموسيقاي، وهكذا كنت أعلم طلابي الذين درستهم الموسيقا سواء في "حلب" أو "دمشق"، وبالإضافة لدراستي الجامعية في كلية الآداب بجامعة حلب- قسم اللغة الفرنسية، تلقيت دروساً موسيقية على يد الموسيقية "سوسانا كاسبريان" بيانو وصولفيج حتى عام 2010، ثم توجهت إلى دمشق ودخلت المعهد العالي للموسيقا، تمرنت ودرست على أيدي موسيقيين كثر منهم "غزوان زركلي" و"سيم قطب" وغيرهما، ما طوّر تنوع الأساليب عندي وطور من أدواتي الموسيقية، التي هي نتيجة تعب وتمرين دائمين عندما كنت طالبة في المعهد العالي للموسيقا، وكانت هذه الخبرة المتراكمة والمتنوعة صدى إيجابياً لصالحي أضاف عندي شيئاً جميلاً وفريداً، لأنني أخذت من كل خبير أسلوباً معيناً خاصاً واستطعتُ من خلالها تأليف مخزوني الموسيقي الخاص والمتجدد.

وتكمل كويفاتي حكايتها: واجهت نوعاً من الصعوبات أثناء تقدمي لامتحانات المعاهد وبعض الحفلات، حيث كنت أشعر برهبة شديدة، وبرأيي كل صعود على المسرح هو بمثابة امتحان سواء بالعزف أو الغناء، لكن مع مرور السنين صقلت شخصيتي الموسيقية أكثر وعشت التحدي بيني وبين نفسي، حتى قررت تقديم برنامج ضخم وكبير في ساحة السبع بحرات في حلب، فعزفت جميع المقطوعات الصعبة، وتعلمت وقتها معنى أن أكون واثقة من نفسي بالرغم أنه لم يسيطر شعور الخيبة مرة في داخلي، هي مجموعة تحديات أتت نتيجة للظروف المحيطة ولابد أن الخبرة والتراكم بالعزف، وتقديم المقطوعات من الأشياء المهمة التي يجب أن يمتلكها كل عازف ناجح.

البِدَايَةُ "مَهرَجَانُ الأُغنِيَةُ السُّورِيَّةُ"

عندي مشاركتان بمهرجان الأغنية السورية 1999 و2001 بأغنيتين على المسرح بعنوان "يا رايح ع البستان" و"يا مدرستي" والفضل الكبير في أداء هذه الأغاني لوالدي، فهو الذي دعمني وقدمني للجمهور منذ الصغر، وشاركت بعدة حفلات بالمعهد العربي للموسيقا سنة 2006 بصالة ضمن كنيسة في حلب 2010، وقدمت تحت رعاية المعهد العالي الكثير من الحفلات، وعزفت على مسرح الحمراء وقدمت حفل صولو بالمعهد كونشيرتو التخرج 2015 وشاركت بعدة حفلات مع والدتي ووالدي تقريباً في كل المحافظات، سافرت معهما، وبتونس عزفنا في مهرجان المدينة من عام 2007 و2010 كعازفة بيانو وشاركت أيضاً مع أوركسترا الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة عدنان فتح الله على مسرح الأوبرا وفي 2018 ديو بيانو في دار الأوبرا مع الموسيقية "راما نصري" قدمنا فيه أعمالاً مكتوبة لآلتيّ بيانو، وفي سنة 2018 تأسست أوركسترا النفخيات السورية بقيادة زوجي الملحن إيهاب قطيش شاركت معهم بأول حفلة عام 2019، كما عملت كمدرسة للموسيقا بمعهد صلحي الوادي صولفيج من 2013 حتى 2018.

وفي الوقت الحالي أقوم بتحضير حفل ليوم الرابع من تشرين الأول 2021 مع أوركسترا النفخيات السورية بمقطوعتين وحفلة بمناسبة عيد الميلاد.

المَشرُوعُ الأَهَمُّ

لكن المشروع الذي أود الحديث عنه هو بعنوان "مشروع فنان" تعليم الموسيقا للأطفال بأعمار صغيرة قدّمناه أنا والمؤسس "حلمي الجراح" والفنان "وانيس مبيض" وهما أساتذان لآلة الكمان، وكانت حقيقة تجربة جميلة لمدة ثلاث سنوات، سواء بالتعليم أو من خلال الحفلات التي أطلقناها، لكن المشروع الجديد هو أنّ والدي سوف يعمل على إعادة إحياء هذا المشروع من جديد "أرتيست بروجكيت" أي تعليم الأطفال العزف على الآلات الموسيقية.

أُمسِيَةُ الديو بيانو

عازفة البيانو "راما نصري" تقول عن "نور كويفاتي": "إنها إنسانة طموحة جداً"، وتتابع: درسنا في الفترة نفسها في المعهد العالي للموسيقا بفارق ثلاث سنوات، ثم اجتمعنا سوية في معهد صلحي الوادي لتدريس الطلاب مادة الصولفيج، ثم اقترحنا تقديم تجربة مميزة للجمهور جديدة وهي "ديو بيانو" على أن يكون العزف سويّة على بيانو واحد فقط! لكنْ وجدنا أن تطوير فكرة العمل لتصبح على آلتيّ بيانو هي فكرة مهمة وفريدة! بالتالي هو عمل أصعب علينا، وعندما قررنا البدء بالتدريبات الجدية كانت الأوضاع العامة في البلد متوترة عام 2018، فتحتم علينا إيقاف البروفا لفترة ثم عدنا بعدها للتدريبات مرة أخرى، واستمررنا لشهور نتدرب جيداً، وصممنا أن نقدم حفلاً ناجحاً في ظل تلك الظروف القاهرة، وأخيراً بعد تجاوزنا كل الصعوبات المختلفة أعلنا عن الأمسية في الربع الأخير من عام 2018 وقدمناه أنا و"نور" وكانت حفلة ناجحة والبرنامج كان متميزاً والأداء كان جميلاً من حيث الانسجام في العزف بشهادة الجمهور الحاضر يومها.

---