في إطار الجهود الوطنية لحفظ الذاكرة السمعية والبصرية السورية، ولملمة المبعثر والمتناثر من المقطوعات الموسيقية، فأن مدونة الموسيقا تعيد إحياء ونشر العديد من المواد المنشورة منذ أعوام على المدونة مدعمة بالفيديوهات صورها فريق عمل المدونة أنذاك.
من بيئة تميل في مجملها إلى عالم الكلمة، وأم لها في القصة شأن كبير، اتجه "ماهر محمود" إلى عالم الموسيقا، هذا العالم الذي هو أشبه بسحر، درسها أكاديمياً، فكان سفير اللحن في الدول الاسكندنافية، في "سلمية" كانت ولادته، وفي المعهد العالي للموسيقا صُقلت موهبته.
موقع eSyria التقى الموسيقي الشاب "ماهر محمود" أثناء زيارته لمدينته الأم "سلمية" وكان معه هذا اللقاء.
الموسيقا علم، وعلاقتها كبيرة بالرياضيات، وكذلك القيم الجمالية، وإذا أردنا أن نختصر القول فيمكن توصيف الموسيقا بأنها دمج بين العلوم الرياضية، والقيم الجمالية
فالبداية كانت حول ميله إلى العزف على آلة العود، فقال: «في الواقع لم أك أهوى العزف على العود، صحيح أن الأهل شعروا بميلي للموسيقا، ولكن عشقي كان العزف على "البيانو"، وبما أن مدينتي كلها لا يوجد فيها من يعلم العزف على هذه الآلة، فما كان مني وأنا آسف إلا آن أتعلم الموسيقا وعلى آلة العود تحديداً، فيمكن أن تقول أنني كنت أكره العود ولكنني اكتشفته رويداً رويداً أثناء الدراسة فتحول الكره إلى حب».
وعن الموسيقا بشكل عام، وكيف يتطلع إليها حسب مفهومه، ومن خلال نظرة أكاديمية، يقول: «الموسيقا علم، وعلاقتها كبيرة بالرياضيات، وكذلك القيم الجمالية، وإذا أردنا أن نختصر القول فيمكن توصيف الموسيقا بأنها دمج بين العلوم الرياضية، والقيم الجمالية».
وعن الدراسة الأكاديمية وهل يمكن أن تحقق المعرفة الكاملة للموسيقي، يقول: «أستعير هنا ما قاله الموسيقار العبقري "بيتهوفن" : "الموهبة هي عشرة في المائة، والباقي فهو عمل ودراسة".. والتاريخ لم يعترف إلاّ بالقلة القليلة ممن يمتلكون الموهبة دوناً عن غيرها، وأذكر أعظمهم الموسيقار "موزارت"، من هنا أقول أن الدراسة هي أهم عنصر من عناصر صناعة الموسيقي، وهذا يندرج على كل الصعد، ولكن دون إغفال دور الموهبة التي توجه المرء بالاتجاه الذي يرغبه».
يعتبر "العود" من الآلات المظلومة في تواجدها ضمن الفرقة، وهذا يعود لمشكلة صنعية، ويضيف في هذا المجال: «عدا عن ذلك أن باقي الآلات تمتلك القوة في الصوت يفتقدها العود، وتنبّه صناع العود فعملوا على تقوية أوتاره بجعل الوتر مزدوجاً بدلاً من وتر واحد، ومع هذا بقيت المشكلة ذاتها، وأنا أرى أن التطوير لا يمكن أن يحدث بكبسة زر، والتعديل يتم بدراسة معايير جديدة، وثابتة لآلة "العود"».
ويتابع: «ومن الأشياء التي جعلت من "العود" يواجه هذه الصعوبة، هو أنه وجد كآلة مرافقة للفنان في كل الشرق، وأذربيجان، وحديثاً بدأ بعض الموسيقيين يسجلون مؤلفات موسيقية خاصة لآلة "العود"، وهناك تطوراً ملحوظاً في دور "العود" ووجوده في الفرقة، ولكنه بطيء بعض الشيء، وهو بحاجة إلى كم ونوع في طبيعة المؤلفات الخاصة به».
وعن واقع الموسيقا العربية، ولماذا تعيش في معاناة الانتشار، يقول: «رغم وجود الكم الهائل من الموسيقيين، ومن المؤلفات أيضاً، إلا أننا نواجه حالة تخلف موسيقية على الأرض العربية، هناك موسيقيين، لكن لا وجود لحراك موسيقي حقيقي، والسبب يعود إلى عدم وجود التمويل، وكذلك الدعم الإعلامي، ومشكلتنا تكمن في الممول الذي لم يصل بفهمه ضرورة الموسيقا في المشهد الثقافي، وهذا يندرج على كل الجهات الداعمة».
ولكن يرى بوجود بارقة أمل على حد قوله: «فالاختلاط مع عوالم موسيقية أخرى يحقق شيئاً من الانتعاش، ما جعل البعض يفكر في ضرورة الموسيقا وأهمية وجودها في حياتنا، لدينا مطربين كثر، لكنهم يعانون من ذات المشكلة».
و"ماهر" يعتب على الجمهور، ولسان حاله يقول: «رغم أنه ينتظر منا الكثير، لكنه ذواق للأغنية أكثر منه للموسيقا الصرفة، وأجد أن الحق معه، لأننا عودناه على الموسيقا الغنائية، موسيقانا العربية غنائية بامتياز، أكثر منها حالات وجدانية، ومع هذا أتوسم في الجمهور خيراً، وهذا ما نلحظه أثناء حفلاتنا الموسيقية، ويعود أمر الذائقة وتطويرها إلى العاملين في هذا المجال، والجمهور في النهاية يمثل حالة استقبال لا أكثر».
ويتحدث عن الموسيقا التصويرية التي بات لها نجومها، وهنا يقول: «الموسيقا التصويرية علم مستقل، لما فيه من تجسيد للحالة، أو للفعل الدرامي الذي يظهر على الشاشة، وبالتالي يمكن القول أن الموسيقا التصويرية تعتمد على الحس الدرامي، وهي بحاجة إلى تجسيد مقنع، ما يشكل صعوبة للبعض».
ويتوقع لنفسه أن يخوض في هذا المجال رغم صعوبته، لأنه بحاجة إلى دراسة وتعمق، رغم متعته.
البطاقة الفنية:
*"ماهر محمود" من مواليد "سلمية" في العام 1986.
ـ خريج من المعهد العالي للموسيقا.
ـ شارك في العديد من الأمسيات الموسيقية، كذلك ورشات العمل الموسيقية.
ـ بدأ الموسيقا في سن العاشرة، وأكملها على يد عازف العود "عصام رافع".
*من مشاركاته:
ـ ورشة عمل مع خبراء من تركيا "محمد بيتماز"، و"نجاتي شيليك".
ـ ورشة عمل مع عازف العود السوري "أيمن الجسري".
ـ ورشة عمل في التأليف الموسيقي مع الخبير النمساوي "ستيفن هول".
ـ مشارك في حفلات عيد الموسيقا.
ـ شارك في ورشة عمل في "الدانمرك" مع أوركسترا الأكاديمية العليا للموسيقا في مدينة "أورهوس". وعدد من الحفلات في المسارح الدانمركية.
ـ شارك كمغني "تينور" مع كورال المعهد العالي للموسيقا بإشراف البروفسور "نيكتور بابنكو" .
ـ شارك في حفل افتتاح الأسبوع الثقافي الدمشقي في العاصمة الأردنية "عمان" عام 2007.
ـ ورشة عمل في "النرويج".